كانت البداية حينما ورد بلاغ لدى شرطة محلية الفاو باختفاء أحد أعيان قبائل المنطقة، والذي يعمل مزارعاً ويمارس مهنة الزراعة بالمحلية، فور البلاغ اتخذت الشرطة إجراءاتها وقامت بتدوين بلاغ اختفاء وعممت نشرة بأوصاف الرجل، وتم إبلاغ شرطة القضارف حيث اهتمت شرطة القضارف آنذاك بالبلاغ خاصة وأن تعليمات واضحة صدرت من وزير الداخلية آنذاك البروفيسور الزبير بشير طه للبحث عن المفقود، وبالفعل تولى التحقيق ضابط برتبة العميد كان يشغل مدير جنايات الولاية وشرع في البحث والتحري. استمر التحقيق لأيام معدودات إلى أن وردت معلومات تفيد بأن المزارع المختفي كان على علاقة بأشخاص من قيادة المنطقة العسكرية الشرقية بالفاو، وأن هنالك مزارع آخر كانت تربطه به، بحثت الشرطة عن المزارع الآخر فلم تعثر له على أثر، وأكد مقربون منه أنه اختفى بنفس تاريخ اختفاء المزارع المفقود، بالبحث والتحري توصلت الشرطة إلى أن المزارع الآخر متواجد بمنطقة (ماي خضرة) الإثيوبية، تم تشكيل مأمورية لاستعادة المزارع من إثيوبيا وبالفعل تم إحضاره لتبدأ الشرطة التحري معه. كشف المزارع تفاصيل صادمة لحظة التحري معه، حيث أفاد في أقواله بمحضر التحريات بأن المزارع المفقود تمت تصفيته بمزرعة طماطم داخل قيادة المنطقة العسكرية ودفنت جثته بمنطقة معينة داخل المنطقة العسكرية، وأنه يعلم تماماً الموقع الذي دُفن فيه، تمت مخاطبة قائد المنطقة العسكرية بغرض زيارة الموقع المحدد لأغراض تحقيقات وعقب تلقي المخاطبة تم تشكيل قوة وتم تزويد القوة بعناصر من مسرح الحادث والمختبر الجنائي بجانب طبيب شرعي ضابط برتبة عميد شرطة تم إحضاره من الخرطوم بغرض معاينة الجثة إن وجدت. تم نبش المنطقة التي أرشد عنها الشاهد وبالفعل عثر على جثة مدفونة وكان أولياء الدم ضمن الموجودين وبسؤالهم عن علامات مميزة أكدوا بأن ابنهم المختفي به علامات مميزة أبرزها أن لديه فلجة بين أسنانه بفكه العلوي بالفم، وبالفعل أشار إليها الطبيب الشرعي وكانت واضحة مكّنت ذويه من التعرف عليه دون تردد، وبعدها كتب الطبيب الشرعي أوصاف الجثة بأنها لذكر وبالطول المحدد وجاءت أوصافه مطابقة لأوصاف أسرة القتيل، وأكد الطبيب بأن أسباب الوفاة تعود للضرب بآلة صلبة تسببت في كسر بالجمجمة، ولم يكتف الطبيب الشرعي بذلك بل قام بأخذ عينات من العظام لفحص ال(DNA) أرسلت للخرطوم وبفحصها تأكد بأن الجثة هي ذاتها للمزارع المفقود. تم استكمال التحري مع الشاهد والذي كشف بأن القتيل كانت لديه شراكة مع عسكريين لزراعة محصول الطماطم داخل المنطقة العسكرية، وأنه في ليلة الحادثة دار نقاش بين اثنين من العساكر أرشد عنهم وتم القبض عليهم، وأضاف بأن أحدهم مسئول عن الإشراف عن المشروع داخل القيادة وأن أسباب الخلاف بين العسكريين الإثنين والمزارع دارت بسبب عائد الطماطم مقارنة بخسائر الزراعة، وعندما احتدم النقاش بينهم قام أحد المتهمين بضربه بعصا على رأسه حتى سقط أرضاً، وأوضح بأنه وقتها كان متواجداً وبمجرد مشاهدته للمتهمين يعتدون بالضرب على القتيل قام بإخفاء نفسه حتى لا يعتديا عليه واختفى بين الحشائش، وأنه ظل يراقبهما إلى أن قاما بسحب الجثة وحفرا قبراً ألقيا بالجثة بداخله وتم دفنها بالتراب وتخلصوا من آثار الجريمة، كل ذلك حدث وهو يشاهدهم، وأضاف الشاهد بأنه تسمر بموقعه طوال الليل إلى أن اقترب آذان الصبح وعندما تأكد تماماً من أن المتهمين غادرا الموقع وأن لا أحد متواجد هناك فر هارباً من الموقع، ومنها إلى ماي خضرة الإثيوبية. تم القبض على المتهمين الاثنين وأقرا بارتكاب جريمتهما وتم تقديمهما للمحاكمة، وصدرت أحكام في مواجهتهما بالإعدام شنقاً.