خطورة الوضع المتداول وتأثيراته المحتملة لم تخضع للتقديرات والشد والجذب، فكان القول الفصل ببيان نفيٍ تم تعميمه في كل الوسائط للوثيقة المتداولة، فيما سارع مصدر برئاسة الجمهورية، وكشف ل(السوداني) أن السلطات تتابع خيوطاً للوصول إلى من زيف محضر الاجتماع المزعوم للجنة السياسية الأمنية برئاسة الجمهورية. وأكد المصدر أن الهدف من فبركة الوثيقة هو إرباك علاقات السودان الخارجية مع الأشقاء، بالإضافة إلى إرباك الساحة الداخلية بهدف نسف الأمن والطمأنينة. المصدر لم يألو جهداً في تأكيد فبركة الوثيقة، فأشار إلى وجود عبارات ومصطلحات تم استخدامها في المحضر وأضاف: هناك عبارات ومصطلحات لا وجود لها في لغة الدولة مثل الحديث عن فتح باب الجهاد، ودعم إخواننا في مصر وليبيا، وغيرها من العبارات التي تم استعمالها بسذاجة لأهداف معلومة. وقطع المصدر بأنه لا وجود ولا أصل لما تتناوله وسائط التواصل الاجتماعي وتزعم أنه محضر اجتماع التأم في رئاسة الجمهورية، وأضاف: هذه ليست هي الطريقة التي تُكتب بها محاضر الرئاسة، والصيغة ساذجة ووضعت المحضر بهيئة خطاب، كما أنه احتوى مجموعة من المغالطات والتناقضات التي تؤكد زيفه وكذبه. وأكد المصدر أنه ليس معهوداً أن تكون زيارة روسيا في أكتوبر ويتم استعراض نتائجها في ديسمبر، واصفاً الوثيقة بالعمل الفطير لجهة أن من فبركها فات عليه أن توقيع اتفاقية مصر وروسيا كان بعد الزيارة وليس قبلها، وأضاف: المحضر المزيف حفل بمغالطات يضيق المجال بحصرها. قاطعاً بأن سياسات السودان ومواقفه واضحة وثابتة ومعلنة، وأضاف: وستكشف الأيام القادمة مصدر التزييف والإجراءات العادلة تجاهه.. ليست الأولى: السكرتير الصحفي الحالي للرئاسة عبد الله جاد الله قطع في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أنه لا علاقة للرئاسة بالوثيقة المنسوبة لها، مؤكداً بأنه لا علم لهم بها لجهة أن ما تريد نشره الرئاسة يأتي عن طريق مكتب الإعلام، معتبراً أن عدم الرد هو الأجدى في مواجهة تلك الفبركات لجهة أنها تجد ملاذها في وسائط التواصل الاجتماعي ولا تُبرز من يقف خلفها، واصفاً ما صدر ب(كلام واتساب ساي). جاد الله أكد أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها فبركة مستندات أو وثائق منسوبة إلى رئاسة الجمهورية، وأضاف: محاولات الفبركة والتزييف كثيرة جداً. مشيراً إلى أنهم بمجرد بروز مثل تلك الوثائق يسارعون إلى الجهات المعنية في الرئاسة للتأكد ومن ثم يتضح أنه لا علاقة لمؤسسات الرئاسة بالموضوع، وأضاف: صدور أي وثيقة أو خطاب من رئاسة الجمهورية أو حتى التصريح يخرج منسوباً إلى مصادر صريحة ومعروفة. وأكد السكرتير الصحفي للرئاسة أن بروز مثل تلك الوثائق الهدف منه تشويه علاقة السودان مع دول الجوار والتشويش على سياسته الخارجية. جوانب فنية: المدير السابق لإعلام رئاسة الجمهورية م. أُبي عز الدين يذهب في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أنها ليست المرة الأولى التي يفبرك فيها البعض مستندات ومحاضر اجتماعات منسوبة للرئاسة أو جهات أخرى حكومية، وأضاف: لوحظ أن كل المستندات المفبركة التي خرجت في الفترات الماضية كانت إما للفتنة بين الحكومة والمواطنين، أو لزرع الفتنة بين السودان ودول الجوار. مشيراً إلى أن الإشاعة تجد مساحة للانتشار كلما قلت المعلومات حول الموضوع محل الجدل، واستدرك: لكن يمكن تحجيم أثر الشائعات الممنهجة عبر توفير المعلومات الصحيحة وبسرعة بل قبل أن يتم طلبها، حيث يجب أن يكون ذلك من ضمن التخطيط الإعلامي المسبق لإدارة الأزمات في المؤسسات الحكومية. عز الدين استدعى خبرته إبان العمل في دهاليز القصر الجمهوري مركزاً على جوانب فنية في الوثيقة المتداولة ومنسوبة لاجتماع رئاسة الجمهورية، فأكد أن هذه المستندات لا تحمل الترويسة الأصلية، إضافة لوجود الحبر الباهت في شعار صقر الجديان، كما أن ختم السيد وزير شؤون الرئاسة فيه خطأ واضح. من وراء الفبركة؟ في الوقت الذي أعتبر كثيرون بروز وثيقة تحمل ترويسة الرئاسة تحت عنوان محضر اجتماع يعد تسريبا، الامر الذي يعني أن مصدرها يمكن أن يكون من داخل القصر، إلا أن النفي العاجل للوثيقة وإبراز الجوانب الفنية في تزييفها حولها من وثيقة مسربة إلى مفبركة، ليبدأ البحث في من يقف وراء تلك الفبركات؟ ويذهب مدير الإعلام برئاسة الجمهورية عبد الله جاد الله، إلى أن مثل تلك الوثائق ربما تكون صادرة من خارج السودان، ومن ثم يتم تداولها عبر الوسائط إلى أن يتم تداولها في السودان، أو عبر دول أخرى لها أغراض من ذلك. أبي عز الدين بدا أكثر تحديداً في الإشارة إلى من تدور حولهم شبهة فبركة تلك الوثائق، ويركز على ملاحظة أن كل ما يظنه البعض تسريباً تجده متعلقاً بدولة مصر وليبيا والسعودية وقطر والإمارات وإثيوبيا، وأضاف: مما يعني أن هناك جهة لها رابط مع هذه الدول، ولا تريد للسودان علاقات جيدة مع الأخرى. ووجه عز الدين اتهاماته لأجهزة مخابرات تعمل على فبركة تلك الوثائق لتوتير علاقات السودان، وقال: لا أستبعد أن تكون مخابرات إحدى هذه الدول، وخصوصاً التي تحتضن معارضين في أرضها، قد قامت بالتواصل مع المعارضين السودانيين لتمرير هذه الفبركات وكأنها تسريبات. تجارب سابقة: بعيداً عن الاتهامات قريباً من الواقع العملي، فإن تعدد عمليات تزييف وفبركة وثائق رئاسة الجمهورية بدا أمراً هيّناً إزاء محاولات أخرى بلغت حد انتحال شخصيات عاملة في رئاسة الجمهورية، ونقلت تقارير إعلامية سابقة على سبيل المثال لا الحصر في يونيو 2016م أشهر عمليات انتحال، حيث قام الجناة وقتها بإبراز بطاقات تؤكد انتماءهم للقصر الجمهوري لأفراد الشرطة، الأمر الذي سهل لهم فيما بعد سرقة (35) كليو جرام من المشغولات ذهبية بقيمة (20) مليون جنيه من داخل مجوهرات (مسك الختام) بشارع الصاغة بسوق أمدرمان. كما شهد أغسطس 2014م عملية أخرى حيث قامت عصابة بتزوير أختام رئاسة الجمهورية بالاضافة إلى تزويرهم خطابات باسم النائب الأول الحالي بكري حسن صالح.