«1» إننا نشيد باهتمام السيد / الصادق المهدي بالتصدي لكل القضايا الهامة على المستوى العالمي والاقليمي ومنها قضايا المياه على الصعيدي العالمي والاقليمي والعربي والافريقي، ولكننا نرى ان معظم ما طرحه من آراء حول قضية مياه النيل لم تكن مؤسسة على حيثيات صحيحة. «2» أشار السيد الصادق الى انه يدعو لمبادرة شعبية تشكل مناخا وفاقيا وليس صداميا تغير لغة التمهيد للحروب ونفض انما تنادي به دول المنابع انما هو مؤامرات اجنبية واتهم وزارة الري بعدم الوعي وغياب التفكير الاستراتيجي وقصر النظر والعمل للمصلحة الذاتية والتلكؤ على الصعيد الرسمي، الصمت وعدم الدراية ماذا يفعلون إلخ... الرد.. وأننا في السودان ظللنا على الصعيد الرسمي ندعو للوفاق والبعد عن الصدام وعن لغة الحروب وعن اتهام اشقائنا في دول الحوض بقيامهم بمؤامرات اجنبية. اما عن اتهاماته لوزارة الري نود ان نؤكد ان وزارة الري منذ انشائها وحتى اليوم ظلت تزخر بخبرات تتميز بالوعي المائي تتميز كذلك ببعد النظر وعدم التلكؤ على الصعيد الرسمي وعدم الصمت ،لان الحديث ينبغي ان يكون على قدر حجم القضية المطروحة والقضية المطروحة هي ان دول المنابع وقعت على اتفاقية اطارية لا تعترف بالمشروعات القائمة فعلا في السودان وقلنا هذا مرفوض وغير منطقي ولا يقره القانون الدولي، وقالت انها لا تؤمن بالاخطار المسبق وقلنا ان هذا مرفوض، لانه يتعارض مع القانون الدولي والمنطق السليم.. اما كلما اثير من موضوعات اخرى من كتاب ومحللين كثيرين فهي آراء حرة نحترمها وانما اثاره بعض اولئك الكتاب من آراء مخالفة فاننا نرد عليها ضمنا في اطار ردنا على اتهامات السيد / الصادق المهدي لوزارة الري والموارد المائية. أما اتهامه بغياب الفكر الاستراتيجي فنود ان نؤكد له ان لدى وزارة الري استراتيجية للتعاون مع دول حوض النيل منذ بداية الستينيات وتم وضعها على ارض الواقع في اطار مشروع الدراسات لحوض البحيرات الاستوائية الذي استمر منذ عام 7691م حتى اواسط التسعينيات وكان ذلك بمبادرة السودان وافقت عليها مصر ثم وافقت عليها دول حوض النيل بالهضبة الاستوائية واقنع السودان اثيوبيا ان تنضم لذلك التعاون بصفة مراقب وقد حدث ذلك فعلا ثم انشأنا منذ عشرين عاما اللجنة السودانية الاثيوبية المشتركة لمياه النيل وظل التعاون مع اثيوبيا قائما في ذلك الاطار ثم قمنا بتطور الاستراتيجية الخاصة بمياه النيل عند وضع الاستراتيجية العشرية 1992 2002م ثم في اطار الاستراتيجية الربع قرنية ثم عملنا مع وزارة الخارجية وفي جهاز الامن القومي لانشاء ادارات لاستراتيجيات المياه في وزارة الخارجية وفي جهاز الامن وكان السودان اول دولة من دول حوض النيل تضع سياسات مائية واستراتيجية واضحة المعالم بشأن مياه النيل وهذا كله يدحض اتهام السيد الصادق لوزارة الري بانعدام التفكير الاستراتيجي. «3» اخطأ السيد الصادق حين وجه اتهامه باننا نرفض التوجهات المفيدة التي تنص عليها الاتفاقية الاطارية وهي «1» عدم تسبيب الاذى لاي طرف في الحوض و«2» اي اجراء يتخذ من اي جهة يجب ان تعلم به كل الاطراف لتجنب الضرر و«3» هنالك آليات لفض الخلافات سلميا و«4» تم وضع تصور لمفوضية مشتركة بين دول الحوض وتنمية موارد مياه النيل والسلامة البيئية النيلية. ونود ان نرد على اتهام السيد الصادق بأننا نحن في السودان ومصر الذين بادرنا بهذه التوجهات المستمدة من قانون المجاري المائية للامم المتحدة واقنعنا بها دول المنابع وضمناها في بنود الاتفاقية الاطارية وهناك اتفاق وتوافق تام بشأنها من كل دول الحوض، واذا كان هنالك اي رفض لاي منها فهو ليس من جانب السودان ومصر بل ان السودان استضاف مقر السلامة البيئية النيلية في الخرطوم ولذلك فان اتهام السيد الصادق لنا بأننا نرفض تلك التوجهات غير صحيح. «4» اشار السيد الصادق الى ان مواقف دول المنبع ليست عدائية ونؤكد له كذلك ان مواقفنا الرسمية لم تكن ولن تكون عدائية واننا لن نسمح بالتدهور. «5» وجه السيد الصادق اتهامه باننا نواجه بالرفض والاتهام كلام دول المنبع عن انهم اي دول المنبع يحترمون الحقوق المكتسبة ويطالبون بحقوقهم. ونود ان نرد على ذلك بأن حديث السيد الصادق غير صحيح حيث اننا وافقنا على تضمين نص حقوق الامن المائي لكل دول الحوض في البند «14 أ» و«14 ب» من الاتفاقية الاطارية ولكن دول المنبع عادت ورفضت تضمين البند «14 ب» الذي ينص على عدم احداث آثار سالبة على الاستخدامات والحقوق الحالية اي الحقوق المكتسبة، وهذا هو منشأ الخلاف الاساسي بين ما تسمونه دول المنبع ودول المصب «اي عدم الاعتراف من جانب دول المنبع بالاستخدامات والحقوق الحالية» بينما اكدنا نحن لهم على حقوق الامن المائي لكل دول المنابع. ولذلك فان اتهام السيد الصادق لنا غير صحيح. «6» اما عن اتفاقية السيد الصادق المكونة من 26 بندا التي نادى فيها بمبدأ قبول المخاصصة وفتح الباب للمزيد من المياه واستقرار في توزيع المياه حاليا والتعاون لانتاج الطاقة الكهربائية في مرتفعات اعالي النيل، وان يستثمر كل طرف حصته في اراضي السودان الخصبة بالمزارعة حسب حصص كل دولة في المياه لتحقيق الامن الغذائي... فإننا نود ان نوضح للسيد الصادق ان موضوع المخاصصة له معايير وضعها القانون الدولي للمياه المشتركة مؤسسة على مدى حاجة الدولة الفعلية من تلك المياه ومؤسسة على حجم المياه المشتركة اي انه لا تعطي الدولة حصة وهي ليست في حاجة اليها لتبيعها للدول الاخرى فهذا يتعارض مع القانون الدولي ومع المنطق السليم، اما المزارعة لتحقيق الامن الغذائي فهذا ممكن ولكن اذا قرأنا الواقع في حوض النيل نجد ان دول المنابع ليست في حاجة لهذه المزارعة في اراضي السودان لان لديها امطار غزيرة واراضي شاسعة يمكن زراعتها بالامطار وان حاجة دول المنابع لمياه الري التي تمت دراستها وتحديدها فهي محدودة للغاية. اما عن دعوة السيد الصادق لانشاء مشروعات الطاقة الكهربائية بأعالي النيل فإن هذه موضوعة في خطة وزارة الري منذ الستينيات وكان من المفروض ان تبدأ بانشاء خزان بيدن ببحر الجبل عام 1983 ولكن التمرد حال دون ذلك فهو ليس اقتراحاً جديداً من جانب السيد الصادق ونشكره عليه. «7» اتهم السيد الصادق وزارة الري بأنها اصدرت تعليمات ان لا يحضر منها شخص المنتدى واتهمها بالغباء واتباع سياسة النعام وهذه كلها اتهامات غير صحيحة ونرجو منه ان يعطينا اسم شخص واحد قال له ان وزارة الري منعته من الحضور اذ ان الحضور هو قرار يتخذه الشخص بمحض ارادته، ونؤكد له ان وزارة الري ليس بها غبي واحد ووزارة الري لم تسلك سياسة النعام بل اوضحت وجهة نظرها فيما يدور بجلاء ووضوح تام هو انه ما دامت اتفاقية دول المنبع لا تعترف بالحقوق والاستخدامات والمشروعات القائمة فعلا فان السودان لن يوقع مثل هذه الاتفاقية الاطارية التي تستبعد البند «14 ب» اذ كيف يشارك السودان في اتفاقية لا تعترف بأن هناك شيئاً اسمه مشروع الجزيرة ومشروع الرهد ومشاريع الطلمبات القائمة وخزان الرصيرص وخزان سنار وخزان جبل اولياء وخزان مروي وخزان خشم القربة؟ هذا هو منشأ الخلاف وعليه فان السودان لن يوقع على مثل هذا الاتفاق الاطاري الا اذا تم الاتفاق والتوافق بين دول حوض النيل على نقاط الخلاف وهذا الخلاف ينسف مبادرة حوض النيل الا اذا تم تحويل المبادرة الى مفوضية لاستقطاب التمويل والاشراف على تنفيذ المشروعات التي ترغب دول حوض النيل كل دول حوض النيل في اقامتها دون تسبيب ضرر وهذا ما طرحناه في الرسالة الرئاسية التي سلمناها من رئيس الجمهورية الى رؤساء جمهوريات دول المنبع وناقشناهم فيها. اما بنود الاتفاقية الاطارية الخاصة بالاخطار المسبق واتخاذ القرارات بالتوافق مقدور على الاتفاق عليها ولكن اكثر من 95% من البنود الاخرى متفق عليها بين كل دول الحوض. «8» اتهم السيد الصادق وزارة الري بالضعف الداخلي والضعف الخارجي ونؤكد له ان هذه الاتهامات غير صحيحة اذ انه بالنسبة لاسبقية تعلية خزان الرصيرص وانشاء خزان اعالي عطبرة والستيت فالتقصير ليس من وزارة الري وانما من كل الحكومات الحزبية والعسكرية التي تعاقبت على حكم السودان في فترة ما بعد ثورة اكتوبر وفي فترة مايو وفي فترة ما بعد الانتفاضة حيث كان التمويل متاحا اكثر مما هو عليه بعد التسعينيات. اما عن اتهامه لوزارة الري بالضعف الخارجي في معالجة مشكلة الاتفاقية الاطارية لدول حوض النيل فاننا نرجو منه ان يسأل كل ممثلي دول حوض النيل الاخرى والخبراء الامريكان والاوروبيين الذين شاركوا في المفاوضات عن دور السودان في مفاوضات الاتفاقية الاطارية سيجد ان الاجابة ان السودان كان له الدور القيادي في هذا الامر وفي احداث التوافق على اسس علمية مهنية كلما احتدم الخلاف، وان مهندسي وزارة الري هم الذين دربوا معظم الخبراء الوطنيين الذين يقودون العمل في قطاع المياه في دول المنابع في الهضبة الاستوائية. «9» اتهم السيد الصادق وزارة الري بالقبول بأن تكون مياه النيل في قسمة السلطة وليس في قسمة الثروة واود ان اؤكد له ان الراحل جون قرنق من المؤكد انه لم يعترض على وضع مياه النيل في قسمة السلطة وليس الثروة بسبب بسيط وهو انه يعلم ان السودان وضع خطة شاملة لاستغلال مياه النيل تشمل الشمال والجنوب في السبعينيات بعد ابرام اتفاقية السلام الاولى في عام 2791م، وقد شاركت في وضع تلك الخطة الشاملة لاستغلال مياه النيل وزارة الزراعة والري والثروة الحيوانية في حكومة الجنوب آنذاك المسماة المجلس التنفيذي العالي للاقليم الجنوبي برئاسة السيد ابيل الير بعد عام 2791م وتم وضع تلك الخطة الشاملة بمساعدة اربعة من بيوت الخبرة الاستشارية العالمية وكان المفروض ان يبدأ الجنوب في تنفيذ مشروعات ما يمكن ان نسميه قسمة الثروة لمياه النيل بانشاء مشروع سكر منجلا حيث اكتملت تصميماته آنذاك وكذلك انشاء خزان بيدن لتوليد الكهرباء ،حيث تمكنت حكومة الجنوب عام3891 وعلى وجه التحديد تمكن السيد بونا ملوال الذي كان وزير الصناعة آنذاك من توفير التمويل من ايطاليا لانشاء ذلك السد الى غير ذلك من المشروعات وقد طلب مني شخصيا الراحل جون قرنق عند وضع تلك الخطة الشاملة ان نضيف مشروع البنكو للزراعة المروية في خطة استغلال مياه النيل للجنوب، وفعلنا ذلك بعد الدراسة ولذلك لم يكن غريبا ان يوافق الراحل جون قرنق على وضع مياه النيل في قسمة السلطة ،وصلتي بالراحل جون قرنق آنذاك هي انه كان يحضر لي بالمكتب لاعطيه العديد من الوثائق والمراجع الخاصة ببحث الدكتوراه الذي كان يقوم باعداده ولذلك فاني اعتقد ان اتهام السيد الصادق لوزارة الري بعدم التدخل لوضع مياه النيل في قسمة السلطة اتهام غير صحيح لوزارة الري واتهام غير صحيح للراحل جون قرنق والحركة الشعبية اللذين وافقا ان تكون. هذا واننا على اتم الاستعداد لمناقشة موضوع مياه النيل في اطار قسمة الثروة في مرحلة الاستفتاء. «01» مما تقدم اننا نرى ان المبادرة الشعبية التي يزمع السيد الصادق ان يبادر بها ينبغي ان يتركز عملها لاقناع دول المنابع بمواصلة التفاوض، لانها هي التي اوقفت التفاوض فجأة من جانبها وانها لم تنفذ القرار الذي اتخذته كل دول حوض النيل بالاجماع باحالة نقاط الخلاف الى رؤساء الجمهوريات لدول حوض النيل لمزيد من التفاوض وحسم الخلاف. اننا نشيد باهتمام السيد الصادق المهدي بالتصدي لكل القضايا الهامة على المستوى العالمي والاقليمي ومنها قضايا المياه على الصعيد العالمي والاقليمي والعربي والافريقي، ولكننا نرى ان معظم ما طرحه من آراء حول قضية مياه النيل لم تكن مؤسسة على حيثيات صحيحة. والله الموفق ٭ وزير الري والموارد المائية