لا يبدو أن الأضواء تريد أن تفارق وزير المالية، فبعد أن سلطت عليه طيلة الأسبوع الماضي بحكم القرارت الاقتصادية الأخيرة، عاد وزير المالية عبر محكامة محمد حاتم سليماً لدائرة الضوء عبر مدخل جديد هو استدعاؤه كشاهد.. حيث تصاعدت الأجواء بقاعة المحاكمة عندما تقدم المتهم للمحكمة بخطاب عبارة عن مستند للدفاع عنه صادر من وزير المالية بدر الدين محمود يتعلق بجميع الأعمال التي نفذها مع شركة آدفايزر مقابل خدمات للتلفزيون؛ حيث جاء مضمون الخطاب، بأن المتهم لم يتحصل أي أموال لمصلحته الشخصية، ولم يتسبب في إهدار المال العام للتلفزيون، بجانب عدم تجاوزه للسقوفات المالية المحددة للتعاقدات، وفيما يتعلق بأعمال الصيانة في التلفزيون وفق صلاحيته كمدير عام، بالإضافة إلى أن وزير المالية أشار إلى أن استدانة التلفزيون من حساب مشروع التدريب الاستراتيجي جاءت بموافقة مسبقة في اجتماع ضم وزير المالية ووزير رئاسة الجمهورية في العام 2013م، وعندما عرض المستند على ممثل الاتهام المستشار بنيابة الأموال العامة هشام عطا الله الشيخ، رفض قبول المستند وطعن فيه بالتزوير وذلك استناداً لنص المادة 46 من قانون الإجراءات لعدم ختمه، بجانب عدم إبراز المتهم المستند طيلة مرحلة التحري والتقاضي.. وشدد ممثل الاتهام في طلبه للمحكمة على أن المستند لم يحرره وزير المالية قط، فيما تمسك ممثل الدفاع د.عبد الرحمن إبراهيم الخليفة بمستند الدفاع المقدم للمحكمة بواسطة المتهم، وبرر على أنه مستند صحيح وصادر من جهة رسمية. في المقابل، أمرت المحكمة بفتح محضر تحقيق تزوير في المستند مع استدعاء وزير المالية بدر الدين محمود لمثوله أمامها في جلسة الرابع عشر من الشهر الحالي للإفادة حول المستند باعتباره من قام بتحريره بتاريخ الثالث والعشرين من أغسطس الحالي، في وقت التزمت فيه هيئة الدفاع بإعلان وزير المالية بدر الدين محمود لحضوره أمام المحكمة الجلسة القادمة. مستندات الدفاع تفند الاتهام: المتهم محمد حاتم سليمان كشف للمحكمة في استجوابه أن حساب مشروع التدريب الاستراتيجي الذي يترأس مجلس إدارته هو حساب أُنشأ بلائحة وصلاحيات خاصة في التاسع عشر من مارس للعام 2004م، ولا يتبع لأية جهة حكومية أو التلفزيون، منبهاً إلى قفل الحساب في الثاني من يونيو للعام 2013م، مشدداً على أنه سيبقى رئيساً لمجلس إدارة المشروع حتى يرفع عنه التكليف مؤكداً للمحكمة أن المشروع سلَّف التلفزيون مبلغاً مالياً نسبة لظروفه الحرجة التي تمثلت في احتجاجات العاملين بسبب عدم صرف مستحقاتهم وإضرابهم عن العمل وأضاف "وحتى لا يتأثر استقرار التلفزيون تم تسليفه على أن تسدد المبالغ متى ما توفرت له السيولة". منبهاً إلى أن الاستدانة للتلفزيون تمت من قبل المشروع بموجب موافقة مسبقة كانت في الثاني عشر من مارس العام 2013م في اجتماع حضره وزير المالية السابق علي محمود عبد الرسول ووزير الإعلام أحمد بلال عثمان ووزير الدولة برئاسة الجمهورية وقتها د.فرح مصطفى، بالإضافة إلى حضوره الاجتماع كمدير عام للتلفزيون ووكيل وزارة المالية وقتها. المتهم لم يقف عند ذلك بل أفاد المحكمة أن الموافقة للاستدانة كانت شفهية إلا أن هناك محضراً للاجتماع مدون عليه تلك الموافقة وما تم فيها. المتهم في استجوابه بواسطة قاضي المحكمة د.صلاح الدين عبد الحكيم أقرَّ بوجود علاقة بين حساب مشروع التدريب الاستراتيجي والتلفزيون القومي يتمثل في تدريب مركز أثير التابع للتلفزيون كوادر من المؤتمر الوطني بمقابل مادي. ديون التلفزيون أما فيما يتعلق بديون التلفزيون نفى المتهم للمحكمة أن يكن سببها تخفيضه لشركة نازو نسبة ال50% في العقد وإنما كان بسبب نقص التمويل من وزارة المالية والتلفزيون، الأمر الذي ذكره تقريرا لجنتين موحدتين الأولى كونها وزير المالية والثانية كونها وزير الدولة بالمالية. وكشف عن أن هناك (17) جهة أخرى غير نازو كان يتم نسبة التخفيض لها في الإعلان؛ منها الاتحاد العام للطلاب السودانيين واتحاد المرأة والاتحاد الوطني للشباب بنسبة 50%، مشدداً على عدم وجود لائحة الإعلان بالتلفزيون وإنما دليل إعلان يعتمد من المدير تتصاعد نسبة التخفيض فيه وتنخفض حسب السوق والمؤسسة الإعلانية، منوهاً أن التخفيض في العقد لم يؤثر سلباً على التلفزيون كما ذكر المراجع وإنما ارتفعت إيرادات التلفزيون الإعلانية في العام 2010م من (6) آلاف جنيه إلى (28) مليون جنيهاً في العام 2014م وذلك بسبب انتهاجه الرعاية والتسويق في العام 2010م. عدام إجرائه مناقصة إعلان أما في مسألة عدم إجرائه مناقصة إعلان لعقدين أبرمهما مع شركة نازو للإعلان لصعوبة إجراء ذلك لأنها عمل فكري فني وليس سلعة أو خدمة، بالإضافة إلى أن الإعلان أصله مسعر لا مجال لأدنى وأعلى سعر فيه، وأضاف بأنه طول عمله بالتلفزيون لثلاثين عاماً لم يسمع وزيراً تحدث عن تخفيض الإعلان أو طرحت مساحات البث الإعلاني لعطاء، وأفاد أن مجلس الإدارة كانت تؤول إليه، بجانب عدم رؤيته القنوات الوطنية ال(18) في البلاد تعاقدت بتلك الطريقة. وبرر المتهم محمد حاتم سليمان للمحكمة توثيقه لعقد ثان مع شركة نازو للإعلان على يد محام خارج الإدارة القانونية للتلفزيون، وذلك لحرص شركة نازو على أموالها، وكان بناء على طلبها وأن المحامي المذكور في العقد هو مستشارها القانوني للشركة، منبهاً أن طبيعة العمل في الإعلانات لا يحتاج لعقد لأنه تباع للراغبين بفواتير، وبالتالي فإن عقده الثاني المبرم مع شركة نازو حول حجز مساحات إعلانية لها بالتلفزيون التي دفعت مقدماً كان الأحرى أن تكفيه شيكاً أو فاتورة إعلان. مشيراً إلى تسويات مالية وتصفية حسابات أُجريت مع نازو تمت مراجعتها بواسطة المراجع الداخلي للتلفزيون وسلمت للمراجع العام. اليوبيل الذهبي.. صيانة التلفزيون محمد حاتم سليمان كشف للمحكمة في استجوابه عن بروز أسباب ماسة لإنشاء مبانٍ جديدة وتأهيل المباني القديمة للتلفزيون تزامناً مع احتفال التلفزيون القومي بيوبيله الذهبي، واستضافة اتحاد إذاعات الدول العربية، وانعقاد الجمعية العمومية لاتحاد الإذاعات، مما دعت الحاجة إلى إعلان عطاء تشييد المباني بتاريخ الخامس عشر من يناير العام 2010م، مشيراً إلى فرز العطاء بعد تقدم 3 شركات ورسى على شركة قصر اللؤلؤ، لافتاً إلى أن التلفزيون لم يتمكن من تنفيذ العطاء في العام 2011م بالرغم من تصديق الميزانيات، الأمر الذي جعله يبتكر وسيلة تشييد المباني مقابل المساحات الإعلانية، منبهاً إلى الاتصال بشركات الإعلان إلا أنها رفضت وقبلت شركة واحدة هي آدفايزر للإعلان وتم التعاقد معها في عقدين مكتوبين لصيانة كافتيريا العاملين بالتلفزيون ووجبة الإفطار والسحور و(5) آخرين بفواتير مباشرة، مشدداً على أن جميع العقود لم تتجاوز السقف المسموح به من قبل وزارة المالية وفق القرار الوزاري (52) 2006م. المحكمة أرجأت تقريرها حول توجيه التهمة من عدمها في مواجهة المتهم محمد حاتم سليمان لحين مثول وزير المالية أمامها والإدلاء بإفادته حول المستند المطعون فيه بالتزوير الجلسة القادمة.