د. أحمد عثمان خالد.: ٭ منذ مجزرة القردود في عام 1985 اصبحت هناك قضية اسمها جبال النوبة احتلت هذه القضية مساحة مقدرة من الاعلام المحلي والاقليمي والدولي خاصة بعد انفصال دولة الجنوب التي ناضل عدد من أبناء النوبة ولا زال يناضل معها لينال حقه المسلوب في المال والسلطة والتنمية- حسب زعمهم- وقد عزز هذا الاتجاه خطاب السيد رئيس الجمهورية الذي اعترف بظلم النوبة، داخل الحركة الشعبية الأم هناك الحركة الشعبية قطاع جبال النوبة الذي كان يرأسه يوسف كوة ويتحدث باسم قضايا النوبة وذلك قبل أن يفوض زعيم الحركة الشعبية آنذاك الدكتور جون قرنق في اجتماع كاودا المعروف فمنذ ذلك الحين ذابت قضية جبال النوبة في الاطار العام للحركة الشعبية حتى أنه ينسب لسلفاكير أنه قال لأبناء النوبة بعد انفصال دولة الجنوب ان النضال المشترك بين الجنوبيين والنوبة كان عبارة عن نفير وانتهى بمعنى كل زول يرجع محلو أو بيتو، وبالتالي لم يجن أبناء النوبة من الحركة الشعبية بنضالهم الطويل معهم سوى بعض الوزارات الهامشية، ولم تقدم لهم الحركة الشعبية في مجال التنمية شيئا يذكر في عهد جلاب أو دانيال كودي، بل كل الذي قدم كان عبارة عن تعبئة سالبة تحت مسمى التهميش دون التدقيق في معنى العبارة، بل لم تقدم رؤية متكاملة عن التنمية في جبال النوبة، هذه الملابسات والأسباب في اعتقادي كانت السبب الرئيس في أن يفكر المؤتمر الوطني في قيام جسر خاص لأبناء النوبة داخل الحزب ليكون أقرب الى الأهل والعشيرة من باب «وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه» خاصة بعد أن انضم عدد كبير من أبناء النوبة بالداخل للحركة الشعبية ظناً منهم أنها صادقة في دعواها باسم التهميش وإنصاف المظلومين وإعطاء المحرومين، فاستوجب ذلك قيام جسم خاص باسم أبناء النوبة لانتشال بعض المغشوشين ومعالجة الرواسب لبعض العائدين من صفوف الحركة الشعبية بعد التضليل المتعمد الذي مورس عليهم بالاضافة الى هذا فإن الظروف الأمنية خلقت وضعاً خاصاً يستلزم قيام جسم مثل هذا ليكون قريباً من مشاكل الأهل والعشيرة، ولأول مرة أعرف أن اللجنة السداسية تعمل في مجالات أخرى غير المجال السياسي وبصورة منهجية وإحصاء دقيق بالذات في المجال الاجتماعي والتعليمي، وفي الجانب الاجتماعي هناك حركة نشطة وسط قطاع المرأة تخوضها الناشطة السياسية بثينة جودة والاستاذة سعاد دشول، وفي الجانب التعليمي تقدم اللجنة منحا دراسية مجانية بالجامعات والمعاهد العليا لكل أبناء الولاية دون النظر الى قبائلهم باعتبارهم أبناء منطقة واحدة وقع عليها ضرر ولا يجوز التفريق بينهم للاعتبارات الاثنية. من حسن الصُدف النادرة بالنسبة لي أن التقي مع أخ عزيز وزميل دراسة من أبناء النوبة وكان محور حديثنا عن جنوب كردفان ومشاكلها، فأقول له جنوب كردفان، ويقول لي جبال النوبة، فقلت له يا صديقي لا بأس هذا خلاف لفظي في تقديري واتفق معك لحين في مسماك، لكن ما إن وصلنا الى نقطة الحديث حول اللجنة السياسية لابناء جبال النوبة حتى هاج صاحبي وماج وكال للجنة بأكثر من مكيال، لكن ما توصلت اليه مع صديقي العزيز أن له مواقف شخصية مع بعض القيادات من أبناء جلدته في اللجنة ومدفوع من جهات أخرى نافذة، وحزنت لحظتها أيما حزن لموقف صديقي هذا الذي أعزه وأكن له كل احترام وتقدير أن تقوده المواقف والتقديرات السياسية لهذا الاتجاه السالب، رغم أنني لست من أبناء النوبة نسباً لكن منهم موطناً وجغرافيا وصداقات قديمة بيننا وبينهم. لا أشك أبداً أن اللجنة السياسية لها جهد مقدر هم أعرف به مني لكن لو حصرت نفسها على المحور الاجتماعي والتعليمي الذي أشرنا اليه لكفاها ذلك، ونسأل أنفسنا جميعاً هل اللجنة غاية أم وسيلة؟ فهى لا شك وسيلة لغاية كبرى هى لم شمل أبناء النوبة وادخالهم في منظومة الوحدة الوطنية بعد الذي تعرضوا له من تشوهات فكرية وثقافية خلال فترة الحرب، لو أننا تتبعنا المواقع الاسفيرية لوجدنا جملة من المسميات باسم النوبة منظمات ومراكز ولجان كلها تعمل في إطار جبال النوبة وربما تدعم بهذا الاسم على مستوى العالم وهذا قد يكون من حقها كمنظمات مجتمع مدني، لكن في المقابل نجد أن بعض أبناء النوبة أنفسهم يعترضون على أداء اللجنة السياسية دون مبررات منطقية، ربما كان هؤلاء في صلب التنظيم السياسي «المؤتمر الوطني» الذي رأى ضرورة قيام جسم كهذا يدعم خطه السياسي ولعل اللجنة السياسية هذه من بنات أفكار الدكتور نافع الذي له اهتمام خاص بقضية أبناء جبال النوبة وكيفية حلها، خاصة بعد أن هاجرت أعداد كبيرة من أبناء النوبة الى ولايات السودان المختلفة واستقرت في بعض المدن الشمالية فهذه الشرائح إما أن تجد آلية تهتم بأمرها وترشدها وتحاول ادماجها في المجتمعات الجديدة وإما أن تُترك للمنظمات والجمعيات ذات الاهداف المشبوهة لتتغلغل في داخلها وتحول مسيرتها نحو الاتجاه السالب، فنحن جميعاً نعلم أن الاوضاع غير الطبيعية لها تقديراتها واستثناءاتها في التخطيط الاستراتيجي والسياسي وبالتالي فإن أداء اللجنة السياسية يأتي ضمنياً في هذا الاطار، لكن ما أن تعود الحياة لطبيعتها حتى تعود كل الأشياء والتقديرات الاستثنائية الى وضعها الطبيعي، وإني لاعيب على اللجنة السياسية عدم قدرتها توصيل رسالتها الكلية الى أبناء الولاية بصفة خاصة وأبناء السودان في الداخل والخارج بصفة عامة حتى يكونوا على بصيرة بالجهود التي تقوم بها اللجنة السياسية فمن القواعد المعروفة في علم المنطق أن من جهل شيئاً عاداه، لذلك أعتقد أن مهمة اللجنة السياسية في هذا الظرف وفي هذا التوقيت على وجه التحديد في ظل القيادة السياسية الجديدة بالولاية يحتم عليها القيام بجملة من الأهداف والبرامج الاستراتيجية التي يمكن ان تقرب المسافة بين حكومة الولاية وحاملي السلاح بجبال النوبة، ولابد أن تخرج اللجنة بكل برامجها السياسية والاجتماعية للولاية لدعم خط السلام من الداخل فاذا ما جاء السلام فلا حاجة لنا في لجنة سياسية خاصة ولا حتى مجلس إسلامي خاص بأبناء النوبة فهذه المسميات مرحلية اقتضتها ظروف استثنائية تزول بزوال الظرف لكن حتى يزول الظرف فلابد من تكامل الادوار بين جميع أبناء الولاية للوصول للهدف المشترك وهو تحقيق السلام أما تغريد بعض أبناء النوبة خارج سرب مؤسسات ارتضاها التنظيم وباركتها الدولة فيعتبر تفلتاً يوجب الحساب والعقاب بالضبط كما يحاسب المتفلتون في الاندية الرياضية والناشزون في المجلس الوطني وهلمجرا.