أصدر البنك المركزي المنشور رقم 3 لسنة 2014 والذي وجه فيه البنوك بحظر تمويل العربات والبكاسي بكافة أنواعها فيما عدا الشاحنات والحافلات والبصات سعة 25 راكباً فما فوق. كما حظر المنشور نفسه تمويل الأراضي والعقارات. ويشمل ذلك شراء الأراضي وتطوير الأراضي وشراء وتشييد المباني وشراء الشقق. واستثنى المنشور في هذا المجال تمويل السكن الشعبي والسكن الاقتصادي عبر المحافظ المخصصة لهذا الغرض بواسطة الصندوق القومي للاسكان والتعمير. كما استثنى تطوير الاراضي لأغراض الزراعة بما في ذلك تجهيزات أعمال الري. ان الهدف من هذا المنشور هو توفير مبالغ مقدرة من الودائع في البنوك للقطاع الحقيقي في الزراعة والصناعة. وهذا اتجاه سليم ومحمود. نشير هنا الى أن عدد المصارف العاملة بنهاية ديسمبر 2013 بلغ حوالي 34 مصرفاً لها 627 فرعاً تنتشر في جميع أنحاء البلاد بتركز واضح في ولاية الخرطوم. وقد ارتفع اجمالي أصول المصارف من 67 مليون جنيه في ديسمبر 2012 الى 73 مليون جنيه بنهاية يوليو 2013 بنسبة زيادة 9%. في حين ارتفعت جملة الودائع المصرفية الى 45 مليار جنيه في يوليو 2013 مقارنة مع 40 مليار جنيه في ديسمبر 2012. وارتفع رصيد التمويل المصرفي بنهاية يوليو 2013 الى 33 مليار جنيه مقارنة بمبلغ 30 مليار جنيه في ديسمبر 2012. وقد توزع التمويل على القطاع الصناعي بنسبة 18.4%، الزراعي 14.7%، التجارة المحلية 14.1%، النقل والتخزين 11%، التشييد والصادر 9.2% لكل، الاستيراد 4.9%، الطاقة والتعدين 1.4%، وأخرى 17.1%. فيما بلغت نسبة التنفيذ الفعلية للتمويل الأصغر 4.9% من إجمالي التمويل المصرفي في حين أن النسبة المطلوبة تبلغ 12%. ووفقا للمعلومات التي أوردتها أعلاه نتوقع بتنفيذ هذا المنشور أن ترتفع نسبة تمويل القطاع الصناعي الى ما لا يقل عن 28% من جملة التمويل. فيما سترتفع نسبة التمويل للزراعة الى مالا يقل عن 25% من جملة التمويل المصرفي المتاح. وسوف يشكل هذا دفعة كبيرة لهذين القطاعين. مطلوب من البنك المركزي أيضا النظر في حجم الاكتتابات الكلية في الأوراق المالية الحكومية التي بلغت حتى منتصف 2013 حوالي 11 مليار جنيه. استحوذت المصارف على 44.3% من جملتها. وهذه نسبة عالية جداً. حيث أن استحواذ المصارف على النسبة الكبرى من الشهادات أثر على دورها في الوساطة المالية وذلك بتوجيهها لودائع المودعين للاستثمار في الاوراق المالية بدلا عن الاستثمار في المشروعات الانتاجية التي تضيف انتاجاً حقيقياً للاقتصاد وهذا يؤكد مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص وحرمانه من التمويل. أخيراً، لا بد من الاشارة لحقيقة أن التمويل التراكمي الممنوح للقطاعات الاقتصادية المختلفة والبالغ 33 مليار جنيه يعادل بالسعر الحقيقي للدولار بالسوق السوداني حوالي 4 مليارات دولار وهو مبلغ ضئيل نظير احتياجات التمويل للاقتصاد السوداني. فيما يعتبر المخصص للتنمية من خلال الموازنة العامة مبلغ يقدر بحوالي 3% من الناتج الاجمالي وهذا أيضاً ضئيل جداً بالنظر للاحتياج الكبير لتمويل التنمية لتحريك جمود الاقتصاد. لقد قدرت دراسات سابقة الاحتياج من التمويل لإخراج نسبة 50% من الفقراء من دائرة الفقر بما يعادل 30% من الناتج الاجمالي. أي عشرة أضعاف المخصص الحالي. عليه فإن منشور البنك المركزي هذا يساعد بدرجة ما في حل مشكلة التمويل. ولكنه ليس كل الحل. لأن الاحتياج للتمويل كبير جداً ويحتاج لمجهودات أخرى تشمل اجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر ومعونات التنمية الرسمية. فضلاً عن اجتذاب مدخرات المغتربين. والله الموفق. د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته