يبدو أن الارتباك والإضراب هو القاسم المشترك الأعظم بين المسؤولين في الحكومة سواء كانوا تنفيذيين أو تشريعيين، الأمر الذي يجعل تصريحاتهم لأجهزة الإعلام غير متسقة، ومتوافقة مع مقاماتهم ومسؤولياتهم تجاه الوطن والمواطن السوداني، إلى درجة الخروج من لياقة أخلاقيات المسلم السوي، والشواهد على ذلك كثيرة، وعلى قفى من يشيل حيث (تتطاقش) التصحيحات والاعتذارات والتسويات المعلنة منها والمستترة، إلى جانب الرسائل السرية التي تبعث إلى أجهزة الإعلام المختلفة للحيلولة دون ضخ معلومات أكثر. ومن بين تلك التصريحات ما نسب إلى نائب رئيس البرلمان هجو قسم السيد وهو منصب رفيع جداً ومعني بالرقابة على الجهاز التنفيذي وسن القوانين الضابطة للأداء حيث قال بحسب ما نقلته عنه صحيفة التيار(إن الحسابات التي وردت بأسماء الوزراء الشخصية داخل وزاراتهم في تقرير المراجع العام الأخير تم إغلاقها جميعاً، وعادت إلى بنك السودان، ونفى أن تكون وزارة الدفاع ضمن الوزارات التي كانت تجنب الإيرادات، ولكنه قال: "فقط تأخذ رسوماً" وأن جميع الجهات الآن تخضع للمراجعة ولا توجد أية جهة رفضت المراجعة). نرجو إعادة قراءة الفقرة السابقة مرتين أو ثلاثة، بالتركيز على قوله أن وزارة الدفاع لا تجنب الإيرادات، ولكنها فقط تأخذ رسوماً، بربكم ما الفرق بين من يجنب الإيرادات، وبين من يأخذ الرسوم الذي يتحصلها ويتصرف فيها (وهو ما تعنيه كلمة تأخذ) والتي تقابلها كلمة (تحصيل) والتي تعني عدم التصرف فيما يتم تحصيله، فالمسؤول الرفيع للأسف فسر الماء بالماء، وبذلك تكون الوزارة التي يدافع عنها السيد هجو وضعها في قفص الاتهام المباشر، وحتى لو كان قصده التحصيل هل في القوانين التي ظل يجيزها برلمانه نا يخول لأي جهة أخرى غير وزارة المالية أو عبرها تحصيل إيرادات للدولة؟ إنها التصريحات الإنصرافية التي توقع المسؤولين في شر أعمالهم. إن كانت تلك التصريحات صحيحة مائة بالمائة، وخرجت لمقصدها هذا، فلا نستبعد أن يطلق السيد وزير المالية قريباً تصريحاً بأن وزارته سوف تقوم بمهمة التجنيد والتسليح، وهو في إطار يبادل المهام بين الوزارات، وبذلك تصبح آلية مكافحة الفساد التي كونها رئيس الجمهورية برئاسة وكيل المالية الأسبق الطيب أبو قناية، فقط مجرد زيادة الإنفاق الحكومي، من غير أن تقوم بأي مهمة، لأنه لا يمكن مكافحة شيء من غير قوانين، ومعايير محددة يتفق حولها.