دعونا بداية نناقش قضية فئة من الشعب السوداني ظلت في العراء طيلة الأيام الماضية والمصعدة لأن تصبح طيلة الأشهر الماضية في إطار تصعيد مستمر لحل المشكلة.. القضية هنا لا تتعلق بكون أنك مع أو ضد... سواء كنت مؤيدا للتصعيد من قبل المناصير للفت الانتباه لحل المشكلة أو كنت مؤيدا لاتجاه الحكومة وتمسكها بما رأته من خيارات.. ففى الحالتين الأمر يتعلق بهيبة الدولة.. أن تقف مكتوفة الأيدي دون أن تصل إلى حل يرضي الجميع. تعجز في الحوار فتترك مجموعة من شعبها تحت هجير الشمس... فدون أن ننظر للمشكلة أوعلاجها عبر وجهات المختلفة أو وجهات النظر المتضاربة والمتقاطعة فإن ترك مجموعة لأعمالها وافتراش الأرض ليل نهار بالصورة كما المناصير الآن شيء غير مقبول من الحكومة. حتى وإن كان الرأي الحكومي هو الأصوب لحل المشكلة.. فهذه الصورة السلبية لوضع إنساني سلبي في الدولة سيجر معه مجموعة مشكلات وآثار سلبية اخرى، اكبرها اننا نضع المشروعات الاستثمارية والقومية في مواجهة وجها لوجه مع المواطنين والمتأثرين. صباح الاربعاء لبينا دعوة من السيد محمد الحسن الحضري وزير الدولة بوزارة السدود.. أراد الرجل أن يوضح للرأي العام موقف السدود من قضية المناصير وماذا فعلت الدولة من بحث لإيجاد الحلول.. في نفس يوم الخميس كان الطلاب من ابناء المناصير في الجامعات يخرجون في مسيرات سلمية تنفي جملة وتفصيلا ما جاء في بيان حكومة نهر النيل بالتوصل لاتفاق مع المتأثرين كانوا يرددون (رسالة قوية للبشير... يا حقوقنا يا التغيير). السيد وزير الدولة محمد الحسن الحضري يسرد كثيرا من المعلومات المهمة كان من الممكن لو أن الحكومة دخلت في حوار مكثف مع المناصير أن تؤدى إلى تغيير الوضع الراهن، خاصة وأن المناصير يشكلون نسبة60% من مجموعة المتأثرين البالغ عشرة آلاف أسرة.. أهم ما قاله وأكد عليه وزير الدولة أنه لا يوجد تهجير قسري وانه من حق المواطن أن يختار.. إذن أين المشكلة؟ اعتقد أن حرية الاختيار وهو الأمر الذي اكد عليه رئيس الجمهورية يجب أن تترك لأهلنا المناصير دون إلزامهم بخيار يجعل منه عمليه قسرية، اي خيار الاتجاه الواحد. وزير الدولة شرح لنا الجوانب الفنية التي تجعل من الخيار المحلي أمرا غير ممكن، بحيث تكون إعادة التسكين حول البحيرة أمرا اشبه بالمستحيل لأنه من غير الممكن أن تعيش كل تلك المجموعة على صيد الأسماك دون إنشاء مزارع ومصادر رزق أخرى وهذا بسبب تذبذب المياه واستحالة قيام محطة طلمبات جراء وجود كميات الطمي. مرجعية وزير الدولة هنا دراسات ل(امير) الألمانية بعد رفض رأي هيئة جامعة الخرطوم الاستشارية والتي جاءت بنفس الرأي العلمي باستحالة تنفيذ الخيار المحلي. الحضرى قال إنهم اختاروا الوقوف مع رأي الجهات الفنية التي ترى في الخيار المحلي انتحارا وتشريدا للأجيال القادمة.. وفي رده على تمسك المناصير بالرأي الفني لشركة يحيى عبد المجيد قال الحضري إنها دراسة استكشافية كما أنها في خلاصتها أكدت استحالة قيام مشروعات تعتمد على ري دائم. ثم اردف الحضري بالقول "هناك فرق بين أن يكون الخيار المحلي ممكنا وبين الجدوى الاقتصادية وإن كل الجهات الفنية التي قامت بالدراسات أكدت أنه ممكن لكن بلا جدوى اقتصادية"... إذن إدارة السدود متمسكة بما تراه من حل فني والمناصير يرفضون هذه الرؤية ورئيس الجمهورية وجه بعدم فرض الحل بشكل قسري، فإلى متى يظل الوضع على ما هو عليه في ظروف غير انسانية تحيط بالمحتجين؟ هكذا سألت وزير الدولة محمد الحسن الحضري... قال إذا هم رأوا العيش حول البحيرة لا مانع لدينا لكن كمواطنين دون تحمل الدولة لإعادة التوطين. في اعتقادي أن الحل في تنفيذ توجيه رئيس الجمهورية حيث حرر الخيار للمواطنين.. ثم ضرورة الدخول في حوار مباشر مع المتأثرين عبر مفوضية أو أي آلية وقبل كل ذلك إيجاد حل سلمي لفض المعتصمين عبر حوار مع جهات يثقون فيها.. والسؤال هنا كيف ينام والي ولاية نهر النيل وحوالي10 آلاف أسرة لا يغمض لها جفن؟!