إني لفراقك لمحزون أيها الإمام ولا أقول إلا ما يرضي الله. لقد توقف اليوم قلب عظيم عن الخفقان فتوقفت معه عجلة التاريخ السياسي السوداني ولو لبرهة من الزمان، توقف ذلك القلب العظيم عن الخفقان بعد عمر طاهر مديد من الكد والنشاط والعمل المتميز الذي كان درسا لنا نحن السياسيين في ضرورة السعي لخدمة البلاد، ذلك الواجب العظيم وضرورة الطهر عن أي مساس للمال العام فضلاء عن الاعتداء عليه أو إطلاق للسان في ما يضر أو ما لا يعني بعكس ما ساد وانتشر بين عدد ممن حكم البلاد منذ أن بدأت عجلة الحكم بعد الاستقلال. فكان الإمام الذي عرفته إماما ليس فقط لطائفة الأنصار وحدها، وإنما إمام للحكمة كذلك ولنا نحن السودانيين جميعا. لم يعرف له عمل أو نشاط طوال ساعات حياتة سوى التفكير الدائم والمستمر في ما يخص الشأن العام للبلاد، فقضى حياة مليئة بالعطاء لبلاده دون كلل أو ملل حتى مات واقفا كالشجر وهو يعطي ، ذلك الموت الذي ينتظر الجميع ، نسأل الله حسن الخاتمة للإمام برحمة من الله وغفران ، وأن يجيرنا الرب تعالى في مصيبتنا ويخلف لنا خيرا منها