(اوض الحبوبات).. مستودع الذكريات والمقتنيات الخرطوم: فاطمة خوجلي كعادتهم يقفون عند رأسها كل صباح مصبحين عليها... ويجلسون بقربها مستمتعين بشرب الشاي معها... جدتهم التي يعرفونها جيداً لا يعكر صفو مزاجها سوى العبث بأغراضها ومقتنياتها التي يرون أنها مجرد (كراكيب) فيما ترى هي أنها (كنز ثمين)... حفيدات – حاجة التومة- يجدون صعوبة بالغة في تنظيف غرفة الجدة خاصة وأنها تقول إنها شيء من رائحة الجد – رحمه الله- (حاجة التومة) إحدى الجدات التي تعتبر الاقتراب من مقتنياتها كالتعدي على الخطوط الحمراء التي لا يسمح بمجرد التفكير في تجاوزها وعلى الأبناء احترام ذلك. الغرفة المحظورة الشابة خالدة تاج السر في حديثها ل(كوكتيل) تصف غرفة جدتها ب(المستودع) الذي يحوي مالزم ومالم يلزم من دهانات جسم وشعر ومرايا ومشط... خالدة تضيف أن جدتها من هواة الاحتفاظ بجميع أنواع الأكياس البلاستيكية التي تحتفظ بها تحت (مخدات) و(مراتب) الأسرّة. إلى جانب وضعها لصندوق كرتوني تحت السرير يحوي (البن والهيل والجنزبيل) إضافة لبعض (الحلوى) التي تخبئها الجدة للأطفال (عندما تكون رائقة المزاج). خالدة تستغرب ضيق جدتها وغضبها عندما يقترب أحد من المحظور الذي يتعلق بمقتنياتها ولو كانت مجرد (صابونة). من جهته يشير العم تاج السر إلى ضرورة اهتمام الأبناء والأحفاد بتوفير أفضل وأنسب ما لديهم في المنزل من وسائل الراحة لوالديهم وأن يجتهد من في المنزل بقدر المستطاع لأن يراعي لمشاعرهم ففي رأيه أن كبار السن أكثر تأثراً وحساسية من غيرهم. خالدة ترجع لتقول إن غرفة جدتها أصبحت عبئاً عليها في النظافة عندما تحولت إلى مستودع تخزين. تخزين وتموين أما ربة المنزل زينب الفاضل فتتفق مع الحديث السابق وتقول في حديثها ل(كوكتيل) إن غرف كبار السن بمثابة مستودع تخزين في المنزل. الفاضل تضيف أنه وفي كل مرة ترغب فيها في (نظافة عامة) في المنزل والاستغناء عن بعض المقتنيات التالفة وغير الضرورية إلا وتجد اليد الطولى للجدة في اقتنائها لتجد مجدداً مستقراً لها تحت سرير الجدة إلى جانب الكثير من الأشياء التي تحمل ذكريات فترة من حياتها. والمقربون من الحاجة السيدة دوما ما يلاحظون أنها تحتفظ بمفتاح تلك الخزانة كقلادة تزين عنقها وعن سر هذه الحميمية تقول الحاجة السيدة (حتى لا يصل إليه أحد)، مشيرة إلى أنها تحتفظ بالأوراق الثبوتية والمهمة في هذه الخزانة العتيقة. وذكرت (أم الحسن) أن والدة زوجها التي تقيم معها بالمنزل؛ وكغيرها من كبار السن لا تزال تحتفظ بحق التصرف والشورة بالمنزل. أم الحسن أخبرتنا أنها تعاني هي وابنتيها في نظافة غرفة الجدة. أم الحسن وهي تبتسم أضافت أن غرفة جدة أبنائها عبارة عن مستودع تمويني حيث يجدون فيه كل ما يخطر في البال من سكر وشاي وزيت، وأضافت أم الحسن أن الجدة تسعى لتوفير كميات إضافية من التموين خاصة بها تحتفظ بها في غرفتها. مقاومة عنيفة ولفتت أم عبد الرحمن إلى بعض سلوك الجدات في المعارضة والاعتراض على التخلص مما تحتفظ به من الماضي من أواني منزلية وصور فتوغرافية وملابس، متعللة بأنها (تراث). حفيدتها (معزة) تبدي سعادتها ومتعتها عندما تجد جدتها متمسكة بإرثها ومقتنياتها الخاصة. وأضافت أن جدتها تتعهد تنظيف غرفتها بنفسها حيث لا يحظى أحد بنيل ثقة الجدة في مشاركتها لترتيب (أغراضها). معزة في حديثها ل(كوكتيل) بينت أن جدتها لا تزال تحتفظ بالعلب والزجاجات و(البرطمانات) الفارغة. معزة رجعت لتقول إن أفراد المنزل يجدون مقاومة عنيفة من الجدة ودائماً ما يدخلون معها في صدام في سبيل التخلص من هذه (العلب الفارغة) والأغراض القديمة والمهترئة وغالباً مايخرجون صفر اليدين من هذه المعركة. فيما أوضحت نوال حسين – ربة منزل- أنها تستغل فرصة غياب والدتها لتشن حملة نظافة على كل ركن من أركان المنزل، موضحة أن والدتها تحتفظ بأشياء لا قيمة لها وتصر على الاحتفاظ بها. نوال تتفق مع (أم الحسن) في أن كبار السن يميلون للاحتفاظ ب(المواد التموينية) وعلب الكبريت؛ التي يرون الاحتفاظ بها ضرورة وواجباً. أساليب تعامل يعيش بيننا والدينا وكبارنا والإحسان إليهم وبرهم ورد الجميل إليهم مطلب رباني ومقصد إسلامي. وقد قال المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام. (ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه). من هنا إشارة لضرورة أن نكون على بصيرة ب(أساليب التعامل مع كبار السن) ومراعاة شعورهم والاحتفاظ بمقتنياتهم وعبق يعيد لهم ذكريات الماضي التي ترفع الروح المعنوية لديهم. وينبغي أن يدرك من يتعامل مع المسن أن تظل ذكرياته الماضية حية ماثلة أمامه فهو يتذكر جيدا أعماله التي قدمها في شبابه ويرغب في الحديث عنها بنفسه أو التحدث عنها مع غيره. وعلى الأبناء الحرص على ألا ينشب خلاف بينهم وبين كبار السن والجدات خاصة في الرغبة بالتغيير أو التخلص من الأشياء التي لا يستفاد منها.