من الواضح بحسب ارتفاع درجات الحرارة بالبلاد خلال الشهر الماضي والذي يليه اننا موعودون بخريف ساخن وممطر وان الذين يهتمون بالزراعة سيكونون اسعد الناس بخريف هذا العام وهو بالنسبة لهم « خريف أبو السعن » كناية عن الخيرات الكثيرة المتحققة ، وبالمقابل سيكون سكان المدن من أشقي الناس بالخريف لانه يعصف بكافة الخدمات التي يعتمدون عليها ويغير بيئة حياتهم نحو الأسوأ فيتكاثر البعوض في البرك في وسط الأحياء ووسط شارع الاسفلت ايضاً وتنقطع الكهرباء وتتبعها المياه ويتكدس الناس علي نوافذ افران الخبز ، ومن لوازم الخريف الماطر انه يفضح قصور السلطات المحلية في المدن الكبيرة الجميلة مثل الخرطوم وعادة ما يدخل مسؤولو الولاية المختصون في جحر ضب أمهق كلما ارعدت السماء وأبرقت وانذرت بهطول الامطار وكلما بكت السماء الدموع السخينة الحميدة ولذلك من المهم جداً ان نناقش استعدادات الولاية لخريف هذا العام خاصة وان حكومة الولاية الجديدة برئاسة عبدالرحمن الخضر تجد نفسها في ظرف حرج وهي في طور التكوين ومطلوب منها ان تكون علي قدر التحدي وتقوم بواجباتها تجاه السكان دون ان ترمي باللائمة علي حكومة الولاية السابقة بانها لم تعد العدة بفتح المصارف ومراجعة الردميات علي النيل في الاماكن الحرجة التي عادة ما تهاجمها امواج النهر كل عام فيبكي السكان دموع المعاناة ويضطرون للنزوح والهروب باتجاه شوارع الاسفلت . ان والي الخرطوم الجديد يجب الا يعتقد ان الفوز بحكم الولاية عبر الانتخابات اياها سيكون نزهة جميلة مأمونة العواقب ، ان المسؤولية الحكمية تتطلب السهر المتواصل من اجل رعاية مصالح الناس وليس البحث عن المكاسب ومكسب الوالي الشخصي يجب ان يبحث عنه في يوم القيامة حينما يقوم الناس لرب العالمين دون ان ينبري احدهم او جماعة من الناس للامساك بتلابيب الوالي ويجأرون بالشكوي انه هدم مساكنهم وأضاع أثاثهم وشرد عيالهم لأنه لم يقم بالواجب تجاه اعداد الولاية لمقابلة فصل الخريف ، لقد شهدت ولاية الخرطوم طوال عهود ولاة الانقاذ اعواماً من العذاب كلما جاء خريف وانقلب آخر ، وما تزال اراشيف التلفزة والاذاعات والصحف تحتفظ بصور حزينة تفضح قصور السلطات الولائية سواء علي صعيد رئاسة الولاية او المحليات التابعة لها ، قصور ضاعت بسببه الارواح والممتلكات وهرع الوالي آنذاك بعد فوات الأوان ليحدث الناس عن التعويضات وهي « أحجية » معهودة الهدف منها تبرير القصور ودفن الأخطاء ومحاولة للهروب من الاجابة علي السؤوال المنهجي . . لِمَ لم تسو لها الطريق ياعمر ؟. ان الخريف علي الأبواب والمدارس كذلك وبحسب المعطيات فان حكومة ولاية الخرطوم التي لم تكمل بعد اختيار وزرائها ودستورييها ولواحقهم ربما تجد نفسها في موقف لا تحسد عليه حينما تتلبد السماء بالغيوم ويكفهر الجو وتهطل الامطار بغزارة فتجرف معها الأخضر واليابس وتتجمع المياه في وسط شوارع الاسفلت وتعجز عربات الوالي « السابق » التي ربما يلجأ اليها الوالي « اللاحق » عن شفط المياه للسماح بمرور عربات المسؤولين عوضاً عن المواطنين وحينها لن يسعف الوقت لانجاز غداء أو عشاء عمل ولن يكون هنالك مفر من تقديم الكثيرين لاستقالاتهم ان كانوا حقاً جاءوا عبر الجماهير لخدمة الجماهير .