وفي ونسة جانبية مع أستاذنا الكبير البروف البوني والحديث كان عن مشروع الجزيرة وما آل إليه من وضع مؤسف جعل الكثيرين الذين يعرفون عن هذا المشروع يضعون أيديهم في قلوبهم وهم يشاهدونه يغرق ... لا بل يغرق بضم الياء مع سبق الإصرار والترصد .. البروف البوني قدم تشخيصاً منطقياً لما يحدث للمشروع قائلاً إن كل الطاقم القيادي الذي يدير العملية الاقتصادية في السودان منذ مجئ الإنقاذ هو كادر تربى على النهج الاقتصادي الغربي ومن ثم سار في اتجاه مفاهيم هذا الاقتصاد يهتم بقطاع البنوك وقطاع المال ، وأسواق الأوراق المالية ، والقطاع التجاري المرتبط بالصكوك والسندات وليس له قناعة أو ثقة في القطاعات الإنتاجية الأخرى كالزراعة والثروة الحيوانية ومايرتبط بها وهذا مايفسر الانهيار الذي حدث لها في عهد الإنقاذ !! السيد مهاتير محمد صانع النهضة الماليزية الأبرز في قفزة النمور الآسيوية وفي حوار ممتع ومفيد ورائع مع الدكتور خالد التجاني نشر في (السوداني) قبل أيام قدم إفادات مهمة عن الأزمة العالميه الأمريكية، وقدم تشخيصاً دقيقاً لما مر به ذاك الاقتصاد الضخم والممسك بزمام الصدارة منذ عقود ... قال مهاتير إن الاقتصاد الغربي اقتصاد كاذب يقوم على المضاربات والسندات والأرقام التي لاتعكس حقيقة الوضع فلقد تخلى الغرب عن الإنتاج الحقيقي للسلع الحقيقية والخدمات وأفسح السوق وأخلاه للصناعة الآسيوية القادمة من الصين وكوريا والهند واليابان، وضرب مثلاً ببريطانيا التي تركت صناعة السيارات تماماً وتراجع ألمانيا في هذا المضمار وارتفاع كلفة الصناعة في أمريكا .. نعم وبحكم قربي من هذا المجال فأنا أعرف إحصاءات مصانع القطاع الخاص الأمريكية التي هاجرت لتنشئ لها صناعات في الصين واليابان وكوريا بحثاً عن الأيدي العاملة الأغزر إنتاجا وأقل كلفة ومن ثم الأمهر في إخراج منتج لديه القدرات التنافسية العالمية .. السيد مهاتير يصف المخرج للأوربيين بضرورة إنشاء اقتصاد حقيقي يقوم على تقليل الاعتماد على القطاع المالي والتوجه لإنتاج فعلي وحقيقي وملموس ينمي من ثم قطاع التجارة والتبادل التجاري ويراكم قدرات اقتصادية واقعية يستشعرها المنتجون الأساسيون أولاً، ثم تصعد بها الدول والحكومات .... أين عبد الرحيم حمدي وصابر محمد الحسن ليسمعا هذا ؟؟؟؟؟ والدكتور خالد يسأل مهاتير عن سبب تخلف الدول والشعوب الإسلامية، سرحت بعيداً وأنا أتخيل الإجابه وبماذا سيرد الخبير الآسيوي الفذ الذي لايستطيع ادعاء ارتباط نسبه بالدوحة الهاشمية مثل مايجعجع الكثيرون هنا بغير صلاح ... مهاتير قال في إجابة رائعة إن سبب تخلف المسلمين هو عدم فهمهم الصحيح للدين !! كيف ؟ قال الرجل إن فهمه لجوهر تعاليم الدين تقوم على مفهوم إحسان العمل والأداء الجيد .. ويواصل : الإسلام يريدنا أن ننعم بحياة حسنة في الحياة الدنيا ووعدنا بحياة حسنة إن نحن أحسنا في حياتنا الأولى ثم تلا الآية (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ) .. والحياة الحسنة لاتتحقق اعتباطاً .. فلابد من تعليم جيد ولابد من وجود تفانٍ وإحسان في أداء العمل ... لن نقول لكم أسندوا أمر الاقتصاد السوداني للرجل في غمرة هوجات تداخلكم الأممي هذا .. ولكن فقط حاولوا أن تأتوا بالرجل خطيباً في المسجد الكبير كل أسبوعين حتى نرتاح من خطباء الغفلة والزعيق الأجوف .... من يستضيف هذا العلامه ويحشد له خطباء السودان وأسماعهم ....