(فرصة تاريخية) ، هكذا يقول الساسة عندما يقترحون او تُقترح عليهم حل هم جزء من تنفيذه للخروج بالبلاد من الازمة الراهنة، بل ويدعون إلى اغتنامها، وبعدها يرسلون تهديدًا ووعيدًا سيلحق بالبلاد والعباد ، ويعتقدون أن المقترح سيتحول بعده السودان إلى عالم وردي .. والسؤال إذا لم تتوافق القوى السياسية على الحل المطروح الآن هل سيكون الخيار هو إجراء انتخابات مبكرة بالبلاد ؟ الخرطوم: وجدان طلحة تغيير ثوري : التباين في الآراء دليل عافية، والطبيعي أن الأحزاب السياسية المختلفة لديها برامجها وفكرها ، لكن في ظل الوضع المحيط بالسودان يصبح التوافق على الحد الادنى من القضايا الوطنية مهم ، لإخراج البلاد من الازمة التي تعيشها ليس من انقلاب 25 أكتوبر، ولكن من ظلام سيطر عليها منذ عقود . أكثر ما يقلقل الساحة السياسية هو استمرار الفجوة بين لجان المقاومة والحرية والتغيير، والتي تعمقت أكثر بعد مشاركتها في الحكومة، وكانت لجان المقاومة تعتقد ان اداء السلطة التنفيذية دون قامة الثورة، ولم تكن بمستوى ماقدمته لجان المقاومة وقوى الحراك الثوري، وتطلعات الشعب السوداني، وهذا اشاع نوعًا من التمرد بحكم التكوين النفسي والفكري للجان المقاومة التي تتطلع للمثالية وتريد تغييرًا ثوريًا سريعًا، وفي نفس الوقت هناك اعتقاد بان الوفاء للشهداء كان ومايزال، وان المطلوب رفع نسب المشاركة وسياسات اقتصادية واجتماعية تفتح فرص للمؤهلين من تلك اللجان للعمل، ومجمل تلك الاشياء ادى الى تراجع شعبية رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، وغيرها من الأخطاء التي خصمت من رصيد الحرية والتغيير . مراقبون يشيرون الي الاستقطاب والاستقطاب المضاد وتعبئة لجان المقاومة ضد الحرية والتغيير، خاصة الحزبية ،ولم يكن مكتب رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك بعيدًا من ذلك، رغم ذلك فان بعض قيادات الحرية والتغيير ترى ضرورة التكامل بين الاحزاب ولجان المقاومة. الانتخابات حل ؟: بعد انقلاب 25 أكتوبر ظل البرهان يردد ان حل الازمة السياسية يكون إما بالتوافق الوطني أو الانتخابات ، لكن في سبتمبر الماضي قال (لا نريد ان ندخل انفسنا في العملية السياسية ، لكن لن ننتظر الى ما لا نهاية) ، مشيرا الى انه كان يمكن انجاز مهام الانتقال ، لكن القوى المدنية والمجتمع الدولي والاقليمي طلب منا ان نتوقف . الناطق باسم المجلس المركزي للحرية والتغيير شهاب ابراهيم يذهب في تصريح ل(السوداني) الى ان الاتفاق يمكن ان يمضي بتوافق معقول ، وتوقع ان تنخرط مكونات من قوي الثورة في الاتفاق النهائي او في الفترة الانتقالية وتكون داعمة لها . وقال ان الانتخابات المبكرة ليست حلا للازمة ، ولا يمكن اللجوء اليها قبل تفكيك نظام الثلاثين من يونيو ، لافتا الى انه في السابق كان العسكريون وفلول النظام السابق كانوا يريدون اللجوء اليها . رفض واتفاق : وبحسب مراقبين فإن القوى السياسية رافضة لانقلاب 25 أكتوبر ، وبالتالي فان المخرج يكون بالاتفاق بالعودة الى الوثيقة الدستورية ، ومتفقة ايضا على ان الوثيقة الدستورية بها مواد مخالفة للوضع السياسي الراهن ،مثل المواد المتعلقة بسلطة تعيين الاجهزة الحاكمة ، ويتم تعديلها بدلا عن السلطات التي كان يتمتع بها الشريكان ، ويتم اسنادها الى مجموع القوى الموجودة في الفقرة 5 من المادة 24 من الوثيقة الدستورية باستبعاد المؤتمر الوطني المحلول وواجهاته . المكونات تجتمع لتُقرر تعديل المواد المُشار اليها ، وتقوم بتعيين مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء والمجلس التشريعي . عبء كبير : بعض القوى السياسية الموقعة على الاتفاق الإطاري والعسكريون يعتقدون ان الاتفاق يمثل آخر الفرص حل الازمة السودانية ، وان البلاد لم تعد تتحمل مزيدًا من الصراعات والانقسامات ، ويُشيرون الي ان الباب مايزال مفتوحا لانضمام قوى الثورة . لكن بعض قوى الثورة تعتقد ان الحل في انهاء انقلاب 25 أكتوبر أولًا ، ويعتقد ان الاتفاق الإطاري هو امتداد للانقلاب . الناطق باسم الحزب الشوعي فتحي فضل اعتبر في تصريح سابق ل(السوداني) ان الازمة السياسية الحالية هي نتيجة تدخل جنرالات الجيش في السياسة ، والخروج منها يكون بتشكيل حكومة مدنية ديمقراطية ، مشيرا الى ان قوى الثورة الحية المتمسكة باللاءات الثلاثة هي المؤهلة لتشكيلها . وقال ان الحكومة القادمة يقع عليها عبء كبير مثل ملف السلام ، وايقاف الاجراءات الاقتصادية المتبعة الآن ، لأنها أفقرت الشعب السوداني، بالاضافة الى ملف العدالة ، والابتعاد عن سياسة المحاور الإقليمية والدولية . فضل رفض الحديث عن اي تسوية سياسية ، وتساءل تسوية مع من؟ ولماذا؟ مشيرا الى ان التسوية المطروحة الآن لاستمرار الشراكة بين المدنيين والعسكريين ، لكن بشكل اقل مما كانت عليه سابقا ، وقال ان التجارب علمتنا ألا نثق في المكون العسكري بمجلس السيادة . ظروف استثنائية : رئيس مجلس السيادة قال في خطابه عن الذكرى 67 لاستقلال البلاد ، جميعنا يدرك الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا والتي تسببت في زيادة المعاناة على معظم قِطاعات الشعب السوداني، ونُحن إذ نُقدِّر هذه المُعاناة، ونشكُر شعبنا على هذا الصبر والصمود، ونؤكد التزامنا الذي أعلناه في 4 يوليو 2022م بخروج المؤسسة العسكرية نهائيًا من العملية السياسية، مع التزامنا بحماية الفترة الانتقالية استجابة للمطالب الثورية وضرورات الانتقال. واضاف : نرجو أن يتم تكوين الحكومة الانتقالية من الكفاءات الوطنية المستقلة، وتكون برامجها الأساسية إيجاد حلول عاجلة للمشاكل الاقتصادية، والعمل على استكمال بناء السلام وتحقيق الأمن والاستقرار، وتهيئة البلاد للانتخابات مع توحيد اللحمة الوطنية وبهذه المناسبة نُطلق النداء مجددًا للإخوة الذين مازالوا يحملون السلاح أن هلموا إلى الوطن من أجل السلام ولنتحِد في ملحمة البناء . البرهان أكد على ضرورة جمع الصف الوطني ووحدة الكلمة واتخاذ الحوار الجاد والموضوعي وسيلةً لتجاوز الخلافات والصراعات وذلك لتوحيد الجبهة الداخلية لمجابهة التحديات التي تحدق بالوطن . تطورات إيجابية : مراقبون أشاروا اإلى أنه في حال مضي المكونين المدني والعسكري في التوقيع علي الحل النهائي دون حدوث تطورات ايجابية لصالح العملية السياسية فإن الحكومة القادمة ستجد معارضة شرسة من قوى سياسية بعضها كان محسوبًا أنه من رفقاء النضال ضد نظام الثلاثين من يونيو ، ورفضًا عنيفًا من لجان المقاومة ، الذين مثلوا تطورا نوعيا في الانتفاضة ، وظاهرة كونية نادرة ، لانه ، حدثت انتفاضات بدول كثيرة غالبا يتم احتواؤها او تدجينها . اتهامات وُجهت الى النظام البائد وأنصاره بأنهم اهتموا بتلك اللجان باعتبار انها كانت اضافة سحرية للثورة،لذلك ارادوا ان يجعلوها حلبة صراع محتدم، وحتى الاحزاب التي كانت تحكم الفترة الانتقالية كانت تتنافس لضم لجان المقاومة لصالحها . لكن بالعودة الي التوقعات بانها ستكون اكبر المعارضين للحكومة ، ذلك لانها ترفض الحل الإطاري ، وتعتقد ان الحرية والتغيير المجلس المركزي لجأت اليه لتصميم نوع جديد من الشراكة مع العسكريين ، في وقت مايزال البحث عن تحقيق العدالة وبقية شعارات ثورة ديسمبر مستمرًا دعم وسند : منذ سقوط نظام الانقاذ شهدت البلاد عددًا من المبادرات والمقترحات للفترة الانتقالية ، لكن بعد انقلاب 25 أكتوبر كانت فترة خصبة لإنتاج المقترحات ، لم تجد قبولا من الشارع والقوى السياسية .. الاتفاق الإطاري الذي تم التوقيع عليه في 5 ديسمبر الماضي كان ايضا بين خانتي الرفض والقبول ، رغم ان الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي تعتقد انه الحل الحقيقي لانهاء الانقلاب ، كما انه يحقق الحكم المدني الديمقراطي . التحالف الآن يسعى الى ايجاد دعم وسند للحل السياسي ، ويعتزم زيارة الامارات ، قطر ، المملكة العربية السعودية، جنوب السودان ، تشاد ، إثيوبيا.