أبدى النواب استياءهم من رد الوزير داخل الجلسة، وخرجوا منها عقب رده الذي اعتبروه غير كافٍ، وجاءت انتقادات النواب حادة للقطاع الاقتصادي واتهموه بالفشل في وضع حلول لتدهور الاقتصاد بالبلاد في الفترة الأخيرة. وطبقاً لرصد النواب ارتفعت أسعار السلع الضرورية، فوصل سعر كيلوغرام السكر إلى 20 جنيهاً، بعد أن كان قبل أشهر ب9 جنيهات فقط، وارتفع كيلوغرام الدقيق من 7 إلى 15 جنيهاً، ولتر الزيت من 25 إلى 35 جنيهاً، أما الألبان فحدّث ولا حرج، فقد ارتفعت عبوة الكيلوغرامين من اللبن المجفف من 250 إلى 400 جنيه. رد الوزير كان رد الوزير على المسألة مقتضباً. وقال وزير الدولة بوزارة المالية مجدي يس، إن وزارة المالية تعتقد أن المضاربات في سعر الصرف بالسوق الموازي هي السبب الرئيسي في زيادة الأسعار، وأوضح أن "زيادة الأسعار غير مقبولة لأن البرنامج الخماسي يهدف لتحسين معيشة المواطن"؛ مؤكداً عدم وجود مبرر لارتفاع الأسعار من ناحية زيادة الضرائب أو الرسوم أو السياسات المالية التي تتبعها الوزارة التي وضعتها في الموازنة. وكشف مجدي عن حملة بالتعاون مع البنك المركزي والأمن الاقتصادي لمحاصرة المضاربات في أسعار سعر الصرف بالسوق الموازي، مشيراً إلى أن رقابة الأسواق وارتفاع السلع ليست من مهام وزارته وإنما مهام ولائية تقوم بها وزارات المالية بالولايات. وطالب يس المجلس الوطني والولايات بالعمل على محاربة السماسرة والمضاربات في أسعار السلع، مشيراً إلى أن وزارة التجارة تعمل بالتنسيق مع الجهات المختصة لوضع ديباجات الأسعار على السلع، وأضاف: "نصيب أي مواطن سوداني من الاستيراد للعام 2017م (182) دولاراً بينما نصيبه في الصادر (11) دولاراً"، مؤكداً أن البرنامج الخماسي يعمل على زيادة الصادرات لسد الفجوة بينها والواردات، مطالباً بتفعيل القوانين لضبط الأسعار ومتابعتها في الأسواق، مؤكداً تكامل السياسات المالية والنقدية، وأوضح أن المنتجات المحلية لم تُفرض عليها ضرائب أو رسوم ك(اللحوم والزيت والصابون والسكر المحلي تم إعفاؤها من رسوم الإنتاج)، وأضاف: (حساب القيمة المضافة أوضح أن الإسمنت يجب أن يباع ب2600 جنيه، إلا أنه يُباع في سوق السجانة ب3500 جنيه). جلسة طارئة وسحب ثقة وبعد ذلك، أبدى النائب محمد طاهر عسيل، استياءه من إدارة رئيس المجلس لجلسة الأمس، وقال إنه يدافع عن الجهاز التنفيذي، موضحاً أن رئيس البرلمان بدأت "تفلت منه الأمور". وأكد عسيل في تصريحات صحفية، أن رئيس البرلمان قمع النواب داخل الجلسة، وأن خروجهم منها بسبب إدارته غير الصحيحة؛ كاشفاً عن شروعهم في جمع توقيعات لقيام جلسة طارئة ووجود خيار آخر هو سحب الثقة من الوزارة بأكملها ورئيس البرلمان. وقال عسيل أثناء الجلسة، إن الزيادة في أسعار الخبز بنسبة مائة في المائة غير مبررة خاصة بعد تخصيص 3 مليارات جنيه لدعم القمح ضمن بنود موازنة العام الحالي، "وهي البنود التي يجب أن تلتزم بها وزارة المالية". وانتقد عسيل، غياب الرقابة الحكومية على الأسواق؛ واتفق معه العضو حسن دكين قائلاً إن الإجابة غير كافية وإن الوزير حمّل الارتفاع للولايات. واعتقد الوزير -طبقاً لحديثه- بأن البرلمان أخطأ بسؤاله للوزير، وعلى البرلمان البحث عن الجهة التي تُحدِّد الأسعار، مؤكداً أن لديهم الحق في عقد جلسة طارئة وتقديم استجوابات وأن ذلك مسؤولية تضامنية، وسيُطرح الأمر على النواب، فيما قال النائب أحمد صباح الخير إن الميزانية مرتبطة بحياة الناس والمعيشة معفاة من الرسوم، متسائلاً: "من أين أتت الزيادة؟"، مؤكداً أن معظم العاملين في الحكومة تجار. وأضاف صباح الخير في تصريحات: "لا بد أن يعقد البرلمان جلسة طارئة يستدعي فيها وزير المالية لإيجاد حل لمشكلة المواطن الذي ضحّى وصبر من أجل البلد"، وزاد: "ربط على بطنه الحجر"، وأضاف: "حرام الحكومة أن تكافئه بالطريقة هذه وتخدعه، عن طريق بعض الوزراء الذين يمارسون الغش والخداع"، مطالباً الدولة بموقف وأن تنفذ التزامها الذي وعدت به في الانتخابات بتخفيض أعباء المعيشة وتقليل المعاناة المستمرة في المياه، وأضاف: "الشعب السوداني كفاهو أذية" . نواب داخل الجلسة فيما قال العضو السماني الوسيلة، إن سعر القطعة من الخبز، طبقاً لأسعار القمح العالمية، يجب أن يكون بواقع 65 قرشاً للقطعة الواحدة، بدلاً عن السعر الجديد، بجنيه واحد، موضحاً أنه على الرغم من إعفاء سلع مثل العدس والأرز من الرسوم الجمركية والضرائب، فإن أسعارها أيضاً صعدت بشكل لا يُطيقه المواطن. ومن جانبه أوضح حسن عثمان رزق، أن الزيادات في الأسعار طرأت حتى على المنتجات المحلية، التي زادت -حسب قوله- بنسبة 300%، بما فيها الأسماك التي لا تُكلِّف شيئاً غير صيدها من النيل. وأشار رزق إلى أن تلك السلع غير متأثرة بزيادة الدولار الجمركي الخاص بالسلع المستوردة. وحمّل العضو محمد علي الهواري مسؤولية الزيادات إلى عدم قيام العديد من الجهات الحكومية بمسؤوليتها في مراقبة الأسواق، وإيقاف المضاربات في الدولار بالسوق الموازي. لا آلية للمراقبة والمتابعة من جانبها قالت النائبة عن دوائر المؤتمر الوطني سمية محمد الهادي، إنه لا توجد آليات لمراقبة تطبيق الإجراءات والقرارات التي تتخذها الحكومة، موضحة أن الإجراءات الاقتصادية الجديدة كانت جراحات لا بد منها، ولكن غياب الرقابة تسبب في تأزيم الأوضاع، وأكدت أن أسعار السلع في الولايات الأخرى تضاعفت مقارنة بالعاصمة، فيما أكد رئيس كتلة التغيير أبو القاسم برطم أن وزراء القطاع الاقتصادي سيتم توجيه استجواباتهم وسحب الثقة عنهم خلال الدورة المقبلة. وفي ذات السياق، قال البرلماني عن دوائر الحوار محمود عبد الجبار، إن معاش الناس (مسؤولية النواب "أمام الله")، وأضاف: "إذا لم يعملوا بدورهم في تحسين معاش الناس يصبح اليمين الذي أقسموا به بلا قيمة"، وأشار إلى أن رد الوزير ليس له علاقة بالسؤال، وأضاف: "الناس بتتكلم عن الكسرة وهو بتكلم عن الإسمنت". وتوقع عبد الجبار زيادة في أسعار اللحوم الحمراء والبيض، لجهة أن "الفتريتة" تتدخَّل بنسبة 60% في جميع الأعلاف حال عدم تدخل الدولة بشكل سريع وعاجل، لكبح جماح السوق والتجار، وقال: (الوضع خطير ومُخيف والناس حتاكل بعض)، وأكد اتجاه أكثر من "40" نائباً لجمع توقيعات لاستدعاء الوزير في جلسة طارئة لمناقشة معاش الناس وضبط الأسعار وفرض هيبة الدولة، وتخوف من انفلاتات أمنية ومشكلات لا تُحمد عقباها. وقال النائب المستقل مبارك النور إن حديث وزير الدولة "كلام فضفاض"، موضحاً: "دا كلام سياسيين واقتصاديين"، وأكد أن الأرقام تُشير إلى ارتفاع نسبة الفقراء و(الشحادين)، وأضاف: (حتى الأسر المتعففة أصبحت تشحد علني)؛ وأكد فشل الحكومة في السيطرة على السوق والأسعار، ولم تلفت إلى المطالبات بوضع ديباجات على السلع، وأشار إلى خطورة الأمر والغلاء الطاحن وأن حديث المسؤولين متضارب، والوزير لم يستطع الإجابة عن الأسئلة، وجدد مطالبته بإقالة القطاع الاقتصادي وتعيين طاقم جديد بكفاءات وليس ولاءات.