ما هي توقعاتك حيال تهديدات الرئيس ترامب باتخاذ قرارات أشد وطأة تجاه الدول السبع التي حُظِرَ مواطنوها في قراره الأول؟ الأمر التنفيذي الجديد المتوقع صدوره من قبل الإدارة الأمريكية، سيأتي متجنباً الثغرات التي جاءت في الأمر السابق، كاستثناء حاملي البطاقة الخضراء ومزدوجي الجنسية والعاملين مع مؤسسات أمريكية (عسكرية ومدنية)، وهذا ربما يخفف المعارضة القانونية لما سيصدر.. وأتوقع إضافة إلى كل ذلك إبقاءَ حق طلب التأشيرة لعموم المواطنين في الدول السبع لكن مع شروط كثيرة للموافقة على منحها بهدف إلغاء الطابع العنصري التمييزي في الأمر الرئاسي. ترامب يستند في مشروعية قراراته على الأمن القومي الأمريكي.. ألا يمنحه ذلك الحق في اتخاذ ما يراه مناسباً؟ قرار الرئيس ترامب بحظر سفر مواطني سبع دول إسلامية ودخولهم إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ليس له علاقة بالجوانب الأمنية وما يقوله الرئيس ترامب ادعاء ليس إلا. إذن، ما المحفز الحقيقي وراء تلك القرارات؟ الأمر مرتبط بمسألة ثقافية، وهو محفز لا يخلو من الخطورة، لأن ترامب وبصريح العبارة يعبر عن تيار أصولي يريد العودة بأمريكا إلى الأصل الأبيض الأوروبي بدين ومذهب واحد يمثله البروتستانت وبالتأكيد فإن ذلك ستتبعه الكثير من الأمور السيئة. * ملف المهاجرين واللاجئين يبدو أنه من الملفات الحساسة للرؤساء الأمريكان، وسبق أن تم إسقاط قرار سابق لأوباما وحاليا تم تعليق قرار ترامب برغم اختلاف التوجه.. كيف تقارن بين الموقفين؟ الرئيس دونالد ترامب يهدف من قراراته لإيقاف الهجرة إلى أمريكا بينما على العكس تماماً كان يهدف أوباما إلى تقنين وجود ملايين اللاجئين، بالتالي الفرق كبير بين توجه الرئيسين.. عموماً موقف ترامب لا يختلف عن مواقف المحافظين الجدد في إدارة بوش الابن، الذين أسقطوا قرار الرئيس أوباما بمنح اللاجئين ال(قرين كارت). كثيرون فسروا قرارات الرئيس ترامب بمواقف عنصرية.. ما حقيقة ذلك؟ القرار يحمل بعداً عنصرياً بلا شك، وعزز ذلك ترامب نفسه لدى تصريحه لإحدى القنوات بتعزيز هجرة ودخول المسيحيين إلى أمريكا ومن هنا برزت ردة الفعل الأوروبية خوفاً من التطرف المضاد، ولعل ما حدث في كندا من إطلاق النار على مصلين في مسجد لهو تعبير حي عن ذلك التطرف الذي يمكن أن تغذيه سياسات أو قرارات ترامب. ما الذي يمكن أن تخسره أمريكا بحظر مواطني تلك الدول؟ لا أعتقد أنها ستخسر شيئاً باستثناء تغذية التطرف المضاد، أو يمكن القول بأن ترامب أختار دولاً لا تشكل خسارة لمؤسساته، ولكن ربما عمل على عدم تصنيف دول تنطبق عليها مخاوف إدارته مثل السعودية بحكم وجود علاقات قوية بين البلدين وأيضا الحاجة لتوظيف الخلاف السعودي الإيراني أو لتقديرات تخص مكانتها ورمزيتها بحكم وجود المقدسات الإسلامية في السعودية، وربما أيضاً بحكم حسابات النفط والمصالح. ما تحليلك لفوز الرئيس ترامب.. هل هو جنوح في المجتمع الأمريكي للانغلاق أم فعلاً يمثل تزايداً لمخاوف الانفتاح؟ العامل الأساسي في فوز ترامب بالانتخابات الأمريكية لم يكن بسبب قدراته الشخصية ولا لرصيده في الحكم والسياسة.. بل كان بسبب صراعات المجتمع الأمريكي بين المتمسّكين بأمريكا الأصولية القديمة المستندة على الأوروبي الأبيض البروتستانتي والعنصري أحياناً، وبين أمريكا الحديثة التقدّمية التي يمثل المهاجرون من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ثلث السكان فيها الآن.. عموماً هذا الصراع انتهى مؤقتاً بنجاح قوى أمريكا القديمة في إيصال ترامب إلى البيت الأبيض على حساب مرشّحين آخرين حتى من الحزب الجمهوري بسبب قيام حملته الانتخابية على مفاهيم ومعتقدات هذه القوى الأمريكية الرجعية. ربّما كانت هذه هي المعركة الأخيرة لجماعات "أمريكا القديمة"، وهي وإن نجحت الآن في إيصال ترامب للرئاسة، فإنّها لن تستطيع إيقاف التقدّم الأمريكي نحو مستقبل مختلف عن معتقداتها، بسبب طبيعة التغيير الديمغرافي الحاصل داخل المجتمع الأمريكي، ولعدم قبول معظم الجيل الأمريكي الجديد بالمفاهيم والممارسات العنصرية. الأسماء التي اختارها ترامب تعبر عن اليمين المتطرف.. هل ترى قياساً على القرارات التي صدرت أن ثمة اتجاهاً لتغيير جذري في سياسة أمريكا بناء على تلك التوجهات؟ حقيقة الفريق الذي يعمل مع ترامب لا يضع اعتباراً أو يثق في مؤسسات الدولة الأمريكية ولا يحفل بآراء الخبراء في تلك المؤسسات.. والدليل أن ترامب لم ينتظر حتى موافقة الكونغرس على فريقه مع الوضع في الاعتبار أن دونالد ترامب كرر ما فعله بوش الابن بوضع أشخاص في الإدارة غير منسجمين مع رؤى بقية الفريق، لكن لم يساهموا عملياً في صنع القرار، وهو ما ينطبق حتّى الآن على الجنرال جيمس ماتيس الذي اختاره ترامب كوزير للدفاع، وتحدث في الكونغرس بشكل مختلف عن مواقف ترامب تجاه روسيا والاتفاقية الدولية مع إيران وعن المستوطنات الإسرائيلية. في تقديرك ما هي المعايير التي سيتبناها ترامب في عملية الإحلال والإبدال داخل مؤسسات بلاده؟ بالتأكيد العديد من الإدارات والمؤسّسات الأمريكية ستخضع لتغييرات في المناصب المهمّة فيها لكي تنسجم مع القوتين الفاعلتين مستقبلاً سواء القوة السياسية والاجتماعية لجماعات أمريكا القديمة الأصولية، والقوة الاقتصادية لتحالف الشركات والمصانع الكبرى التي وقفت مع ترامب. استطلاعات الرأي تشير إلى تقدم لليمين في بولندا وكذلك فرنسا.. في تقديرك هل يمكن أن تصعد نسخ ترامبية أخرى إلى الحكم في أوروبا؟ من الوارد حدوث ذلك، مع استصحاب وجود مشاريع متطرفة بالأصل مثل المشروع الصهيوني أو داعش أو القاعدة والمشروع الغربي العنصري والذي تعززه الأصولية الأمريكية الحالية. هذه المشاريع تغذي بعضها بعضاً ما يجعل العالم ساحة لصراع المتطرفين. الحرب على الإرهاب من أولويات الإدارة الأمريكية، وقرارات ترامب كلها تدور في ذات الفلك.. ما هي توقعاتك حيال زيادة وتيرة الحرب؟ عملياً ترامب لن يقوم بأكثر مما قامت به الإدارات السابقة في ذات الملف، فأوباما جعل المواجهة مع داعش أكبر همومه، وسيكتفي ترامب بالضربات العسكرية الجوية والدعم اللوجستي لكن ربما بتنسيق أكبر مع روسيا. هل يحمل ترامب جديداً في سياق ملف الصراع العربي الإسرائيلي؟ الواضح أن ترامب يتحدث ومنذ ما قبل فوزه بالانتخابات عن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدسالمحتلة، وحالياً سفيره لدى إسرائيل يدافع عن ذلك، بالتالي نحن إزاء دعم أمريكي مستمر لإسرائيل وللمستوطنات. لأول مرة في التاريخ يحدث تطابق روسي أمريكي.. ما قراءتك لهذا التحالف؟ النظر للتحالف بين موسكو وواشنطون حد التطابق فيه سوء تقدير كبير.. فمواقفهما تتباين إزاء إيران مثلاً كما ترفض روسيا المساس بالصين أو إيران وهو ما لا يمكن لترامب الالتزام به. منذ صدور القرار الذي يستهدف ستَّ دولٍ عربية من أصل سبعٍ لم نسمع بتأثير مضاد للمؤسسات العربية على دوائر صنع القرار الأمريكي؟ حقيقة وهذا مؤسف. لا يوجد تنسيق أو توافق بين الجانب الرسمي العربي وبين منظمات المجتمع المدني.. بالتالي المسؤولية تبدو مضاعفة على الجاليات العربية لتشكيل نواة أفضل مما هو قائم لتحسين صورة العرب والمسلمين وهذا ما نحاول القيام به في مؤسسة الحوار العربي الأمريكي، ولكن هذا الأمر في حاجة إلى إرادة حقيقية.