يوم الأربعاء الموافق 18 يونيو 2014 سيكون تاريخاً عالقاً في الذاكرة بالنسبة لي، لأنه لأول مرة تستفيد مني شرطة المرور بإيصال بمبلغ (30) جنيهاً، كأول مخالفة مرورية أرتكبها خلال مسيرة أكثر من (8) سنوات بشوارع الخرطوم لأني بحمد الله لا أترك أي ثغرة ولا أقود سيارة دون ترخيص مهما كانت الظروف. المخالفة المشهودة كانت أني نسيت رخصة القيادة في المنزل، وأوقفني الشرطي وطلب ترخيص السيارة ورخصة القيادة، فلم أجد الأخيرة، فقال لي هذه مخالفة (المادة 17/ 2) القيادة دون رخصة، قلت له إن المنزل على بعد أربعة شوارع ويمكنني أن أركن السيارة وأجلب لك الرخصة فرفض بطريقة فظة، وقال: (يا زول الرخصة ما معاك تدفع بس)، دفعت قيمة الإيصال، بقسم مرور بحري، وغادرت بالسيارة (دون رخصة من أمام المرور وزي الما حصلت حاجة)، وعلى بعد أكثر من ستة شوارع وجدت رجال المرور يوقفون السيارات، من كان يركب بجواري أوصاني بالآتي (إذا أوقفوك وريهم الإيصال)، باندهاش قلت له (كيف يعني)، أنا ما زلت مخالفاً حتى أصل المنزل وأحضر رخصتي. ضحك بهستيرية وقال لي (انت أظنك زول طيب، دي أول مرة تقطع فيها إيصال؟)، قلت له: (أيوا) قال لي: (طيب ما تقول كدا من الأول أنت عارف اليوم دا بإيصالك القطعتو تخالف لمدة أربعة وعشرين ساعة وما تربط حزام كمان وكل ما يوقفوك تطلع الإيصال). التسويات المرورية حسب علمي المتواضع هي لإزالة المخالفات المرورية للحفاظ على سائقي المركبات ومرتادي الطرق، ولكن عندما تتحول على طريقة إعلانات شركات الاتصال (اتكلم دقيقة واحصل على ثلاث دقائق مجاناً) مثل: (اقطع إيصال بقيمة ثلاثين جنيهاً وتمتع بالمخالفات المرورية لأربع وعشرين ساعة)، (تبقى مصيبة كبيرة)، لأن المركبة المخالفة أو سائقها المخالف يشكل خطورة على حياة الناس ولا يمكن التعامل بهذه البساطة وأن تكون قيمة الإيصال أهم من أرواح الناس. الأمر الأكثر خطورة كيف يسمح لسائق مركبة لا يحمل رخصة بقيادة السيارة بعد دفع قيمة المخالفة (30) جنيهاً، لأنه على أبسط تقدير توقف السيارة، ويطلب منك (إحضار الرخصة)، لإزالة المخالفة، ومن ثم يسمح لك بقيادة السيارة، لكن سياسة أن تدفع مبلغاً مالياً ل(شراء المخالفات المرورية) على عينك يا قانون تبقى قضية خطيرة جداً وترسخ لمبدأ (دفع قيمة الإيصال مقابل القيادة دون ضوابط ودون سؤال ناس المرور). في كل الدول ذات المؤسسات الراسخة -كالإمارات مثلاً- يحظر تماماً على شرطي المرور تحصيل أي مبالغ مالية من سائقي المركبات، ويتم تسجيل المخالفات إلكترونياً وتسجل لك كنقاط إذا تجاوزتها تسحب منك رخصة القيادة. العقلية الجبائية التي تسيطر على الكثير من مؤسسات الدولة تصيب البلاد والعباد في مقتل وتجعل الفوضى هي التي تسيطر على أوجه الحياة، ونداء إلى مدير المرور: (رجاءً شوفوا ليكم طريقة لناسكم الحايمين بإيصالاتهم ديل ووروهم إنه إزالة المخالفة المرورية أهم من مبلغ الثلاثين جنيه).