الأخ عالمنا الجليل البروفسير محمد الأمين التوم وزير التربية والتعليم الاتحادي…لك ودي…تحكي ذاكرة التأريخ؛؛؛ سئل رئيس وزراء اليابان عن سبب صعود بلاده الى قمة هرم الاقتصاد، الثراء المعرفي والتألق المجتمعي. ورد باطمئنان وبثقة مفرطة قائلا: "لأننا بذرنا بذور العلم والمعرفة knowledgeفي نفوس بني وطني اي كان اهتمامنا بالتعليم اولا education، ووضعناه في حدقات العيون." والتعليم هو الذي يصنع ويصقل الإنسان:مفجر التنمية.والتعليم لا يقل اهمية وضرورة للإنسان من الماء والهواء. وفي الزمن الجميل كان للتعليم القدح المعلى في إنعاش واثراء الخدمة المدنيةcivil service:علما، فكرا ونبوغا. وكان التعليم آنذاك أخضر وهاجا.ولكن دون استئذان هبت عاصفة الانقاذ الهوجاء ، وقضت على الاخضر واليابس، ثلاثة عقود من الزمان كئيبة أمضاها التعليم في غيبوبة فكرية، مهنية، علمية واكاديمية.ذبلت حديقته الغناء، وجفت منابعها.وأصيب معلمونا بالتحجر المعرفي، الخمول الذهني والضمور المهني. وبالأمس فطنت اخي الوزير لتفاقم المأساة، والنكبة المفجعة التي كادت تقبض بأنفاس التعليم فشمرت عن ساعد الجد.وبدأت اليقظة والانطلاقة، ولسان حالك يقول"ان مشوار الميل يبدأ بخطوة"…وسرت اخي على بركة الله.وأقول لك المهمة شاقة وعسيرة ، ولكنها ليست بالمستحيلة.تحتاج لنطاس بارع يضمد الجراح، ويسكت الأنين. وبدأت جهدك الوطني اخي الوزير بعقد مؤتمر قومي للنهوض بالتعليم ليتزامن ويواكب العام الأول لثورة ديسمبر للتغيير. أثلج صدري طرحك العلمي المهني والأكاديمي عن الرؤى والخطوات المستقبلية لتعليم افضل في المجتمع الثوري المرتقب.فهي امانٍ نأمل ان تتحقق.تابعت طرحك ذلك في برنامج مؤتمر اذاعي عبر الإذاعة القومية يوم الجمعة الماضي"قبل انعقاد المؤتمر المزعوم". أملي ان تسمح اخي الوزير لذاكرة قلمي المهني ان تجود ببعض الملاحظات السماعية عن مؤتمر النهوض بالتعليم. اولا: كنت اتطلع وأتوق ان تدعو "فقط" نخبة cream متميزة ونوعية quality not quantity ، من الخبراء في حقل التعليم العام وعلم المجتمع وعلم النفس والمنتدى التربوي السوداني وقدامى المعلمين "دق الحلبة"، تضمهم لجنة رشيقة وهم من ذوي الخبرة والتجربة، لتشخيص الداء وتحديد الدواء. ان أوجاع وهموم وقضايا التعليم معروفة لرجل الشارع ولا تتطلب ذلك الزخم البشري "المؤتمر" لنفض الغبار عنها في مؤتمر كمي زخمي تلثم بالصخب الفاتر،الضوضاء الصامتة والبريق الزائف وإهدار مال الشعب.فهذا كان ديدن العهد البائد. ثانيا: أقولها لك صادقا اخي محمد الامين :ان هواجس وأوجاع التعليم المعروفة للجميع لن تذوب ثلوجها، ولن تنقشع سحائبها بالحشد البشري والخطب الرنانة التي صمت آذاننا في عهد كسيح زائل . علينا: "أ"؛ تدبير وحشد التمويل finance اللازم للخروج من المحنة بمساهمة الدولة، الجهد الشعبي ، المنظمات، الرأسمالية الوطنية، الشركاء من الدول الصديقة وآخرون. "ب": بث الروح في الإرادة السياسية المفقودة بل الموؤدة لعقود مضت political will ، والعزيمة القوية والإصرار determination"" ج: التخطيط السليم. فبهذه المحاور سنعبر، وستأتي الثمار أكلها. لنكف عن صخب المؤتمرات وأضوائها الساطعة فهي رماد تذروه الرياح ويلوذ بوادي الصمت كسابقاته ..العمل لا القول. "د" أرى لابد من تفعيل واستقامة عود قسم الإحصاء التربوي بالتدريب والتوعية المعرفية، حتى يقدم احصاء دقيقا واقعيا صحيحا بعيدا عن التخبط، الارتجال والعشوائية التي لازمتنا لعقود من الزمان، وأعاقت التخطيط السليم الموجه. ثالثا: حز في نفسي، أخي الوزير واشتعل وجداني غبنا وألما لعدم تقديم دعوة رسمية "بالاسم" لأعضاء المنتدى التربوي السوداني لحضور المؤتمر المزعوم ،ولتعلم اخي الوزير ان هذا المنتدى" المنسي" هو المرجعية التربوية لهموم التعليم بالسودان، وما تناوله مؤتمركم الموقر من محاور شتى ،كان قد عقد لها المنتدى العديد من أوراق العمل، وقتلها بحثا، تنقيبا وتشريحا وقدمت كلها بالعديد من الندوات ،السمنارات والمؤتمرات وتوصياتها الآن تغط في نوم عميق بخزائن المنتدى لم تسعد ولم تحظ بالتنفيذ لشح المال والإرادة، وهي مازالت في الانتظار فما رأيك دام فضلك أخي محمد الامين؟ رابعا: حرر لك اخي الوزير، استاذ الأجيال محمد الحاج ابراهيم احمد رئيس المنتدى التربوي السوداني خطابا رقيقا معطرا بالود وذلك فور تسلمك المنصب التربوي الرفيع يطلب لقاءك بأعضاء المنتدى بغرض التهنئة والمؤانسة الفكرية، التربوية والمهنية حول قضايا التعليم "ويشيلوا معكم الشيلة المثقلة". ولكن لاذ الأمل بوادي الصمت . وبالامس تجدد الأمل الأخضر بلقائك العفوي برئيس المنتدى ، ومما أثلج صدورنا، ان اللقاء المرتقب مازال يحلق بذاكرتك، ونأمل ان يتم.. لتعلم اخي الوزير ان المنتدى التربوي هو توأمك في العمل الوطني والسعي الحثيث اللاهث من اجل تعليم أفضل جيد التوعية وللجميع، ويعمل المنتدى صادقا وتطوعا، ولم يتطلع يوما ما لبريق محموم، او ملق مسموم او رياء مذموم، حمانا الله وإياكم.وشكرا لك .قلوبنا وصدورنا مفتوحة أخي محمد الامين من أجل بناء وطن بنحلم بيهو. خامسا: أبدا مشوارك بالبحث عن اليد البيضاء .ولن تخفق جهودك. أعانك الله ونحن معك على متن السفينة.عليك بالبطانة الصالحة الناصحة النقية.