أولاً : أكد الرئيس البشير مراراً أن المؤتمر الوطني سيفسح المجال للآخرين، ومضت قيادات في الوطني في اتجاه أن التنازل الأكبر سيكون من جانبهم وإذا حدث بالفعل ذلك التنازل فإن كثيراً من وجوه الحزب ستغادر بحكم تقليص الحصة، وحتي الآن –وحسب معلومات السوداني – تنازل المؤتمر الوطني عن ست وزارات، أربع منها تم الإعلان عنها داخل أروقة الوطني وهي وزارات الثروة الحيوانية، الثقافة، الزراعة، الصناعة، ويبدو أن الوزراء الذين يتقلدون تلك الوزارات من أوائل المغادرين لمناصبهم، ثم تنازل الوطني لاحقاً عن وزارتين لم يتم الإفصاح عنهما وجاء ذلك نتيجة لمتغيرات منها توقيع حركة الإصلاح الآن على وثيقة الحوار. ثانياً : مهمة الحزب الحاكم في الاختيار والتقليص ستتعقد بسبب التوسع الكبير في الحكومة الحالية خاصة بزيادة مقاعد وزراء الدولة، علماً بأن هناك وزارات بها وزير، وأخرى بها ووزيرا دولة مثل المالية، الزراعة، الخارجية ، الكهرباء والتعاون الدولي، بل إن وزارة مجلس الوزراء بها وزير اتحادي وثلاثة وزراء دولة. ثالثاً : أحرجت حركات دارفور المنحازة للسلام ، الحكومة حين تفرقت دماء العشائر بدارفور بين الحركات، فتجد حركة تقدم شخصية لمنصب وزاري، يكون من ذات القبيلة التي ينحدر منها اسم آخر قدمه المؤتمر الوطني ضمن قائمته أو أي حزب آخر، ويكون نتاج ذلك تضييق الفرصة على آخرين .. وربما تكون قبائل بعينها تتعمد توزيع أبنائها بين الحركات لتضمن مستقبل سياسي قوي لها خاصة العشائر الصغيرة وهو الأمر الذي يستوجب التدقيق فيه بشكل كبير عند الاختيار بحسب ما يراه الكثيرون. رابعاً : واضح أن المؤتمر الوطني لم يقم بتقييم تجربة شركائه الحاليين في الحكومة، بدليل اعتزام معظم تلك الأحزاب على تقديم ذات الوجوه التي استوزر بعضها لأكثر من دورتين. وهناك شخصية بعينها ظلت في التشكيل الوزاري منذ العام 2000م، وهذا يتناقض مع روح الإصلاح والتغيير الذي تتحدث عنه الحكومة ، بل أسند ذات الملف – الإصلاح- لرئيس الوزراء والذي عليه أكثر من الآخرين تمحيص الأسماء. خامساً : تطبيق معايير المشاركة في الحكومة الجديدة على وزراء الوطني وحدهم دون الآخرين، يُحدث خللاً في التوليفة الحكومية ، وحالة من عدم الانسجام والتوافق، وهذا يعني إما أن الوطني غير آبه بالشراكة ، ولا يعول على حلفائه أو يصر على الانفراد بالحكم واعتبار الآخرين (ترلة) هو قاطرتها. سادساً : سبق أن قال نائب رئيس المؤتمر الوطني المهندس إبراهيم محمود إن تشكيل الحكومة يحتاج إلى (جكة) ، في إشارة إلى صعوبة اختيار المشاركين، وربما يقصد محمود حصة حزبه، نتيجة لازدحام صف الوطني بالقيادات، فقد تجد قيادة الحزب أنها في مأزق يستدعيها أن تقوم بمعالجات بشأن المغادرين. سابعاً : ليست ثمة ضمانات من تفلت بعض المغادرين للحكومة سواء بشكل علني (إظهار مواقف مغاضبة أو بشكل مستتر)، تحت ذريعة إصلاح الوطني والهدف الانتقاد. وحتى من خارج الوطني مثلما حدث من هياج من جانب إشراقة سيد محمود تجاه حزبها الاتحادي الديمقراطي بعد أن سحب منها المنصب الوزاري الأخير، فإشراقة وفي مقتبل عمرها تبوأت منصب وزير دولة بوزارة التعاون الدولي في أول مشاركة للحزب الاتحادي الديمقراطي - جناح الهندي وظلت تنتقل من منصب إلى منصب حتى عينت قبل سنوات وزير للعمل وهو المنصب الذي فقدته فانتقلت إلى البرلمان عضواً عن إحدى دوائر عطبرة، وقد ظهر حتى الآن نوعان من القيادات من شاكلة المغاضبين ووضح ذلك من خلال بعض التصريحات. ثامناً : من المرجح أن ينتظر الوطني تسمية أعضاء القادم الجديد للحكومة – المؤتمر الشعبي – لمنسوبيه حتى يقوم بترشيح شخصيات تستطيع أن تجاري إيقاع الوزير من الشعبي وفق نظرية كرة القدم (مان تو مان)، وقد جرب المؤتمر الوطني ذات الطريقة مع الحركة الشعبية لدرجة أن البروفيسور مبارك مجذوب كان وزيراً للتعليم العالي ، تم تخفيضه إلى منصب وزير دولة بذات الوزارة، وإخلاء مقعده لوزير من الحركة الشعبية. تاسعاً : سيضطر الوطني لمراجعة مواقع منسوبيه خاصة حال كان أحدهم وزيراً بالدولة ، والوزير الأول من خارج الحزب مثل السياحة (وزيرها محمد أبو زيد من أنصار السنة) ، وقد يحاول الدفع بوزراء دولة خبرة في مثل هذه الحالة بدلاً عن وزير شاب مثلما هو حادث الآن (عادل دقلو) وذلك لأهمية الوزارة في المرحلة المقبلة بعد الانفتاح الخارجي الكبير، والاستفادة من تراجع السياحة في بعض دول الجوار. عاشراً : سيكون الحزب الحاكم ، أمام تحدٍ خاص بعضويته الناعمة، (المرأة) ، إذ إنه مطالب أن يمنحهن حصتهن كاملة، لتأكيد احترامه الكامل غير المنقوص للجندر، سيما وأن الوزيرة السابقة أميرة الفاضل وبفوزها بواحد من أهم عشرة مناصب في الاتحاد الإفريقي (مفوضية الشؤون الاجتماعية) سيجعل الأعين من خارج الحدود تنظر إلى أي مدى ستوفي الحكومة للنساء بنصيبهن في التشكيلة الجديدة غير متناسين أن الرئيس البشير امتدحهن بشكل لافت في مؤتمر قطاع المرأة بالوطني أمس الأول. لكن الأهم أن التغيير يجب أن يطال بعض الوزيرات وفقاً لوثيقة الإصلاح وقد تجاوز بعضهن الخمس سنوات في الموقع. حادي عشر : مهم في التعديل القادم أن يراعى البعد الخارجي خاصة الجانب الأمني مثل توتر الأوضاع في دولتي الجنوب وليبيا ومعلوم تأثيرهما البالغ على الأوضاع الداخلية بالبلاد، وكذلك البعد الاقتصادي والخاص بالاستثمار والتجارة والصناعة والوزارات في ذات الخصوص سيكون لها أهمية كبيرة في ظل رفع الحكومة لشعار الإنتاج والإنتاجية. ومهما يكن من أمر فإن حالة قلق وترقب تسيطر على الوزراء أنفسهم ، قبل المواطنين في انتظار التشكيل الحكومي. والذي يجب أن يكون في الأيام المقبلة فالتأخير دليل على ضعف ترتيب الحكومة لأوراقها.