سلوى شابة في مقتبل العمر، أو لعلها كانت كذلك قبل سبع سنوات يوم أن تقدم أهل كمال لخطبتها. وكان كمال يومها في بواكير شهوره في بريطانيا حيث يقيم بانتظار منحه هوية لجوء سياسي، وقد عاد إلى السودان بوثيقة سفر اضطرارية لأنه إن ثبت دخوله السودان تنتفي كل أسباب اللجوء السياسي. جاء إلى السودان بغرض محدد هو عقد قرآنه على سلوى يتابط أوراق اعتماده بوصفه مغترباً في بلاد الإنجليز، ولم يتوقف أهل سلوى كثيراً في الأمر، إذ راح يبيعهم الوهم الكاذب بأنه يعمل هناك، وأن الأمر لا يتعدى شهر أو شهرين لتلحق به عروسه إلى عاصمة الضباب. وأقيمت الأفراح ونصبت السرادق واصطحب كمال عروسه إلى بورتسودان لقضاء شهر العسل، وغادر بعدها إلى بريطانيا تاركاً سلوى تجتر سراب اللحاق به وفي أحشائها جنين. سبع سنوات مرت على هذه الزيجة وشباب سلوى يذوي وآمالها تخبو ووليدها يحبو ثم يمشي ثم يدخل المدرسة دون أن يرى أباه. ونال كمال هوية اللجوء السياسي وراح يتسكع في لندن لسبع سنوات، وما عاد يكترث حتى بالنظر إلى صور زوجته وابنه..!! عائشة طالبة جامعية جاءها فارس الأحلام بواسطة إحدى جاراتها التي راحت تروج لبضاعتها بأن العريس مهندس يعمل بإحدى دول الخليج. وجاء العريس يطرق الباب خاطباً، وقد انبهرت عائشة ببهاء طلته ووسامته وعربته المستأجرة، وأدركت حينها أن سعد أيامها لن يكون إلا مع هذا العريس. لفت نظرها، وهي التي تدرس الجامعة بكلية علمية، أن العريس قليل الزاد بالمعارف العلمية رغم كونه مهندساً، ولكنها تجاهلت الأمر وراحا معاً يغزلان أيام المستقبل الزاهية. وأيضاً أقيمت الأفراح ونصبت السرادق وغادرت عائشة مع زوجها إلى القاهرة لتمضية شهر العسل. وعادت بعده للسودان بمفردها وغادر العريس إلى الخليج على أمل استخراج الإقامة لها لتلحق به هناك. ومرت الشهور وتوالت أكثر من ثلاث سنوات والعريس يحضر بضعة أسابيع في كل سنة يمضيها معها في منزل أهلها وهو يوصد التساؤلات بسلسلة من الأكاذيب.. مرة يتحجج بتغير العمل وتارةً بتغير الكفيل، إلى أن صفعت الحقيقة وجه عائشة وأهلها، وتبخر لقب «مهندس» ليستحيل إلى عامل فني لا يتيح له مؤهله استقدام زوجته. وبعد أربع سنوات بدأ ماراثون مفاوضات الطلاق والعريس يطالب بكل مليم صرفه، وفوق ذلك يطالب بخلو رجل..!! سلوى وعائشة قصتان من الواقع... ولا تعليق..!!