في الوقت الذي تحدث فيه والي الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر عن مشروعات الولاية في انشاء البيوت المحمية لانتاج الخضر وللحد من شح بعض الخضروات خلال فصول السنة، شهدت اسواق العاصمة ارتفاعا ملحوظا في اسعار الخضر، خاصة الطماطم، فقد اسهم انعدام الانتاج المحلي في الاعتماد على المستورد، ووفقا لتجار الخضر بالسوق المحلي بالخرطوم، فإن سد النقص تم عبر استيراد الطماطم من اثيوبيا ويوغندا، غير ان الكميات التي يتم استيرادها لا تفي بتغطية النقص، فارتفعت الاسعار حيث وصل سعر كيلو الطماطم الي اثني عشر جنيها، وقد اسهم ذلك في تراجع المبيعات وهجر المواطنون سوق السلعة، ما اضطر الباعة الى انتهاج اسلوب البيع بالكوم بحسب عدد القطع، فالذي يحتوي على اربع قطع يباع بجنيهين والاكثر منه قليلا باربعة جنيهات، فيما شكا المواطنون من الاسعار الجنونية التي يشهدها السوق، ويرون أن التجار لا يراعون ظروفهم المعيشية التي لا تسمح بمجاراة اسعارهم، وفي المركزي حيث تأتي الخضروات الى هناك ومن ثم يتم توزيعها على اسواق الولاية، كانت الاسعار تشتعل ناراً وجيوب المواطنين تشكو الفقر. وتحدث الينا احد التجار عن وجود ازمة حادة في الطماطم، وقال عبد اللطيف قرشي انها معدومة تماما، والطماطم الموجودة حاليا في السوق تم استيرادها من دول الجوار لسد الحاجة، ورغم ذلك مازالت اسعارها عالية من دون الخضروات الموجودة في السوق، اضافة الى ذلك فالمواطن العادي لا يستطيع شراءها. فيما تحدثت ليلي عبد الغفار عن أن الناس يعتمدون عليها بعد الفول والعدس، وللتغيير من روتين الوجبات اليومي، ولكن استطعنا ان نعيش في الفقر. وقالت ان ما يثير العجب ان كل شيء متوفر ولكن الأسعار لا تتناسب مع متوسط الدخل اليومي للمواطنين. وقال احد التجار- فضل حجب اسمه- ان هذه الطريقة المتبعة في تسير الخضر غير سليمة، فنحن لا ينقصنا سوى وقفة الجهات المسؤولة بتوفير البيوت المحمية لننعم بخضروات طوال العام، ولكن بهذه الطريقة بحيث تقوم الدولة باستيراد الطماطم والخضر من الخارج فإنها لا تعالج المشكلة، وانما هو حل مؤقت، وكل هذا يصب عكس مصلحة المواطنين. ووقفنا الى جوار العم احمد، وكانت الصناديق التي استوردت فيها الطماطم لاتزال موجودة في مكانها، وتحدث الينا وهو يشير بيديه نحوها قائلاً: لا يمكن لدولة مثلنا ان تعاني نقصا حادا في اهم الخضر والنيل يتوسط اراضيها، فالقليل من الجهد يخرجنا من مربع الحاجة الي مربع الفائض. وناشد والي ولاية الخرطوم أن يولي امر المزروعات اهتماما وتحديدا الموسمية. فيما عبر المواطنون عن الاوضاع المعيشية التي تسوء يوما بعد الآخر، حيث قالت فاطمة التي وجدناها تشتري اغراضها: «كل الاسعار في السماء بقينا ماعارفين نشتري شنو ونخلي شنو، ونحن والله ذاتو قدرتنا قلت.. العيشة كل يوم ماشة تغلي والطماطم دي حرمناه لحدي ما يجي الموسم الجاي وتبقي الكيلو بجنيه». واجابنا عبد الغفار يوسف وهو في حيرة من امره، فهو اتى ليشتري ما يكفيه لأسبوع، ولكنه تفاجأ بالاسعار التي بلغت ذروتها، وقال انه سيأخذ القليل لكي لا يعود الى منزله دون خضروات. واستوقفنا اننا سمعنا احد التجار يقول لرفيقه ان العجورة الواحدة بجنيه ونصف، واخرى اصغر منها حجما بسبعمائة وخمسين قرشا، فاقتربنا منه اكثر وسألناه لماذا ارتفع سعر العجور؟ فقال هذا حال السوق هذه الايام، وهو لا يستطيع تغطية ثمنه الا اذا باع بهذا السعر، وهو غير متضرر في شيء، ولكنه يقرأ عدم الرضاء في وجوه الزبائن عند معرفتهم ان الاسعار قد ارتفعت. وقال إن البطاطس اكثر توازنا في سعرها الذي بلغ اربعة جنيهات، وكيلو الباذنجان بخمسة جنيهات، وطالب حكومة الولاية ان تنهي هذه المعناة وترفعها عن كاهل لمواطنين. واتفق الجميع على أن هنالك حاجة ماسة لتعديل النظم الزراعية، حتى يتمكن التجار والمواطنون من تسيير امورهم بأبسط ما يكون، فهذا الخلل يتكرر كل عام، فقط يختلف الزمن والسبب. ويبقى السؤال قائماً هل سيأتي العام المقبل ويجدنا في ذات الحال؟