كل المشهد الآن تقريباً دخل مباراة في ملعب (سيداو)،بطلها فريقان(فصيل يمثلني×فصيل لايمثلني)!وفي أثناء انشغال الكل مع هذه المباراة المحمومة وقعت جريمة لا تقل بشاعة عن جريمة فض اعتصام القيادة العامة ، وهو فض اعتصام الأضية بولاية غرب كردفان،حيث سقطت فيه شهيدة و7جرحي،وحرق صيوان الاعتصام ومبنى رئاسة المحلية ومنزل المدير التنفيذي وعدد من السيارات داخل المحلية نتيجة لأعمال العنف الذي استخدمته القوات الأمنية المشتركة في فض الاعتصام،حسبما جاء في خبر علي صدر صحيفة (الجريدة)الغراء عدد الخميس 6/مايو إذاً أين التغيير الذي حدث،إذا كانت ذات ممارسات النظام البائد من قتل وسحل وحرق-مستمرة-إلي يومنا هذا في حكومة ما بعد الثورة، بذات النهج البربري الغاشم الذي تغيظه مثل هذه الاعتصامات والاحتجاجات التي تتوشح بالسلمية، وينفد معها صبر المعتدي الغاشم لأنه لم يعتاد على ممارسة الديمقراطية وسماع الطرف الآخر (السلمي)الأعزل الذي لا يحمل سوي يديه البيضاء من غير سوء. جريمة فض اعتصام القيادة العامة التي دماؤها لم تجف إلي الآن،ولجنة التحقيق ما زالت تُحَقِق في من ارتكب هذه الجريمة البشعة التي اهتزت لها أركان الدنيا الأربعة، ومع أن الجريمة واضحة المعالم وفاعلها معروف، ورغم أنف تحقيقات لجنة التحقيق(المستقلة)-كما زعموا لنا- ما زالت سلسلة فض الاعتصامات مستمرة وبذات العنف والقبح،ومن حقنا أن نتساءل أين التغيير الذي لم ينعكس على أرض الواقع ، وفي أبسط الحقوق وهو (الأمن)؟وهل الثورة قامت من أجل قلع رأس النظام فقط ، وترك الجسد والذيل يتحرك ويلسع يومياً في أبناء الوطن؟ فض اعتصام الأضية ليس الأول بعد فض اعتصام القيادة العامة ، ولن يكون الأخير، فمن قبله كان فض اعتصام (بليل) وكتم والقائمة تطول وهذه مجرد نماذج فقط، ويبدو أن عملية فض الاعتصامات أضحت عدوي وانتقلت ثم انتشرت منذ فض اعتصام القيادة العامة للجيش، وبدلا من أن تكون جريمة فض اعتصام القيادة آخرها وتوبة نصوح للجنة الأمنية للبشير التي ما زالت تحكم الدولة-كما قال بروف حسن مكي-بل تمادت في فعلها!وذلك مرده لغياب المحاسبة والمسؤولية ، لأن من أمن العقوبة أساء الأدب. الثورة لما انطلق قطارها كان شعارها(الحرية والسلام والعدالة)،ولكن إلي الآن لم يتحقق من هذا الثالوث سوي الحرية بيد أنها حرية منقوصة،واستفاد منها أعداء الثورة أكثر من أبناء الثورة الحقيقيين. وأتساءل إلي متى تتوقف هذه المجازر البشرية في هذه البلاد الطيب أهلها، الذي تحمل ضنك العيش ورغم ذلك لم يسلم من الموت على فوهات البنادق؟ومتى تتحقق العدالة الناجزة التي ينشدها أهل وذوو الضحايا، والسودان كله يكاد لا تجد حياً أو مدينة إلا وتجد فيها أسرة من أسر الضحايا. القتل فات الحد ولا بد من تدخل المجتمع الدولي لإيقاف هذا القتل، والتحقيق في الجرائم التي ارتكبت من قبل ، وتقديم مرتكبيها إلي العدالة..هذا هو الذي يحقق السلام الاجتماعي الذي نفتقده..ولا سلام بدون محاسبة.