تحديات كثيفة تواجه الاقتصاد الوطني، لخصها الكثيرون في تزايد المهددات الأمنية، الأمر الذي فرض على الجهات المعنية في العمل الأمني الاقتصادي ابتكار وتطوير طرق مواجهة تلك المهددات في الرصد والمراقبة والمتابعة. وبرر الخبير الاقتصادي د.هيثم فتحي في حديثه ل(السوداني) أمس، لذلك بأن الأمن الوطني مطالب بحماية القوى الاقتصادية التي تتأثر بمدى استقرار السياسات الاقتصادية، على أن يكون للأمن القدرة على التنبؤ باتجاهاتها إلى جانب وجود سياسات اقتصادية تخلق بيئة اقتصادية حافزة ومشجعة على الاستثمار. وأضاف: "على الحكومة مواجهة الاحتكار، مع ضرورة تعديل وتفعيل قانون حماية المنافسة خاصة أنه يساعد على ضبط إيقاع السوق وزيادة دور جمعيات حماية المستهلك". استمرار هذا الوضع الحالي دون معالجة يؤدي بحسب الاقتصاديين إلى المزيد من الإضرار، ليس بالمستهلكين الفقراء فقط، بل يتعدى ذلك إلى الإضرار بالاقتصاد القومي في مجمله وإلى شيوع ظواهر اجتماعية غير سليمة، ويرى هيثم أنه لم تعد هناك جهة مؤثرة تعمل على التصدي لمحاولات زيادة الأسعار غير المبررة أو طرح السلع الفاسدة، وشدد على أهمية تنقية التشريعات والقوانين وتغليظ العقوبات على المحتكرين. قاطعاً بأنه لا عدالة اجتماعية دون القضاء على المحتكرين الذين يستحوذون على نصيب الفقراء. كيف يُسهم الاحتكار في الفساد؟ وطبقاً للاقتصادين فإن عملية الاحتكار تفتح الباب أم شركة أو كيان ما إلى بسط هيمنته وفرض منتجه الخاص مهما كانت درجة جودته وبالسعر الذي يريده نظراً لعدم قدرة المنافسين على مواجهته، ومن ثم تتعاظم أرباح ذلك الكيان الذي قد ينافس نفسه في بعض الأحيان عن طريق شركات أخرى تمثل فروعاً له، وكشف فتحي عن أن الاحتكار يهدد كيان الدولة، لذا لابد من وضع القوانين الصارمة لمواجهته، لخلق توازن في الأسواق وإبعاد فكرة السيطرة على السوق وتضخم الثروات الفردية على حساب الطبقة الكادحة. معارك جانبية من جانبه استبعد وزير الدولة بوزارة المالية السابق والخبير الاقتصادي ب. عز الدين إبراهيم في حديثه ل(السوداني) أمس، أن يكون السماسرة والمضاربين هم سبب ارتفاع الأسعار، مؤكداً أن ذلك حديث ليس بصحيح وغير واقعي، مؤكداً أن ما يرفع السعر هو العرض والطلب، وأضاف: بالتالي لا مبرر للمعارك الجانبية. وجود مخربين للاقتصاد الوطني اعتبره عز الدين نوعاً من المبالغة، وأضاف: "هناك ندرة في العملة الأجنبية بفقد الصادرات منذ انفصال الجنوب، وهو ما انعكس بدوره على الأوضاع الاقتصادية خاصة أسعار السلع، بجانب التقاعس عن زيادة الصادر". وأضاف: "نحن نتذيل أواخر الدول في الصادرات مع أفغانستان وبورندي". وشدد إبراهيم على تفعيل قانون المنافسة ومنع الاحتكار و تكوين مجلس وفقاً للقانون يحقق في الاحتكار، لجهة أن ارتفاع أسعار السلع يعود لأسباب تتعلق بزيادة الدولار وارتفاع سعر الصرف خاصة وأن المستوردين يشترون الدولار من السوق الموازي. ماذا يقول التجار؟ وليس بعيداً عن رؤية المحللين الاقتصاديين، ما أورده بعض التجار وأصحاب محلات البيع بالجملة الذين استطلعتهم (السوداني) من أن الاحتكار سبب في الارتفاع في أسعار السلع، ويذهب التاجر التاج علي، إلى أن الاحتكار موجود في الأسواق وهو سبب ندرة السلع، كاشفاً عن أن المحتكرين هم كبار التجار ولا يظهرون في الصورة وغير معروفين بالنسبة حتى للتجار، واستدرك: "لكنهم يقومون باحتكار السلع على خلفية معلومات تأتيهم من بعض الجهات ليقوموا على ضوئها باحتكار السلع التي دائماً تكون سلعة مستهلكة وضرورية ولا يمكن الاستغناء؛ عنها مثل السكر الذي يتأرجح سعره حالياً نسبة لانخفاض الدولار وعدم وضوح السوق للتجار، حيث انخفض من (110 إلى 85) جنيهاً. من جانبه أقرَّ التاجر علي الشنبلي صاحب (بقالة الشنبلي) وجود احتكار للسلع في السوق، وقال الشنبلي إن الاحتكار يحدث حينما يكون السوق (كاشف وما في بضاعة) وأنه بناء على قراءة السوق يقوم التجار بتخزين آلاف الجولات ولا يبيعونها إلا لمعارفهم من صغار التجار وبكميات محدودة رغبة في رفع الأسعار. الشنبلي أكد ل(السوداني) أمس، أن الاحتكار يكون لتجار أصحاب إمكانية مالية مقتدرة تمكنهم من احتكار من (10 ألاف إلى 20 ألف) جوال سكر، واستدرك: "لكن صغار التجار لا يستطيعون احتكار الأسواق لعدم امتلاكهم قدرات مالية". مشيراً إلى أن التركيز يكون أكثر على السلع الضرورية التي يستهلكها المواطن يومياً مثل السكر والدقيق والزيت والعدس. بينما يذهب التاجر حاتم ياسين في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أن هنالك ركود في حركة السوق رغم انخفاض الدولار، وأضاف: "الكل يتوجس من انخفاض أكثر في الأسعار لجهة أن هنالك انخفاضاً طفيفاً في أسعار بعض السلع مقابل احتكار في بعض السلع من الممولين للتجار في السوق المحلي بأمدرمان، مما أدى إلى حدوث أزمة في السلع وبالتالي ارتفع سعر السلع خاصة السكر لكثرة استهلاكه، بالإضافة للشاي والبن والألبان المجففة.