كشف وزير المالية والتخطيط الاقتصادي بدر الدين محمود خلال مخاطبته فاتحة أعمال المنتدى عن ملامح السياسات الاقتصادية والمصرفية الجديدة بعد رفع العقوبات الأمريكية والمتوقع إعلانها خلال الأيام المقبلة مشيراً إلى أنها ستشتمل على إجراءات اقتصادية في المجال المالي والنقدي للتعامل مع الوضع الجديد منها استمرار تواصل عمليات الإصلاح في سياسات الاقتصاد الكلي لضمان الاستقرار الاقتصادي والتواصل المباشر مع وزارات القطاع الاقتصادي مع البنوك الأمريكية وجميع دول العالم خاصة الاتحاد الأوروبي فضلاً عن دعوة القطاع الخاص الأمريكي والأوروبي للتعرف على حقيقة الأوضاع الاقتصادية والفرص الاستثمارية المتاحة والسعي مع المصارف المركزية والتجارية لإعادة تأسيس علاقات مراسلة مع جميع مصارف العالم والولوج إلى السوق الأمريكي استيرادا وتصديرا. صيرفة الظل قال بدر الدين إن العقوبات الاقتصادية أثرت على الأداء الاقتصادي للبلاد وعلى مؤشرات الاقتصاد الكلي وعلى المستوى المعيشي للمواطنين طوال عقدين من الزمان وكثير من القطاعات، مشيرا إلى أن القطاع المصرفي كان الأكثر تأثراً بسبب صعوبة التعامل المباشر مع النظام المصرفي العالمي لافتا إلى أن التعامل بصورة غير مباشرة عبر وسطاء مما أدى إلى اتساع دائرة صيرفة الظل وزيادة كلفة المعاملات المصرفية على القطاع الحكومي والخاص كما امتدَّ الأثر ليشمل أيضا كافة المؤسسات المالية في البلاد وفقدت المصارف جزءا كبيرا من معاملاتها الخارجية وأرباحها وعملاءها بالخارج فضلاً عن إيقاف المصارف الخارجية تعاملها مع المصارف السودانية خوفا من العقوبات التي تفرضها عليها أمريكا بجانب تراجع تحويلات المغتربين عبر الجهاز المصرفي، وأضاف أن تقديرات خسائر العقوبات وصلت لما يربو على 45 مليار دولار بحسب التقرير العربي الموحد لجميع قطاعات الاقتصاد الزراعة والصحة والنقل الجوي والتكنولوجيا والسكة الحديد بجانب التأثير على عدم إعفاء البلاد من الديون الخارجية فضلا عن عدم حصول الدولة على قروض ميسرة إضافة للانعكاس المباشر على المشروعات التنموية. تحسن رغم الحصار محافظ بنك السودان المركزي حازم عبد القادر قال إنه على الرغم من مشوار الحظر الأمريكي الطويل والذي شكل تحديا كبيرا للبنك المركزي والقطاع المصرفي والمالي السوداني والمتعاملين معه إلا أن القطاع استطاع أن يُحقِّق تحسنا ملحوظا في المؤشرات الاقتصادية خلال العامين الماضيين والمساهمة في التنمية الاقتصادية بالبلاد. وأضاف: "دعونا نفتح صفحة جديدة ونستشرف المستقبل لنتحدث عن ما بعد رفع الحظر"، مشيرا إلى أن رفع الحظر يعني اندماج القطاع المصرفي والمالي مع نظيره الخارجي بجانب سهولة انسياب التحويلات المصرفية وزيادة تعزيز فرص الاستثمار للسودان وزيادة التعاملات التجارية بين السودان والدول الأخرى وفتح أسواق جديدة لصادرات جديدة للسودان وزيادة تدفق الاستثمارات الخارجية واستقطاب مدخرات المغتربين وزيادة موارد النقد الأجنبي وتحسن المؤشرات المالية المصرفية فضلاً عن تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي بالبلاد، وقال إن الجهاز المصرفي والمالي السوداني بات مهيأ تماما لعودة التعامل الخارجي مع المصارف العربية، داعيا جميع المصارف العربية للعودة لمكانها الطبيعي، مؤكدا استعداد وجاهزية القطاع المصرفي والمالي للتعاون والتعامل والاندماج في القطاع المصرفي والمالي. وعود اتحاد المصارف العربية قال الأمين العام لاتحاد المصارف العربية الأستاذ وسام حسن فتوح إن منتدى رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان يمثل انطلاقة وبداية للعمل في مرحلة ما بعد رفع العقوبات، مضيفاً أنه سيتم رسم خارطة طريق لمشاريع كثيرة بالتعاون مع المصارف العربية والمؤسسات الدولية لتعزيز مناخ الاستثمار في القطاعات الاقتصادية المنتجة والبيئة والبنى التحتية وتأهيل القطاع المصرفي السوداني وتفعيل تعاونه مع سائر القطاعات المصرفية العربية. وجدد فتوح التزام اتحاد المصارف العربية بالوقوف بجانب السودان وأن يولي توجهات وتطلعات القيادة الحكيمة، كل الجهد للمساهمة في تحقيقها، مشيرا إلى إدراك الكل ما يذخر به السودان من كفاءات وخبرات وطنية تمثل أهم رأس مال للنهوض بالسودان إلى مصاف الدول الكبرى، متوقعاً توحُّدَ المنطقة العربية بعد إدراك العرب لاستهداف العالم لثرواته عن طريق الحصار وفرض القوانين الجائرة. تعزيز العلاقات رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية محمد جراح الصباح قال إن المنتدى يسهم في تلافي السودان ما فاته من حرمان خلال الفترة الماضية خاصة أن الحكومة السودانية وضعت الإجراءات والإصلاحات القانونية اللازمة مشيرا إلى أن القطاع المصرفي العربي يملك إمكانيات كبيرة وأن رفع العقوبات يعزز من العلاقات الاقتصادية والتجارية مع السودان وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر خاصة في قطاعات الزراعة والصناعة والنفط والمعادن. وأوضح مساعد محمد أحمد رئيس اتحاد المصارف السودانية أن السودان كانت له تعاملات مصرفية مع المصارف الأمريكية قبل فرض العقوبات عام 1997م إلى جانب تسهيلات مصرفية تصل إلى 3 مليارات دولار بهوامش ما بين 5.0% إلى 15% مشيراً إلى أن القطاع المصرفي أصبح معزولا تماماً عن النظام المصرفي العالمي خلال العامين الأخيرين بسبب تشديد العقوبات وإحكام الحصار وأضاف: "قرار رفع العقوبات الأمريكية عن السودان وجد ترحيبا كبيرا على المستوى المحلي والإقليمي والدولي لا سيما من جانب المستثمرين والمؤسسات المالية التي ظلت تتوافد على السودان منذ إعلان رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان لاغتنام الفرص الواعدة في ظل المناخ الإيجابي الذي تنعم به البلاد على كل المستويات السياسية والاقتصادية والعلاقات المتطورة على المستوى الإقليمي والدولي. واقع الاستثمار الأجنبي انتقد الدكتور بهجت أبو النصر رئيس قسم البحوث بجامعة الدول العربية ضعف مساهمة القطاع الصناعي في الاقتصاد السوداني، وقال: "غير معقول أن تكون مساهمته في حدود 10%"، وأقر بتأثيرات الحصار الأمريكي على الاقتصاد السوداني، مشيراً إلى أن الخطوط الجوية السودانية (سودانير) تخسر سنوياً 519 مليون دولار واستعرض الواقع الاستثماري في السودان، مبيناً أن الاستثمارات الأجنبية في السودان 1.7 مليار دولار 71% منها إفريقية وعلى المستوى العربي الإمارات العربية ومصر وكوريا الجنوبية فهي الأعلى استثماراً في السودان مشيراً إلى ضعف نصيب استقطاب الاستثمارات العربية بنسبة 2% كدولة تتمتع بموارد وإمكانيات كبيرة مقابل الأردن التي بلغ نصيبها 6%. نصف ما تملك أوروبا دعا الدكتور محسن عادل حلمي العضو المنتدب لشركة بايونيرز لصناديق الاستثمار ونائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار إلى ضرورة إعادة هيكلة شاملة للاقتصاد ومناخ الاستثمار وتغيير المنظومة الزراعية إلى جانب تحفيز الاستثمارات الزراعية والنظر برؤية مختلفة لتنمية القطاع الزراعي من أجل زيادة مساهمة القطاع الزراعي في الاقتصاد من 29% إلى نسب أكبر، وأضاف: "التحدي الكبير يُواجه القطاع الصناعي في السودان مما يتطلب من القطاع المصرفي الاهتمام وتوسيع حجم التمويلات". الأموال المجمدة وصعوبات الاسترداد أكد خالد زادا، مدير الخزانة ببنك الخرطوم أن استعادة الأصول والأموال المجمدة بالحظر الأمريكي عملية معقدة وتحتاج إلى فترة طويلة لارتباطها بجوانب قانونية وإثباتية، وأضاف أن السوق السودانية المصرفية أصبحت غير جاذبة بسبب الحصار الأمريكي، فأفقدت السودان فرصَ توفير العمالة مما دفع إلى استحداث تحويلات داخلية بين المصارف وتتأخر المعاملات وتصل أحياناً إلى ثلاثة أيام. وأشار زادا إلى أن البنوك العربية لديها تخوفات من الناحية الائتمانية وتأخر دفع الالتزامات، مشيراً إلى ضرورة وجود مؤسسات ائتمانية تصنيفية، وأضاف: "لا أستطيع أن أقول إن السودان أصبح في بر الأمان بنسبة 100%، بل هناك متطلبات للوفاء بها خاصة في مجال التعاملات التجارية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية".