لعلَّ المغترب السوداني أكثر الناس شقاءً، رغم زيف الدعة والرفاهية، فقد ترك والديه وأسرته في مقتبل عمره بعدما شحت بلادنا وأصابتها الندرة، فذاق مرارة الفراق ولوعته، ثم جلس في بلاد الاغتراب بعدما طالت فاقة بلادنا، وتزوج وكون أسرته التي كتب لها أن تعيش خارج الوطن، فحرم الصغار من مصاحبة أقرانهم والنمو وسط أهليهم وذويهم، وحرموا من تراب الوطن، ثم كبر الصغار ودخلوا الجامعات في السودان، فكتب للأسرة أن تتجزأ في سفرات ماكوكية بين الوطن وبلاد الاغتراب، ثم تزايد الذين دخلوا الجامعات، مما حتم على ربة الأسرة الانضمام لهم لتقوم بواجب الرعاية، بينما ظلَّ رب الأسرة يقوم بواجب التمويل، وبذلك كتب عليه أن يفارق والديه وأسرته في شبابه، وأن يفارقه أولاده وأسرته في كبره، ويعود لعيشة «العزابة» وقد تجاوز الخمسين من عمره، فكانت هذه الأبيات عبارة عن «هضربة عزابي مغترب» نهديها للفنانة المبدعة ندى القلعة المولعة بالاجتماعيات. البعيش عزابي غير أسرة يموت والله بالحسرة مكلوم نفسيتو منكسرة وجروحو الكامنة ما بتبرا ٭٭٭ صورة أولادو منحصرة في دواخلو منتشرة ما أبدلت اليسر بالعسرة يبصم والله بالعشرة ٭٭٭ يعدي أيامو بالكشرة تضيق الواسعة منعصرة وين الفرحة والنترة وهو لا ملحة لا كسرة ٭٭٭ زهورو الفايحة بالعطرا يبست جافت النضرة يسرح بالخيال ذكرى ست بيتو فجعتو الكبرى ٭٭٭ يضيق يرسل الزفرة حياتو الماشة بالدفرة تجول الخاطرة والنظرة تخنقو الوحدة والعبرة ٭٭٭ حزين ما بتسعفو الفكرة والدتو وأخوانو والعشرة خسران فاقد الخبرة البعيش مصادم الفطرة ٭٭٭ يقوم يصارع الفترة تحيطو الكآبة والغبرة يا ربِّ تلهم الصبرا هو لا يجن ولا يسهى ٭٭٭ يا ربِّ يا صاحب القدرة تزيل الفاقة والندرة تحل قيدي والأسرا وتجمع شملي بالأسرة