تسببت اشتراطات الخارجية الأمريكية لاستعادة مساعداتها الاقتصادية للسودان في موجة التوجس من احتمالات توقف الدعم الخارجي للفترة الانتقالية قبيل وصوله حتى خاصة في ظل الهيمنة الأمريكية على المحيط الخارجي ما يمثل عائقا كبيرا أمام انسيابها، فيما أبدى بعض المسئولين والمحللين الاقتصاديين تفاؤلا مشوبًا بالحذر من الخطوة غير أنهم أعربوا عن أملهم في حدوث حراك إيجابي قريبا في هذا الملف، داعين الحكومة للتركيز على تعظيم الموارد الذاتية خلال هذه الفترة. وأعلنت الولاياتالمتحدةالأمريكية في العام المنصرم 2020 عن تبرعها بمبلغ(81)مليون دولارفي إطارالمساعدات الإنسانية للسودان لتوفير الحماية الضرورية والخدمات والاحتياجات الغذائية العاجلة، ومساعدات أخرى بقيمة (700) مليون دولار. وتوقع مديرإدارة مؤسسات التمويل الدولية والتجمعات الاقتصادية بوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي د.أحمد الشريف انسياب المساعدات الاقتصادية من أمريكا والعالم الخارجي عقب تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة وتسلمها مهامها. وقال الشريف ل(السوداني) في تعليق على الاشتراطات الأخيرة التي أعلنتها الخارجية الأمريكية لاستعادة صرف مساعداتها المالية المعلقة المقررة ب(700)مليون دولار للسودان منذ الانقلاب العسكري على الحكومة قال إن استعادة المساعدات يستدعي من الحكومة إعداد خطة وبرنامج واضح ومقبول للعالم الخارجي يتناسب وقدراتنا وثرواتنا الموجودة والكامنة ويتوافق مع العالم الخارجي حتى تطمئن أمريكا والدول المانحة للانسياب الآمن والسليم والمنتظم لمساعداتها للسودان . وقال الشريف إن على الحكومة،الاستفادة كذلك من علاقاتها مع دول التعاون الثنائي كالصين وغيرها ودول الخليج العربي وتطوير شراكاتها مع القطاع الخاص المحلي والخارجي في تأهيل البنى التحتية والاستراتيجية وحفز وتشجيع الاستثمارالأجنبي والمحلي وتطويرمواردها الذاتية لتسييرالاقتصاد لصعوبة حصولها على القروض استجابة لمتطلبات التسهيل الائتماني الممدد الذي ينفذه السودان آنيًا مع صندوق النقد الدولي والذي يشترط عدم استلاف أي أموال من الخارج وقروض تجارية وذلك تجنبًا من الدخول في أعباء ديون جديدة، متوقعًا انسياب التسهيلات بعد حصول السودان على نقطة اكتمال القرار بشأن إعفاء ديونه الخارجية، بعد نحو (39) شهرًا،مبينًا إمكانية تلقي السودان خلال هذه الفترة لقروض ميسرة بقيمة(120) مليون دولار حتى العام القادم 2022 وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرًا أن السودان بحاجة لإحراز المزيد من التقدم قبل أن تستأنف واشنطن صرف المبلغ المذكور من المساعدات المعلقة، وقالت إن انسياب المساعدات يعتمد على ما سيحدث في السودان خلال الساعات والأسابيع القادمة. وذهب الشريف لضرورة اهتمام الحكومة كذلك بتطوير المراسلات البنكية مع الخارج وانسياب الصادرات تلافيًا لحدوث عجز في الميزان التجاري، والحد من انفلات التضخم، وترشيد الإنفاق الحكومي ودعم الدولة للمواطن من خلال تطبيق برنامج الحماية الاجتماعية. وقال المحلل الاقتصادي الأكاديمي بروفيسور عصام بوب ل(السوداني): إن أمريكا أعلنت منذ بداية حراك 25 أكتوبر رأيها بصراحة وبطرق عدة منها تصريحات المبعوث الامريكي للقرن الإفريقي ووزير خارجيتها وهذا يتضح من شروطها وتجميدها كافة المساعدات للسودان. وأشار إلى أن إعادة حمدوك لرئاسة الوزراء لن يخدم كثيرا في اعادة المساعدات التي تقدر قيمتها الأولية ب 700 مليون دولار إلا بالشروط الامريكية. مبينا أن هذا التعليق لا يأتي منفردا وانما يتبعه تجميد مساعدات اخرى من بينها إعفاء الديون. وقال إن القائمين على الامر لم يلتفتوا الى أنه رغم التصريحات الامريكية بضرورة اعادة حمدوك الى تركهم مدخلا صغيرا وهو اشتراط وجود حكومة مدنية حسب الوثيقة الدستورية، مشيرا الى تسبب رد الكونجرس الأمريكي بمشروع قرار لفرض قانوني لعقوبات فردية على اشخاص في دعم استمرار تعليق المساعدات. وقال بوب اعتقد ان الولاياتالمتحدة ستستمر في إرسال المساعدات الانسانية ولكنها ستعلق مساعدات اخرى للتنمية والبنيات التحتية حتى تنفذ ما تراه من سياسات لدعم الديمقراطية وأهمها هو تنفيذ انتخابات مبكرة في السودان، وأبان أن تعيين سفير امريكي جديد للسودان لا يخدم أغراض اتخاذ قرار بفك تجميد الإعانات والاعفاءات والمنح. ودعا الى ضرورة التفكير الجدي في إحداث إصلاح اقتصادي وسياسي واجتماعي داخلي حقيقي يرضي العالم والشعب السوداني وتحقيق الاستقرار المطلوب لضمان تدافع العالم نحو مساعدة السودان.