:: الفنان الراحل أبو داؤود، عليه رحمة الله، كان يحكي طرائف أحبابه..وكان صديقه يستدين كثيراً ثم يوزع راتب الشهر على الدائنين ثم يبدأ الاستدانة من أول الشهر..و في ذات شهر، وزع الراتب على كل الدائنين، الدكان والفرن والخضرجي والغسال والجزار، ومع ذلك تبقى من المبلغ جنيه، فشرع يتذكر ويفكر : ( ياربي نسيت منو؟، يا ربي الجنيه بتاع منو؟)، ولم يجد دائناً في ذاكرته إلا وقد استرد دينه..وفرح صاحبنا هذا، وذهب بالجنيه إلى البار ليعزم أصحابه، وهناك طلب ( البيرة أم جمل)..وما أن صب النادل البيرة في الكوب وطفت الرغوة البيضاء، وقف صاحبنا صائحاً : (آآآخ يا ناس، الجنيه المنسي ده بتاع سيد اللبن)..!! :: وهكذا بعض الزُراع بمشروع الجزيرة، أُكرر ( بعض)..إذ هم يستدينون في بداية الموسم من المصارف (تمويلاً مهولاً)، ويزرعون ببعض مبلغ التمويل ويحصدون مقدار ما زرعوه بجزء مبلغ التمويل ، ثم ينسون - أو يتناسون - ما عليهم من (كامل المبلغ) الواجب سداده ..ثم يتذكرون كامل المبلغ- فجأة - عند المطالبة بالسداد ثم يبحثون عن الصحف لتخرجهم من المأزق الذي هم فيه ، فتناصرهم الصحف ب (الحق والباطل)، ثم تخافهم الحكومة وتعفيهم عن سداد مبلغ التمويل، وتكون المصارف والناس والبلد خسرت أموالاً تكفي لاستيراد أضعاف إنتاج هؤلاء ( البعض)..!! :: ومن أخبار الأمس، والموسم قاب قوسين أو أدنى من الحصاد، نقرأ بصحيفة الجريدة الخبر الآتي ( العطش يهدد محصول القمح بالجزيرة)، وهذا يبدو مدخلاً مناسباً ومقدمة ممتازة لصراخ ما بعد الحصاد ثم الابتزاز ثم الإعفاء من تسديد مبالغ التمويل لينتخبوا الوالي وآخرين بدون متاعب، ثم خسارة المصارف والناس والبلد، أو هكذا ( فيلم الموسم)، فترقبوه قريباً..العطش يهدد محصولاً حان وقت حصاده لضعف المياه الناتج عن عدم تنظيف قنوات الري، هكذا تبرير (الابتزاز المرتقب) في موسم الحصاد و (الانتخابات).. تنظيف قنوات الري - أو الشكوى من عدم تنظيفها - كان يجب أن يسبق نثر تقاوى القمح بأسابيع، و من البدعة الحديث عن النظافة والشكوى من عدمها ( وقت الحصاد)..!! :: نعم، فالسؤال المشروع أمام تبرير كهذا، كيف كان يتم الري - طوال الأشهر الفائتة - وقنوات الري غير نظيفة لحد عجزها عن تمرير المياه ؟، ولماذا صارت القنوات غير نظيفة - فجأة كدة - قبيل الحصاد مباشرة؟..لم نمت ولكن (شقينا المقابر)، أي أبناء وأحفاد مزارعين، فليبحث هذا البعض الساعي إلى عدم تسديد التمويل عن (تبرير آخر)..وليس عدلاً أن تخسر المصارف من الأموال ما تكفي لاستيراد أضعاف إنتاج هؤلاء الذين لا يستغلون كل مبالغ التمويل في الزراعة .. ومرة أخرى أكرر ( البعض)، وهم فئة محدودة، ولكنها الأعلى صوتاً في كل عام، لأنهم يسمون أنفسهم بالقياديين، و تحت وطأة هذه القيادة غير الرشيدة تستجيب الحكومة ومصارفها للابتزاز وتعفي ديونها التي هي بعض (أموال الشعب)..آن الأوان بأن تخرج الحكومة ومصارفها من الجزيرة، ليتساوى المزارع هناك مع مزارع الدمازين والقضارف والنيل الأبيض وغيرها في التمويل والإنتاج و.. (السداد)..!!