ساقني الواجب قبيل ايام لحضور مناسبة زواج احد الأصدقاء، جلست في الصف الأمامي للمعازيم وانا اتطلع لذلك الشاب الذى كان يردد في ذلك الوقت اغنية الراحل الكاشف (يوم المهرجان)، دققت النظر فيه اكثر، فاكتشفت انه الفنان الموهوب والمظلوم جداً ازهري دياب، شعرت في تلك اللحظة بأننا بالفعل مقصرون جداً في إفراد المساحات لمثل هؤلاء الفنانين الحقيقيين والمبدعين، وندمت وبشدة على كل مساحة قمت في السابق بمنحها لأحد فناني (الإسفاف) ومروجي (الغث) من الأغنيات وحارقي بخور (الركاكة)، لكن استدركت في ذات التوقيت أن ازهري ايضاً والكثير من الفنانين الموهوبين و(المهمشين) إعلامياً ظلموا انفسهم في الأساس قبل أن يظلمهم الإعلام، وذلك بحبس انفسهم في قوالب ضيقة من المشاركات، وابتعادهم عن الإعلام مع سبق الإصرار والترصد. اصدقكم القول انني استمتعت جداً بأداء ازهري خلال تلك الأمسية، واعجبني جداً ذلك التطريب الذى كان يمارسه بسلاسة داخل الحفل، واعجبتني اكثر ثقته بنفسه وهو يردد اجمل اغنيات الكبار، بل ويذهب لأبعد من ذلك وهو يتقن (مهارة) انتزاع المعازيم من مقاعدهم للرقص عبر اغنيات اخرى محترمة ورصينة محطماً بذلك المقولة الواهية التى تقول: (الجمهور عايز كدا)، وذلك في محض سؤال عن سبب انتشار الاغنيات الهابطة. استمتاعي بالحفل لم يقطعه الا الفاصل الذى قام ازهري بفرضه على المناسبة، لينتهز احدهم الفرصة ويقوم بتقديم الفنان مصطفى السني للمشاركة لتتعالى اصوات الحاضرين الممزوجة بتصفيقهم، قبل أن يعتلى مصطفى المسرح ويبدأ في الغناء، وللأمانة اصابتني الدهشة وانا اقارن ما بين تأثير هذا الفنان (المشهور) في الحضور وما بين تأثير ازهري (المهمش)، وستتعجبون إن قلت لكم أن تأثير ازهري (المهمش) كان اقوى وكان اجمل بكثير من مصطفى، ذلك الاحساس الذى راود كل من كان يجلس داخل ذلك الحفل، لأقوم بمغادرة المكان احتفاظاً مني بذلك الاحساس الجميل الذى منحني اياه ازهري، ولم انس بالطبع قبل أن اغادر الهمس في اذنه بعبارة: (معليش يا ابو الزهور ما بتدي حريف).! بالتأكيد لن يغضب منا مصطفى السني إن قلنا بأنه فنان (محظوظ) خدمته الظروف كثيراً ليصل الى الموقع الذى يجلس عليه الآن، فمصطفى نفسه يعرف ذلك، بل ومقتنع تماماً بهذا الامر، حتى وان انكره، وللتدليل على حديثي هذا دعوني اسأل عن سر شهرة مصطفى السني مؤخراً، وبالتأكيد سيرد على الجميع بأن السبب الاساسي في الشهرة التى حظي بها هي مشاركته في برنامج (اغاني واغاني) الجماهيري والذي اجزم انه لو منح الفرصة لازهري دياب للمشاركة خلاله لكان اليوم فناناً تتسابق الشركات لاحتكاره وتتهافت البرامج التلفزيونية لاستضافته، الى جانب كل ذلك لايزال مصطفى السني غير قادر على الخروج من عباءة ابو داؤود، بينما يملك ازهري حق التجوال في كل بساتين عمالقة الطرب عبر موهبته والتى تبيح له الاقامة حيثما طاب. شربكة أخيرة: الدنيا حظوظ وانا حظي جميل...ما دمت اراك لودادي تميل