في أعمار باكرة من عمر الطفولة تكثر الخلافات بين الأشقاء وعادة ما تكون الأسباب بسيطة ويمكن تفاديها بسهولة لتتم معالجة للمشكلة في حالة وجود شخص يدرك كيفية تقريب وجهات النظر بحل جذور المشكلة لكن في حالة عدم وجود ذلك فإن المشكلات الصغيرة تكبر ثم تتراكم فوق بعضها البعض لتشكل مشكلات كبيرة يصعب حلها بأي حال من الأحوال وقد يتفاقم الأمر لتكون النتيجة قطع صلة الرحم نهائيا.. الاحترام هو الأساس كان الألم بداخل «محمد» كبيرا، والمشاعر محتدمة، والكثير من الشعور بالخذلان يتضخم بداخله، فشقيقه الأكبر لا يحترمه، بل ولا يفوت فرصة إلا ويحتقره على الملأ رغم محاولات التقرب التي يبذلها .. يتفنن في إختيار الألفاظ الجارحة ويتزايد الأمر في المنزل، يشعر محمد دائما بوجود فجوة بينهما تتسع مع مرور الزمن ولا يمكن أبداً ردمها ويبدأ يفكر في الإبتعاد عن أخيه الوحيد الذي منذ أن كبرا سوياً وهو لا يحترمه ويسئ إليه، خاصةً أمام الآخرين، ويقلل من إمكانياته، وسلوكه، وطموحاته.. «محمد» دائماً يفكر ويحاول معالجة الأمر تارة بالصبر وتارة بالتفكير وتقليب المواقف على كافة جنباتها عساه يصل إلى حل وفي كل مرة لا يجد طريقا يقوده وأخاه للتصافي والإتفاق في النهاية وعندما عجز عن مواصلة الصبر إرتفع حاجز الخصام بينهما وإنقطعت الصلة بعد أن بلغ شقيقه أربعين عاما وكان هو يخطو بتؤدة تلقائها. أسباب بسيطة ولكن.. المشكلات تبدأ بسيطة يمكن أن تكون على قطعة شكولاتة أو لعب أو فستان أو نحو ذلك لكنها تتراكم بمرور الأيام والسنوات لتكبر كرة الثلج وتصبح إحساسا داخليا تدعمه مواقف عديدة يضعها الفرد في الحسبان ذلك هو ما أوضحته الباحثة النفسية نجاة محمد أحمد والتي زادت أنه لابد من أن يكون الأساس في معاملة الوالدين لأبنائهم هو العدل والمساواة وتقدير إحتياجات الأبناء ومتابعة العلاقات بينهم أولا بأول والعمل على تحقيق أمنياتهم وتلبية متطلباتهم دون الميل لأحدهم وترك الآخرين حتى لا يفتحوا الباب لمشكلات تتعقد في المستقبل وتكون عواقبها وخيمة. وتوضح نجاة محمد أحمد أن إحترام الاخوة لبعضهم لا يمكن أن يكون متأصلاً وموجوداً إلاّ حينما يكون الوالدان قد خلقا تلك القاعدة في التعامل بين أبنائهما منذ الطفولة، مبينةً أنّ هناك من الوالدين من يزيد من تفاقم قلة الاحترام بين الأشقاء، بسلوكيات غير صحيحة دون أن يروا الجانب غير الإيجابي في الأمر ويبدو ذلك جليا في طريقة تعاطي الوالدة في حالات كثيرة مع الإبنة الصغرى بمنحها دائما دلالا مفرطا مما يدفعها إلى تجاوز الإحترام مع اخوتها، فحينما تتلفظ بكلمة غير جيدة أو حينما تتصرف بشكل غير لائق فإنها تمنحها الكثير من العذر وتبرر لها أخطاءها، حتى تفاقم الوضع إلى أن أصبحت تلك الأخت تقلل من إحترامها لإخوتها بشكل غير مقبول أبداً ذلك على سبيل المثال،وزادت نجاة محمد أحمد أنّه في الوقت الذي تخشى فيه دائماً الفتاة من أخيها الكبير وتطلب وده وتتعاطى معه باحترام كبير لأنّه يقوم مقام الأب، فإنّ الأخت الصغرى تتعامل بطريقة سيئة جداً مع الشقيق الأكبر، حتى أنها ترفع صوتها بطريقة غير لائقة الأمر الذي يدفعه للخرج من المنزل حتى لا يصطدم معها في ظل وجود تبريرات الأم. دراسة حالة.. وفقا لدراسة حديثة فإنَّ المُشاجراتِ التي تدور بين الأشقَّاء يُمكن أن تُؤدِّي إلى القلق والاكتئاب وضعف إحترام الذات، حيث درس باحِثون من جامعة ميزوري حالات (145) زوجاً من الأشقَّاء تراوحت أعمارُهم بين 12 و 15 عاماً، خلال فترة إستمرَّت عاما كاملا ووجدوا أنَّ مُعظمَ مُشاجراتهم كانت تدور حولَ المُساوَاة والإنصاف والعدل مثلا دور كلِّ واحد منهم في إفراغ غسَّالة الصحون أو التعدِّي على خصوصية المكان (مثل استعارة الملابس من دون إذن صاحبها). ووجد الباحِثون أنَّ الأشقاءَ الذين دخلوا في مُشاحناتٍ حولَ المُساواة والإنصاف كان لديهم مُستوياتٌ مرتفعة للاكتئاب بعدَ عام واحد؛ بينما كان الأشقَّاء الذين دخلوا في مُشاحناتٍ حولَ مسائل خصوصية المكان أكثرَ قلقاً وأظهروا ضعفاً في احترام الذات. كانت مستوياتُ القلق أكثرَ بين الاخوة الأصغر في مواجهة الاخوة الأكبر، وبين الفتيات في مواجهة الاخوة من الأولاد؛ بينما ظهر نقصٌ أكثر في احترام الذات بين المراهقين في مواجهة أشقَّائهم من الجنس الآخر، وفقاً لما ذكرته الدراسة وجد أيضاً الباحِثون أنَّ المراهقين الذين كانوا أكثرَ اكتئاباً وقلقاً خاضوا مُشاجراتٍ أكثر مع أشقَّائهم بعد عام بينما إنخفضت نسبةُ المشاجرات بين المراهقين الذين كانت مستويات إحترام الذات لديهم أقلَّ. قالت المُعدَّةُ الرئيسيَّة للدراسة نيكول كامبيوني بار، الأستاذة المُساعِدة في علم النَّفس بجامعة ميزوري: «قد تُساعِدُ نتائجُ دراستنا الأهلَ وعُلماء النَّفس ومن يعمل في مجال تقديم الدعم للمراهقين على فهم أنَّ الخِلافات بين الأشقَّاء لا تحدث كلُّها بالتساوي». ومن المُمكن تجنُّبُ المُشاحنات بين الأشقَّاء عن طريق إدراك أنَّ المُراهِقَ يرغب في مزيد من الخُصوصيَّة، لأنَّه في عُمر يسعى فيه جاهِداً لنيل إستقلاليَّة أكثر.بالإضافةً إلى أن التبادل المُنظَّم في الأعمال المنزليَّة والإنصاف في الوقت بالنسبة لإستخدام بعض أجهزة المنزل مثل الكمبيوتر وألعاب الفيديو على قطع الطريق أمامَ الأشقاء لمُقارنة أنفسهم مع الآخرين بطريقة سلبيَّة. والمشاجرات بين الأشقاء تحدث بشكل تلقائي في عدد كبير من الأسر وقد وجدت الدراسةُ إرتباطاً بين بعض من مسببات الخِلافات والمشاكل التي تحدث في المزاج، لكن لم تُظهر علاقة سببٍ ونتيجة.