النيل الأبيض يواصل زحفه المدمر الكلاكلة: سماح عثمان بالرغم من أن مناسيب النيل الأبيض وفقاً لبعض المواطنين مستقر منذ نهار أمس الأول إلا أن معاناة المواطنين مستمرة في بعض أحياء جنوبالخرطوم ابتداء من الكلاكلة القبة وحتى الشقيلاب ففي الأولى هجر الكثير من المواطنين منازلهم بعد أن حاصرتها مياه النيل الأبيض كما هو الحال في ذاك المنزل الكائن بالقبة مربع (9) الذي أصبح جزيرة معزولة في عرض (البحر) ومع أنه يبدو مبنياً بشكل جيد واحتاط أصحابه للفيضان مبكراً وحصنوه ب(بجوالات تراب) إلا أنه – المنزل- ينتظر مصيره المحتوم، وقريباً منه هناك منزل آخر ابتلعت المياه نصفه ولا زال النصف الآخر في البر ومشهد البيوت التي أحكم النيل الأبيض حصاره عليها كثيرة على طول الشاطئ من القبة وحتى منطقة الشقيلاب الحسانية ويجاهد المواطنون لردع النيل والحيلولة بينه وبين التوغل قدماً في الحي وإحداث المزيد من الخسائر فيما هاجرت الأسر التي تأثرت مساكنها إلى اتجاهات مختلفة حسب المواطن كمال علي الذي قال: "حسب علمي هناك أسرة رحلت إلى شقة مفروشة بحي أبو آدم وآخرون يسكنون في ضيافة أقربائهم أو جيرانهم". استقرار مناسيب النيل أزال الكثير من المخاوف التي كانت تسيطر على الأهالي الذين يسكنون بالقرب من النيل، لكن القلق يساورهم فهم يعلمون أن النيل الأبيض بالذات لا يستقر على حال كما عودتهم التجارب، كثيرون قالوا إن استقرار المناسيب لا يعني أن الخطر قد زال تماما، ويقول كمال: "ما أشبه اليوم بالبارحة، فيضان هذا العام شبيه بفيضان العام 1988 لكن أضراره أقل لأن الاستعدادات أفضل خاصة في المناطقة الواقعة شمال الكلاكلة القبة حيث تم بناء (كورنيش) وفي مناطق أخرى أنشئت تحصينات قوية لذلك الخسائر ربما مقتصرة على المناطق الواقعة جنوب القبة وربما لذلك لم تجد مشكلتنا الاهتمام الإعلامي الكافي فالناس هنا يعانون بصمت. وفي الحقيقة ما يحدث عبارة عن كارثة حقيقية رأيناه خلال جولتنا في منطقة الكلاكلات وبالتحديد في الكلاكلة القبة حيث تضرر الأهالي تضررا شديدا من المياه التي تسربت الى داخل البيوت المجاورة للنيل الذي يكمل على مهل ما بدأته الأمطار وتقول الحاجة زبيدة التي طلبت نشر اسمها الأول فقط إن المياه تحاصر منزلها الذي كان قد انهار فيه دورة المياه والسور الخارجي بمياه الأمطار وتخشى أن تقضي عليه فيضان النيل الذي تقف مياهه على بعد أقل من متر واحد من المنزل المتصدع، وطالبت بتوفير الشوالات والرملة لردم الشارع قبل حدوث المزيد من الأضرار. أما حافظ مكاوي وهو أحد الشباب المتضررين من الفيضان فيقول إن المياه تحيط الحي بأكمله والى الآن لم يتلقوا مساعدات من أي نوع غير (طلمبة سحب) معطلة لا تعمل واستعادوه في اليوم التالي مباشرة وعندما سألناه عن الجهة قال: لا أعلم إلى أي جهة ينتمون. ثم واصل قائلاً قرابة الثلاثة أسابيع ونحن على هذه الحالة. من مشاهد الأضرار التي صاحبت الفيضان انهيار الروضة التي تقع بالقرب من منزل حافظ مكاوي بعد أن تسربت المياه الى داخلها فتم إخلاؤها فيما ذهب الأطفال إلى إجازة مفتوحة لا يعلم مداها إلا علام الغيوب. وما حدث للروضة حدث بوقع الحافر على الحافر على خلوة حاصرتها المياه منذ أمس الأول وأغلقت هي الأخرى أبوابها وفقاً لإفادات المواطن محمد نورين الذي قال إن الكثير من منازل المواطنين محاصرة بالمياه والكثير منها أصبحت خالية الى مناطق أخرى أكثر أمناً، وأضاف أن الأهالي في ظل غياب السند الرسمي المؤثر جمعوا المال واشتروا الردميات لتأمين الشارع إلا أنها لم تفي بالغرض ومازالت المياه تهددهم وقابلة للزياده في أي لحظة. ونبه نورين إلى مشكلة أخرى هي انتشار الباعوض والحشرات التي أضرت بالأهالي ضررا شديدا. ولاحظت (السوداني) وجود ردميات في شارع بذات المربع الذي اشتكى فيه المواطنون من الغياب الرسمي عن المشهد وعلمنا أن السلطات المحلية هي التي أنشأت الترس بذاك الشارع ويفسر المواطنون ذلك بأنه (عدم) عدالة في توزيع المعينات. الفيضانات خلفت العديد من المشاكل التي من ضمنها أعمدة الكهرباء التي غمرتها المياه ومع استمرار سريان التيار الكهربائي الأمر الذي من الممكن أن يشكل خطراً كبيرا على الأرواح حال سقوط عمود ووصول الأسلاك إلى المياه خاصة وأن الأرض (تشّربت) وارتوت وهو ما يزيد من احتمال سقوط الأعمدة. وتشكل النفايات وتراكمها في ظل عدم ترحيلها من داخل الأحياء التي ابتلع فيها النيل الأبيض الكثير من البيوت المتاخمة ويهدد (النز) و(تشّرب) الأرض منازل أخرى لم تصل إليها أمواج النهر بعد. ويأمل المواطنون هناك أن تتوقف الخسائر عند هذا الحد وأن تنحسر مناسيب النيل من النقطة التي استقرت عندها أمس.