تشاجرت صديقتي ذات مرة مع زوجها وقررت أنها لن تستمر معه فى الحياة مهما كلفها ذلك الأمر. فقد بلغ السيل الزبى وأنها أصبحت لا تطيق الحديث معه نهائياً ولا تريد صورته أمامها، استمر ذلك العناد إلى أن قررا الانفصال وتم ذلك. ولكن بعد اكتمال عام لم يستطع أي واحد منهما الاستمرار دون الآخر فعادا وكأنهما لم يفترقا لحظة وبإحساس أقوى وأجمل. فلم أسألها ماذا حدث ولماذا عدتما بهذا العنفوان؟، ولكن ما رأيته بعيني قادني إلى أن الروح لا يمكنها أن تلتئم وتعود بنفس نقائها وجمالها ما لم يكون توأمها ونيساً لها بكل ما تحمله تقلبات الحياة، فحتى في الشجار والغضب يكون القلب مرتاحاً والعين تغمض براحة متناهية ولكننا لا نعلم سر هذه الأرواح إلا بعد بُعدها عن محيط حياتنا فهناك بعض البشر بينهُما ارتباط روحي حتمي لا يُمكنهما الاستغناء عن بعضٍهما مهماً صعبت الخلافات. لذلك علينا أن نتوقف قليلاً؛ ونسأل ما الذي يُثير الخلاف بين رٌوحين توأمين؟، كثيراً ما نتجاهل حقيقة مهمة في حياتنا الزوجية وهي أن كل شخص منا عبارة عن شخصية منفصلة تماماً لها وجودها الاعتباري وبصمتها في الحياة، ولكن مشاعر المحبة والتعود أحياناً ما تُمكننا من فرض حصار غير مقصود في كثير من الأوقات على نصفنا الآخر وذلك ينبُع من إحساس الملكية للآخر، فيبدأ معركة إثبات الذات من كليهما وتبدأ الصراعات القططية التي تكون للحب والانسجام غالبها أو لفرط زيادة المحبة، فبينما يبدأ العراك بزيادة هرمونات (الريدة) يظل يفرز كل واحد فرض حبه للآخر بطريقة درامية غير ملاحظة، ولكن التسلط والإصرار على التغيير والتقويم يكون هو النزعة الرئيسة في عملية المجادلة البيزنطية، وغالباً ما تستمر بعض الخلافات فيها أياماً، فيزداد الملل والقلق تجاه الحياة، وعندما تكثر هذه الخلافات يكون الشعور المسيطر على الجميع أن الحياة استحالت ولا بد أن تقف هنا. الخلاف هو من الأشياء الصحية جداً في كل العلاقات الإنسانية فمن المستحيل أن تكون صورة طبق الأصل لشخص آخر حتى ولو كنتما توأم بالنسب والولادة، ولكن في حالة الزواج يكون حب الامتلاك ظاهراً فهو تدعمه الغيرة والظروف المحيطة أياً يكون نوعها اجتماعياً اقتصادياً بل حتى النفسي لكل طرف يلعب دوراً كبيراً في تأجيج الوضع أو احتوائه. ما يجب علينا أن لا نخافه بأن الخلاف العميق لا علاج له ولا حل!! العكس لا توجد مشكلة دون حل، خصوصاً إن كان بين الطرفين الحب والانسجام سيكون كفيلاً بتدبر هذه الفجوة وإحكامها إغلاقاً بكل مشاعر الجمال الداخلي الذي يمتلكهما الاثنين معاً، ولكن يختلفان في درجة الرقي بأن يستطيع أحدهما أن يجعل جمال روحه واستكانة مشاعره أن تصيغ ذلك الود وتعكسه بصورة جميلة زاهية تسر الآخر. ما يجب علينا كأطراف عزيزين في حياة كريمة أن نحترم أشياء الآخر لا نسعى لتغييرها؛ بل نسعى لاحتوائها مع أشيائنا فكلما احتوينا بعضنا كلما كانت الحياة جميلة ممتعة. ودمتم…