في الثالث من نوفمبر أعلن البنك المركزي المصري تحرير سعر صرف الدولار، ليصل في البنوك إلى 13 جنيهاً كسعر استرشادي، مقابل 8.88 جنيه قبل القرارات الجديدة وأطلق البنك المركزي المصري الحرية للبنوك العاملة في مصر في تسعير النقد الأجنبي من خلال آلية سوق ما بين البنوك (الانتربنك)، لينخفض على أثر ذلك سعر الدولار في السوق الموازي في مصر. وبحسب رئيس التحرير التنفيذي بصحيفة اليوم السابع المصرية يوسف أيوب فإن سياسية تحرير سعر الدولار في مصر مبدئيًا بدأت تحقق بعض النجاح مشيرًا إلى أن ذلك ظهر من خلال إقبال عدد من المواطنين على البنوك لتغيير ما بحوزتهم من دولارات بالجنيه المصري، وأضاف يوسف ل(السوداني): وفقًا لإحصائية البنوك بعد 8 ساعات من إقرار القرار تلقت البنوك 80 مليون دولار من المواطنين، متوقعًا أن يكون هناك سعر ثابت للدولار في البنوك والسوق الموازية، مشيرًا إلى أن هذا ما هدف إليه القرار فسعر الدولار في البنك كان 8.88 جنيه وفي السوق الموازي بلغ (18) جنيه، ويرى يوسف أن تحرير سعر الصرف كان ضرورة لوصول مصر إلى مرحلة الاختناق وتحول الدولار إلى سلعة مكتنزنة لتحقيق الأرباح، أما الآن فالقرار بيد البنوك التي ستحدد السعر وفق قانون العرض والطلب. ووصف أيوب خطوة السودان بالضرورية لأن وجود الأسواق الموازية هو أداة لتدمير اقتصاد الدولة. بالمقابل توقع الخبير الاقتصادي د. هيثم فتحي أن السودان سيعلن التعويم على خطى مصر قريبًا، وأن هناك خوف لجهة رفض التحرير وزيادة الأسعار لأن اقتصاد السودان يقاس بسعر الصرف دون باقي المؤشرات، مشيرًا إلى أن سعر العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني سيظل مرتفعًا وسترواح الأزمة مكانها معتبرًا أن الحل الجذري لن يتحقق إلا إذا ارتفعت الإنتاجية مع زيادة كمية الصادرات، ووصف هيثم السياسات الاقتصادية الأخيرة بالجريئة وأنها ستساهم في خفض أزمة الدولار، منوهًا في حديثه ل(السوداني) إلى أن ذلك سيؤثر في الاستيراد وفي أسعار المنتجات والسلع الأساسية، وسيؤدي إلى تحقيق التوازن بين العرض والطلب وثبات سعر صرف الدولار بسبب الوصول إلى حد إشباع السوق واستكمال دورة العمل مرة أخرى من أجل انخفاض الدولار. مجرد توقعات عوامل عديدة بحسب الخبراء ستساهم مكتملة في تدني سعر النقد الأجنبي وبحسب هيثم فالأموال التي تم ضخها في المصارف التجارية لتوفيرها للمستوردين بالسعر الرسمي، وسماح البنك المركزي للمصارف بتحويل أرصدتها للعملات الأجنبية إلى حساباتها بالخارج من شأنه أن يقلل الطلب في السوق الحرة على النقد الأجنبي مما يؤدي لتدني أسعاره. من جهته قال وزير الدولة بوزارة المالية د.عبد الرحمن ضرار ل(السوداني) إنهُ من المتوقع أن يستقر سعر الصرف نافيًا أن تكون الإجراءات التي تم اتخاذها تحريرًا أو تعويمًا وأن البنك المركزي أعطى حافزًا للمصدرين والمغتربين وتحويلاتهم عبر البنوك، وأضاف: لا حاجة للتعويم والإجراءات التي تمت كافية لتحويل الموارد من السوق الموازي للسوق المركزي كما سيتم تنظيم الموارد النقدية ومنع المضاربات، معتبرًا أن التغيير في مصر ليس سريعًا فترة حضانة ويظهر أثر السياسة. العرض والطلب في العام 1988م قامت حكومة الديمقراطية الثالثة في السودان بوضع سعرين لصرف العملة الوطنية: (1) السعر الرسمي الحالي مع التأكيد على مرونته حيث يرتفع تدريجياً ليعكس التقدم في تضييق عدم التوازن في الاقتصاد الكلي، و(2) وسعر رسمي موازي يساوي السعر السائد في السوق الأسود، لتجنب الصدمات التي يحدثها رفع سعر الصرف الرسمي إلى مستويات متقاربة من سعر السوق الأسود (الموازي) الحالي، على أن يُوحَّد السعران لاحقاً حسب السرعة التي يتم بها إصلاح الخلل في الاقتصاد الكلي، وهي سياسة حاولت من خلالها الحكومة أن تجعل مخزون الدولار المحلي يعود للحكومة السودانيّة وليس تجار العملة. وبحسب وزير الدولة بوزارة المالية وقتها الدكتور التيجاني الطيب فإن السياسة لم تنجح، ف 20 مليوناً من 90 مليوناً وُجد أنها قد خصمت لصالح "استيراد عربات واستيراد مواد بناء" وخرجت هذه الأموال لتجار في السوق. في الوقت الذي نفى فيه وزير الدولة بوزارة المالية أن يكون ما حدث هو تحرير" تعويم" يرى خبراء اقتصاديون أن ما تم هو تعويم فالسعر تُرك ليحدده السوق وفق العرض والطلب، فهل ستؤدي هذه الإجراءات إلى تحكم الدولة في الدولار؟ وما هي الضمانات لعدم مجاراة السوق السوداء؟ وهل ستتمكن من ضبطه؟