عندما زار الشيخ محمد عبده باريس فى العام 1881م قال قولته المشهورة (وجدت إسلاماً ولم أجد مسلمين ) وعندما عاد الى الشرق قال (وجدت مسلمين ولم أجد إسلاما) لكن هذه العبارات مع القليل من التصحيح واختلاف الوجهة المكانية والزمانية جعلتني أغيرها كلية فقد سنحت لي الفرصة الاسبوع الماضي زيارة دولة أندونيسيا بدعوة من أسرة السفارة الاندونسيية بالخرطوم. أقول إننى (وجدت إسلاما ووجدت مسلمين) فإندونسيا التى تستحق أن يطلق عليها (درة المحيط) بلا منازع تتميز عن معظم الدول الإسلامية ودول العالم بجمالها الطبيعي الخلاب وشعبها الطيب وتعامله الحضاري الراقي فأندونيسيا تعتبر أكبر دولة إسلامية من حيث السكان (260) مليون نسمة وشعبها يعتبر من أكثر الشعوب احتراما للأجانب يبتسم أينما تجده فى الشارع او فى العمل يتطوع لمساعدة الزائرين. معتزون جدا بثقافتهم ولغتهم الأندونسية كذلك شديدو الاعتزاز بالدين الاسلامي. تلحظ ذلك من الشارع العام فالنساء الاندونسيات معظمهن يتردين الحجاب الاسلامي حتى مع الأزياء التى تعتبر أكثر حداثة كذلك التدين تلحظه من خلال أداء الشعائر الدينية فالمساجد تمتلىء عن آخرها فى أوقات الصلاة وهي تنتشر فى كل بقعة وزاوية من أحياء وولايات البلاد فالحكومة الاندونسية تعطي أهمية كبرى للمساجد هذا الشيء يلحظه أي زائر لها من خلال الاهتمام الكبير بتشييدها على أحدث طراز وتزويدها بكل الاحتياجات. أما فى الولايات فالاهتمام بالمساجد يتميز بنكهة خاصة فالمسجد ليس فى وقت الصلاة فقط وإنما فى كل الأوقات تجد الاندونسيين داخل المساجد فرادى وجماعات. كم أحسست حينها بتقصيرنا هنا فى السودان فنحن لا نذهب الى المسجد إلا لأداء الصلاة ومن ثم نغادر. أما هنالك فحتى الذى لا يجلس فى حلقات القرآن الكريم والتجويد والفقه والسيرة وغيرها من الحلقات الموزعة داخل المساجد تلحظ الاندونيسي إذا كان بمفرده او مع أفراد عائلته يتجول فى حدائق المساجد التى تتميز بأشجارها الباسقة وخضرتها الدائمة ونوافيرها المتلألئة فالله سبحانه وتعالى حبا أندونسيا بطبيعة خلابة فأينما تولِّ وجهك تجد الخضرة حولك إضافة الى الأجواء المعتدلة الجميلة التى تجعل من التجوال شيئا ممتعا طوال اليوم . الأجواء المعتدلة والجميلة جعلت من أندونيسيا قبلة السواح من كل أنحاء العالم يأتون إليها للتمتع بطبيعتها الخلابة والاستمتاع بشطآنها وغاباتها فكل بقعة منها تعتبر معلما سياحيا فالكثير لا يعرف أن أندونيسيا تضم (17) ألف جزيرة تنتشر متلألئة مثل العقد الماسي على المحيط الهندي منها (3) آلاف جزيرة مأهولة بالسكان أما أكثر الجزر شهرة هى جزيرة بالي التى تعتبر من أهم المناطق السياحية على مستوى العالم. أما الذى لا يعرف عن أندونسيا أن كل جزيرة منها تعتبر منطقة سياحية فالطبيعة التى تتميز بها والبنية التحتية التى أقامتها الحكومة جعلت من كل بقعة مهما كانت قصية جعلت منها (درة) سياحية فالخدمات تنتشر فى كل مكان ابتداء من الطرق المسفلتة والكهرباء والفنادق والأسواق والمنتجعات السياحية المجهزة بكل وسائل الراحة لكي يستمتع بها السائح الطالب للمتعة والاسترخاء .