مدخل: (لم أجد أكثر سوءاً من الذين يتصرفون بناءً على قاعدة تحسس رغبات قادتهم) (1) كان جدي (رحمه الله) يحدثني عن بغضه للمتملقين، ومن شدة بغضه لهذا الفصيل الاجتماعي تولدت لدي حساسية تجاههم فقد سعوا فى عصرنا هذا لإبدال شفرات الصعود والترقي مستخدمين ما أوتوا من قوة ومهارة فى مجال (كسير التلج) ومتلازمته (الحفر) او الكيد للزملاء المنافسين. (2) تتردد ضحكة زميلي فى اذني وأتذكر منظره وجسده الممتلئ وهو يرتج بعنف وهو يردد ان زمن (كسير التلج) انتهى ولم يعد يجدي نفعاً، اعود لأتذكر خيبتي تلك وانا استبشر خيراً قبل ان يصدمني ببقية حديثه "نحن فى زمن زلق لوح التلج بكامله"، ويبرر حديثه مدافعا ومنافحا عن مهاراته فى هذا المجال بعد ان برز زملاؤه الصغار من (كساري التلج)، وهو يلقي على نصائحه التى لا تجدي معي: "(كسير التلج) فن يحتاج لمهارة شديدة وحتى تكون العملية ناجحة يجب اختيار التوقيت المناسب والمكان، المناسب والتلجة المناسبة وبعد ده كلو يا صابت يا خابت!" (3) كانت حيلته تنجح وأنا أرقبه يصعد فى سلم الحظوة، تاركا كرامته تتناثر من خلفه، وقبل ان تتلاشى تقترب اختي لتخبرني بآخر (جدعات) صديقتها (المستهبلة) فى كسر التلج لوالدها والتلاعب به، وتقول وسط (حوقلاتي) لما يحدث ان صديقتها تعمدت ترك هاتفها في البيت فوجده أباها فبدأ يبحث في المكالمات حتى وجد رقم باسم (حبيبي) فأراد أن يعرف من هو فاتصل بالرقم واذا بهاتفه يرن فبكى أباها ومنحها 200 جنيه، فابتسمت وذهبت واشترت هدية (الفلنتاين) لحبيبها الذي كانت تسميه فى هاتفها (سارة الشينة)!. (4) اختلط غضب جدي بغبار كرامة صديقي المتناثرة وابتسامة البنت اللعوب، غبت قليلا عن الوعي لأرى أنى فى مكان غريب فى مدينة كلاسيكية تراصت فيها المتاجر القديمة، حضر صديقي الممتلئ وقال انظر، خرج صاحب محل مجاور برفقة عاملين معه فى طريقهم لتناول الإفطار، جرني لأتبعهم، وفي طريقهم إلى المطعم مروا ببائع خردوات على الرصيف فاشتروا منه مصباحًا عتيقًا..أثناء تقليبهم له، تصاعد دخان كثيف من الفوهة ليتشكل جني هتف بهم بصوتٍ كالرعد: - لكلٍ منكم أمنيةٌ واحدة. ولكم مني تحقيقها لكم. (5) سارع العامل الاول للهتاف: - أنا أولاً! أريد أن امتلك قصرا فخيما وأموال كثيرة، أومأ الجني بيده فتلاشى في غمضة عين. العامل الثاني صارخًا: - أنا بعده أرجوك! أريد أن أجد نفسي رئيسا فى البيت الابيض. لوّح الجني بذراعه فاختفى العامل من المكان. وهنا حان دور صاحب المحل الذي قال ببرود: - أريد أن أجد نفسي في المتجر بين العاملين وهما منهكان فى العمل. (6) ابتسم صديقي وطيفه يغادر ليصلني صدى صوته "اجعل مديرك أول من يتكلم حتى تعرف اتجاه الحديث"، اغمض اذني!، قبل ان اشيح بعيدا فى انتظار انتهاء عصر (كسير التلج).. انقذني يا جدي فأنا أكاد ان أغوي!.