السفارة الأمريكية في الخرطوم أعربت عن أسفها لإلغاء الحفل المفتوح الذي كان مقرراً إقامته في الساحة الخضراء مساء الثلاثاء الماضي، في وقت دعا فيه كتاب وناشطون لإلغاء برنامج الفرقة. الكاتب الصحفي الطيب مصطفى انتقد زيارة الفرقة للسودان واعتبرها خطوة استفزازية لا سيما بعد قرار الإدارة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فهاجم السفارة الأمريكية وحذرها مما وصفه اللعب بالنار، داعياً السفارة الأمريكية لترحيل الفرقة وإلغاء برنامجها. وأضاف مصطفى الذي يترأس لجنة الإعلام بالبرلمان خلال مقال صحفي: "هذا ما تُريد أمريكا إهداءه لشعبنا الذي لطالما حاصرته وأرهقته وعطّلت مسيرته وأنهكت اقتصاده زاعمة الآن، دون أدنى حياء، حرصها على بناء جسور التواصل معه بفرق الجاز الراقصة، وليس من خلال بناء ما يُعزّز النهضة والتطوّر في مجال البحث العلمي والدراسات العليا وإقامة مشاريع التنمية تكفيراً عما ألحقته ببلادنا". في المقابل، يقول القائم بالأعمال الأمريكي في الخرطوم ستيفن كويتسس، إن قرار تحويل حفل الجاز من الساحة الخضراء لحفل مغلق تم بالتنسيق بين السفارة وجمعية الصداقة السودانية الأمريكية لضمان سلامة حضور العرض. وأشار القائم بالأعمال الأمريكي إلى أنهم يعملون على تطوير العلاقات بين البلدين في مختلف المسارات، ويضيف كويتسس أن أهم مسار يركزون عليه هو التعليم ويسعون لتعزيز الروابط الأكاديمية ولكن لا بأس في بعض الأحيان من وجود جوانب مرحة عبر تعزيز الصلات بين الموسيقيين في البلدين خاصة الشباب. تبادل وتواصل فرقة (بيتريو) للجاز الكلاسيكي النيويوركية المكونة من ثلاثة موسيقيين وصلت الخرطوم السبت الماضي بدعوة من السفارة الأمريكية لتحيي عدداً من الحفلات في الخرطوم وبورتسودان وكرمكول وجبل البركل، علاوة على عدد من الورش الفنية لتبادل الخبرات مع الطلاب السودانيين. الفرقة قبل وصولها إلى الخرطوم طلبت توفير آلات موسيقية لإحياء الحفلات في السودان بدلاً عن شحن آلاتهم (درامز، وكونتراباص)، إلا أنهم فوجئوا بتعطل آلات (الكونترباص) في السودان باستثناء واحدة يعمل عليها طلاب كلية الموسيقى فلم يتجرأوا على طلبها حتى لا يؤثر ذلك على تدريبات الطلاب، فأخطروا السفارة، التي فضلت أن تشتري واحداً وتهديه للكلية فاستأذنت الفرقة من الكلية لاستخدامه في كرمكول عبر تعاقد فني. يبدي رئيس قسم الموسيقى بكلية الموسيقى والدراما د.علاء الدين محمد عبد العاطي شكره للهدية، ويقول إن الموسيقى توحد كل الشعوب، ويضيف: "إن الموسيقى جزء من جسور التواصل الشعبي، وإن مشكلة السودان هي غياب وتغييب رؤية أهل الفن في الشأن العام والتخطيط". ويشير علاء الدين إلى أن مثل هذه الزيارة تتيح للموسيقيين تبادل الخبرات، مضيفاً أن هناك تقارباً من الموسيقى السودانية مع نظيرتها الأمريكية لا سيما فيما يلي موسيقى الجاز الإفريقية الأصل. في الأثناء يؤمن قائد الفرقة تيم أرماكوست عازف الساكسفون على أن الموسيقى توحد الشعوب باعتبارها دبلوماسية أكثر فاعلية من نظيرتها الرسمية التي مارسها والده، أرماكوست تعلم الموسيقى في طوكيو ونيودلهي وأمستردام، ليقوم بالعديد من الجولات في جميع أنحاء العالم، وقد بات تيم مرشحاً لجائزة (الجرامي) باعتباره واحداً من أهم المؤلفين الموسيقيين في نيويورك. يبدي أرماكوست إعجابه بالتنوع اللحني في السودان، ويكشف عن أنهم سيضمنون أغنية (أحب مكان) في اسطوانتهم القادمة وتقديمها لمستمعيهم حول العالم. فرقة الجاز الأمريكية ستواصل برنامجها في السودان حسبما هو مرسوم وسط إجراءات أمنية، ويعزف أرماكوست على ساسكفونه محاولاً توحيد الشعوب إلا أن سياسة ترمب وردود فعلها في المنطقة من قرع لطبول العنف والتصعيد تطغى.