اربكت وزارة المالية الوضع المتأزم أصلا في قطاع الاتصالات برفع ضريبة القيمة المضافة على القطاع لنسبة 35% بدلاً عن 30% في موازنتها الجديدة للعام المقبل 2017 في وقت ظلت فيه تعرفة الاتصالات ثابتة منذ 10 سنوات بينما رسوم وضرائب الحكومة على القطاع ترتفع عاما بعد عام والمواطن يتحمل الأحمال مرة تلو أخرى وشركات الاتصالات تكتم غيظها. ويبدو أن الوقت اصبح مناسباً لها للمطالبة بزيادة تعرفة الاتصالات أو ايقاف التوسع في برنامج التغطية الشاملة للمناطق غير المأهولة ويبقى المواطن هو المتضرر بين كل الخيارات المتاحة والمحتملة. (السوداني) تحدثت إلى بعض العاملين والخبراء المختصين في الاتصالات بالبلاد حول الزيادة الضريبية الجديدة على القطاع. الامين الاسبق لديوان الضرائب د. عبد القادر محمد أحمد قال ل (السوداني) إن المشكلة الاساسية هي الخلل في تركيبة الهيكل الضريبي في السودان حيث أن الهدف الأساسي من تطبيق ضريبة القيمة المضافة هي إصلاح الخلل الضريبي والتأكيد على أن تظل قيمة الضربية المضافة في حدود 10% وللأسف تحركت إلى 12% ثم إلى 15% و17% وذهبوا إلى رفعها إلى 30% على الاتصالات والآن تم رفعها إلى 35% وهذا اكبر خطأ وقعت فيه الحكومة لأنها ضريبة على المواطن، بل أن تحصيلها شهرياَ يصب في صالح الشركات ولو كانت تحصل اول بأول لن تكون هناك مشكلة سيولة لدى وزارة المالية. واضاف أن شركات الاتصالات هي المستفيد الاول من رفع ضريبة القيمة المضافة على الاتصالات لان اموال الضريبة تحل مشاكل السيولة لديها وعلى اقل تقدير شهريا تكون مجمدة لديها وفي النهاية يدفعها المستهلك وليس الشركات. وابان عبد القادر أن 90% من ايرادات الضرائب من الضرائب غير المباشرة والتي يتحملها المستهلكون و10% فقط من اجمالي الضرائب من المصانع والشركات والبنوك وقطاعات النشاط الاقتصادي المختلفة، فالصورة في السودان اصبحت مقلوبة بشكل كبير جداً ولابد من تغيير هذا الهيكل الضريبي والآن نحن نأخذ الضرائب من الفقراء لمصلحة الاغنياء، هذا خلل كبير. واكد مصدر رفيع بإحدى شركات الاتصالات أن زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 35% في ميزانية العام 2017 م تُحدث ضررا كبيرا جداً بشركات الاتصالات بجانب الضرر الحاصل اصلاً من النسبة العالية السابقة، مؤكداً أن حجم الضرائب والرسوم المفروضة على شركات الاتصالات تصل إلى 50% تشمل ايضاً 2،5% ضريبة لتصبح 37،5% ضرائب مباشرة تحصل شهرا بشهر ورسوم دعم صندوق المعلوماتية وضريبة ارباح الأعمال 5% التي تحسب على اجمالي رأس المال. واضاف : صحيح أن بعض الدول تطبقها على رأس المال بدلاً عن صافي الأرباح ولجأت الحكومة السودانية ظناً منها أن خسائر بعض شركات الاتصالات غير حقيقية إلى جانب الضرائب الاخرى ورسوم التجديد السنوية بهيئة الاتصالات ورسوم تجديد الرخص التشغيلية بالاضافة إلى رسوم المحليات والزكاة، مؤكداً انها لا تقل بأي حال عن 50% مع أن التعرفة الخاصة بالاتصالات لم تتم مراجعتها منذ العام 2007م رغم المتغيرات الكبيرة والتي ادت إلى زيادة اسعار كل شيء في السودان الا الاتصالات . واكد المصدر أن قطاع الاتصالات الآن يمر بمرحلة حرجة وان المواطن السوداني يتهم شركات الاتصالات بأن خدماتها غالية التكلفة بالنسبة له ولا يعرف أن الاموال تذهب إلى الحكومة والشركات مجرد متحصل في وقت فيه لا توفر الدولة له النقد الاجنبي ولا تدفع ارباح المستثمرين ولا تسمح بشراء النقد من السوق الموازي، مشيراً إلى أن المستثمرين الكويتيين استثمروا في شركة من الشركات 2،5 مليار دولار ولا يتحصلون على ارباحهم، مما يؤكد أن بيئة الاستثمار في السودان طاردة والدليل على أن شركة اخرى لم تحقق ارباحا منذ 5 سنوات مبيناً أن زيادة الضرائب تقلل الاستهلاك وتقلل العائد على الدولة من الضريبة، مشيراً إلى أن الحكومة حتى لم تستثن خدمات البيانات التي تدعم قطاعات التعليم والمعرفة والصحة والخدمات الالكترونية وغيرها وتتعامل معها على انها كماليات كالسجائر وغيرها وهي خدمات من حق المواطن أن يتمتع بها. وتابع : هذا بالاضافة إلى الاجراءات الاقتصادية الاخيرة التي ضاعفت التكلفة التشغيلية لأكثر من الضعف بسبب زيادة اسعار الوقود، مشيراً إلى أن الشركة تمتلك 2500 برج منها 1500 برج في مناطق لا توجد بها كهرباء وتعمل بمولدات بالجازولين ويتم توصيل الوقود بشكل يومي ومنها مناطق متأثرة بالحرب إلى جانب زيادة اسعار الدولار حيث لا تمنح الدولة شركات الاتصالات دولارا واحد لاستيراد قطع الغيار والاجهزة والمعدات من الخارج خاصة وان هذا القطاع فيه تطورات جديدة كل 3 إلى 4 سنوات مثل الانتقال إلى الجيل الرابع مما يتطلب تغيير النظام . وشدد الخبير التنموي والاقتصادي د. الحاج حمد على أن اي ضرائب غير مباشرة سالبة ويتحمل تكلفتها المواطن. واضاف "هذه السياسات ترجع إلى أن السياسة المالية الكلية منذ اكتوبر الماضي طبقت زيادات كثيرة انعكست آثارها على الفقراء والاغنياء"، مشيراً إلى أن توسع الدولة في مصروفاتها مقارنة مع الدخل اي الايرادات ظلت في كل مرة تفرض ضرائب ورسوما على السلع الاكثر استهلاكاً حتى وصلت مرحلة لم تجد امامها ما يمكن أن يغطي لها مصروفاتها غير الاتصالات. وتابع "الاتصالات واحدة من اهم البنية التحتية للاستثمارات الرأسمالية ومؤكد أن مثل هذه السياسة منفرة للاستثمار" . واضاف الحاج حمد قائلا: خدمات الانترنت في اوربا اصبحت مجاناً في الشوارع (الواي فاي) وان المواطن السوداني لا يتحمل 35% المفروضة عليه في خدمات الاتصالات وانتقد فرضية الدولة بأن استخدام البيانات يتم في (كلام فارغ ) لكن العكس هو الصحيح لأن التواصل الاجتماعي يقلل على الدولة ويخفض استخدامات المواصلات والاسبيرات وبالتالي فإن هذه الرسوم تشكل ضغطا اضافيا على ميزانية الاسرة وتحدث اوضاعا تضخمية ووصفها بأنها مربكة وان من آثارها انعكاسها على زيادة اسعار الخدمات الاخرى بأكثر من نسبة ال 5% الزيادات المتكررة تعتبر مجرد تخبط في السياسات وكان ينبغي أن تكون حزمة المعالجة مرة واحدة ومدروسة.