(السوداني) تكشف تفاصيل انضمام الطلاب التسعة إلى (داعش) (...) هكذا تم استقطاب الطلاب ماذا قالت الجامعة؟ وكيف كان رد فعل الآباء؟ من هم الطلبة؟ وكيف سافروا إلى تركيا وأين هم الآن؟ هشام أول دفعة الطب، كان والده بانتظاره في السعودية، لكنه سافر إلى تركيا علق أحد آباء الطلاب السودانيين التسعة، الذين انضموا لتنظيم داعش الإسلامي، حول مغادرة أبنائهم إلى تركيا، لإسعاف الجرحى هناك: "هذا ليس استقطاباً، إنه سحر"، بينما قال آخر: "ما حدث ليس غسل دماغ لابنتي، إنما جريمة أكبر من ذلك". المفاجأة، نزلت على جميع أولياء الأمور "كالصاعقة"، فهرولوا إلى الحدود السورية التركية، للحاق بأبنائهم، وأحاطت الدهشة معظم زملائهم في الجامعة، وذلك لتفوُّقهم الأكاديمي، وعدم ظهور أي ميول إسلامية واضحة عليهم، باستثناء حالتين. أولئك الطلبة، أول من نشر صورهم كان تنظيم "دولة الخلافة الإسلامية"، لإظهار القدرة على استقطاب فئات عمرية مختلفة، وجنسيات متنوعة وفي أوقات متباينة. نشر تنظيم داعش صور الطلاب السودانيين التسعة، من حملة الجوازات البريطانية، المنتمين لجامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا، أو ما تعرف بجامعة مأمون حميدة، وذلك للتباهي بانضمامهم مؤخراً للتنظيم، ولإرسال رسائل إلى دول مختلفة خاصة بريطانيا، التي تحارب "داعش"، حيث كانت الصور صادمة لهم، باعتبار أن من ذهبوا إلى سوريا والعراق للانضمام للجماعات الدينية المتشددة في تزايد. الخرطوم: لينا يعقوب من هم الطلبة؟ تبدو على ملامحهم البراءة، وأخلاقهم لا تشوبها شائبة بحسب المقربين منهم. اتَّبع جميعهم نفس خطة السفر السري، بأن يغادروا الخرطوم دون أن يعرف أحد وجهتهم، وأن لا يتم أي اتصال مع أسرهم، إلا بعد أن يصلوا إلى تركيا، هم من حملة الجوازات البريطانية باستثناء اثنين. * هشام محمد فضل الله: أول دفعة الطب، تنبأ له الأطباء بمستقبل باهر، يمتاز بذكاء كبير، تخصص في الجراحة، واجتاز امتحاني (part 1) + (part2) كان والده في انتظاره بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية، بعد أن حجز له تذكرة السفر، لكن هشام فاجأ والده بالمغادرة إلى سوريا، ليلحق به الأب إلى هناك في محاولة لاستعادته. * ندى سامي خضر: يقيم والداها في بريطانيا، وتعيش مع شقيقها وشقيقتها في منزل بأركويت، منذ أن التحقت بالجامعة لم يطرأ عليها تغيُّر إلا بعد العام الدراسي الثاني، حيث استبدلت ملابسها المعتادة إلى أخرى فضفاضة كانت ترتديها حينما سافرت إلى لندن لقضاء الإجازة، فوجئت والدتها بمظهرها، وهناك في لندن أعادت الأم شراء الملابس المعتادة إلى ندى، وألقت بالعباءات في سلة المهملات، ولكن ما إن عادت الطالبة إلى الخرطوم حتى اشترت ملابس واسعة وتبرعت بملابس لندن للفقراء. حاولت ندى أن تقنع ابنة خالتها التي تدرس معها في نفس الجامعة بأفكار متشددة، غير أن الأخيرة نفرت من الموضوع، ومع ذلك كان سلوكها عادياً، وفوجئ زملاؤها بأنها كانت في قائمة الطلاب الذين غادروا إلى تركيا. * أحمد سامي خضر: كان له أقوى الأثر في إقناع أخته ندى بالانضمام للتنظيم، ارتدى ملابس عادية جداً، واصطحب شقيقتَيْه إلى منزل جدتهم في أم درمان، وقال للأسرة إنه ذاهب لشارع النيل، واتفق مع أخته أن تأتيهم في وقت لاحق، وفعلاً، لحقت ندى بشقيقها. * تسنيم سليمان حسين: ابنة مدير مستشفى شهير، طالبة ماجستير في كلية الصيدلة، تركت هاتفها واللابتوب وكل متعلقاتها الشخصية، وفوجئ أهلها بعدم وجودها في غرفتها. * لينا مأمون عبد القادر: طالبة بكلية الطب، والداها في الخارج، أرسلت رسالة لوالدها بعد أن ذهبت إلى تركيا، وقالت له إنها أرادت مساعدة الجرحى في سوريا، فأجابها: "السودان وأفريقيا مليئتان بالجرحى"، ووجَّه لها لوماً بالذهاب إلى سوريا. * محمد أسامة ومحمد مليح: طالبان تخرجا من جامعة مأمون حميدة قبل عامين، برزت لديهما الميول، ولم تتوفر معلومات كثيرة عنهما. * روان كمال زين العابدين، تخرجت من الجامعة، قبل عام تقريباً، ولم تتوفر أيضاً معلومات حولها. * عثمان فقيري: لم تكن صورته موجودة بين الطلاب التسعة، ويبدو أنه ليس من حملة الجواز البريطاني، يدرس بكلية الصيدلة، هو الطالب الوحيد الذي يدرس حالياً بجامعة مأمون حميدة، غير أنه جمَّد العام الدراسي. وبحسب المعلومات، فقد عقد قرانه على فتاة، وسافر بعد ذلك إلى تركيا، للالتحاق بالتنظيم. المعلومات توفرت من عميد شؤون الطلاب بالجماعة، د. أحمد بابكر، بالإضافة إلى بعض الزملاء الذين فضَّلوا حجب هوياتِهم. تطمينات بعد أن وصل الطلاب إلى تركيا، اتصلوا بأهلهم ليطمئنوهم أنهم بخير، وذهبوا لمعالجة الجرحى المسلمين بالقرب من سوريا. تواصلت ندى مع قريبتها إيمان وطمأنتها بتوزيع الطلبة والخريجين في مستشفيات، وكذلك فعلت لينا مع والدها، والبقية أيضاً. توجهت الأسر مباشرة إلى مدينة غازي عنتاب في تركيا، التي يعبر منها المتوجّهون إلى سوريا، وتعاونت معهم السلطات التركية وأيضاً الحكومة البريطانية في توفير المعلومات، غير أن الاتصال أصبح منقطعاً تماماً بعد أن وصلوا إلى المدينة. النائب التركي من حزب الشعب الجمهوري، محمد علي أديب أوغلو، كتب على صفحته على "فيسبوك" أنه يساعد الأسر السودانية في عمليات البحث، وأضاف: "11 طبيباً - تسعة بريطانيين وسودانيان- وصلوا إلى تركيا قبل أسبوع للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية"، مشيراً إلى أملهم في إنقاذ الأطباء، وإعادتهم سالمين إلى أسرهم". كيف تم الاستقطاب؟ ولأن الطلاب التسعة من جامعة مأمون حميدة، بدا وكأن التنظيم الإسلامي المتشدد توغل داخل الحرم الجامعي، واستطاع استقطاب ليس أميز الطلاب فحسب، إنما من ليس لهم أي انتماءات إسلامية أو سياسية، ومن حملة الجوازات الغربية كنوع من إظهار قدرة الإقناع والوصول إلى أعقد وأصعب الأماكن، مثل جامعة مأمون حميدة التي ليست لها أي أنشطة سياسية. عميد شؤون الطلاب بجامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا، د. أحمد بابكر، قال في حديث مطول مع (السوداني)، إن الاستقطاب للطلاب تم باعتبارهم قادمين من الدول الغربية، ومعرفتهم الدينية ربما ليست قوية، وهو المدخل الذي اعتمد عليه المتشددون، "بأنكم أيها الطلاب قادمون من دول الكفار، وأن المسلمين في بلاد الإسلام أولى بالرعاية". وأشار إلى أن أولى خطوات الاستقطاب للطالبات تمت عبر تكوين (sister to sister) أي أن تقوم داعية بالجلوس مع أربع أو خمس طالبات لإقناعهن بالفكرة، دون أن يكون الأمر ظاهراً لبقية الناس. وذكر بابكر أن الجامعة تشهد تنوعاً دينياً كبيراً، خاصة أن كثيراً من الأقباط يدرسون في الجامعة، وهناك جنسيات مختلفة من النيجيريين والصوماليين، وأيضاً يوجد سوريون وعراقيون، لكنَّ الأخيرين أبناء لرجال أعمال مقيمين في السودان. وأوضح أن الجامعة تتيح أنواعاً مختلفةً من الأنشطة، ولا يوجد فيها فرد من الأمن لمراقبة ورصد سلوكيات الطلاب، ومع ذلك كانت هناك أشياء واضحة جعلت الجامعة تلحظ وجود أفكار دينية مختلفة قليلاً. وبحسب العميد، فإن بعض الشيوخ كانوا يأتون إلى الجامعة لإلقاء محاضرات أو المشاركة في المعارض، بدعوة من بعض الجمعيات الخيرية، ولكنهم انتبهوا للمسألة، حيث لاحظوا أن جمعية الحضارة الإسلامية كانت تشارك في المعارض بصيوان كبير، رغم أنه لا يحتوي على معارض، إنما مجرد كلمات دينية تكون موجودة في براويز، فيقف مثلاً من لديه فضول ديني ويستفسر من في المعرض، ويبدأ صاحب الفكرة بالحديث ومن ثم الاستقطاب، لكن ليس للانضمام للتنظيم، إنما حول أفكار عامة، ومع ذلك قاموا بإلغاء المعرض. أما الاستقطاب الأكبر، فلم يتم داخل حرم الجامعة، إنما عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والالتقاء بأناس متشددين وسماع أفكار أخرى. اتهامات الاتهام الذي يُوجَّه إلى جامعة مأمون حميدة كَثُرَ في الآونة الأخير، لوجود حالات أخرى في الأعوام السابقة، مثل حالة الطالب "طارق" الذي درس في الجامعة وغادر إلى بريطانيا، واشتبهت فيه السلطات هناك بالانتماء للجماعات المتطرفة، وأيضاً الطالب الذي سافر إلى مالي للمحاربة مع جماعة بوكو حرام، غير أنه عاد إلى الجامعة مرة أخرى. وفي ذلك يقول العميد إن النشاط السياسي الموجود في الجامعات الأخرى، وغير متوفر في جامعة مأمون حميدة، والتي استبدلت ذلك بأنشطة أخرى (جمعيات خيرية، مساعدة الأيتام، المرضى، أطفال المايقوما)، مضيفاً أن الطلبة عموماً غير ميَّالين للأنشطة السياسية، لأن هناك أنشطة رياضية وموسيقية وأعمالاً خيرية، وأكد أن منهج الجامعة تربوي وليس أمنياً، وبعض الطلاب لديهم خواء فكري أو ديني، ومن السهل استقطابهم، وهو ما دعا الجامعة للدخول في برنامج إرشادي، من خلال محاضرات التوعية العامة ولقاءات مع بعض الناس على شكل لقاءات فردية، أي أن يكون شخص متفقه في الدين موجوداً ويمكن اللجوء إليه من الطلبة المتشكِّكين في أمور معينة، فضلاً عن تكثيف النشاط الخيري في الجامعة، لأن الطلاب من الدول الغربية أكثرهم قدرة وإسهاماً على فعل الخير. آخر المعلومات آخر المعلومات أن الطلاب وصلوا إلى مدينة الموصل، وباشروا عملهم في مستشفى المدينة الرئيس. حيث قال أحد أطباء مستشفى نينوي، اسمه سرمد الأيوبي، إن الأطباء الذين وصلوا إلى مستشفى المدينة الرئيس في الموصل، وتم توزيعهم على المستشفيات الأخرى. وأضاف الرجل الذي يُعدُّ بدرجة وزير في دولة الخلافة الإسلامية "داعش"، أن التنظيم بدأ الاعتماد على العناصر الطبية الأجنبية، وإدخالها في مستشفيات نينوي بدل الأطباء العراقيين، الذين امتنع كثير منهم عن تقديم العلاج للعناصر المسلحة، التي تصل مستشفيات نينوي، وبعضهم يتعلَّل بعدم وجود الأجهزة والأدوية. وقد اعتقل تنظيم "داعش" كثيراً من أطباء نينوي، وتردَّدَ أن التنظيم قام منذ سيطرته على المدينة، بإعدام عدد من الأطباء بذرائع مختلفة. وأضاف الأيوبي أن "موضوع الطلاب الأطباء الذين وصلوا إلى مستشفيات نينوي أثار استغراب كثير من الأطباء الذين يعملون في مستشفيات نينوي، لأنهم ليسوا أطباء بمعنى الكلمة، ويحتاجون إلى ممارسة المهنة أكثر من أربع سنوات، قبل أن تناط لهم مسؤوليات جراحية أو حتى تقديم وصفة طبية". وأكد الطبيب العراقي أن داعش فرض إجراءات صارمة ومنع أي حديث للأطباء البريطانيين من أصول سودانية مع الأطباء العراقيين، لأنهم يعالجون عناصر تابعة للتنظيم تحمل جنسيات عربية وأوروبية، وهؤلاء يمنع العاملون في المستشفيات العراقية من الاقتراب منهم أو حتى الحديث معهم، ويقتصر الأمر فقط على أطباء وممرضي داعش الذين يقدمون لهم العلاج. أولياء الأمور عدد من أولياء أمور الطلبة، اتصلوا بمسؤولين في الجامعة ليبلغوهم بتغيُّر سلوكيات أبنائهم وبناتهم، مثل ارتداء الحجاب وعدم المصافحة، والتذكير بعذاب النار، وهو ما دعا العميد لاستدعاء أولياء الأمور والاجتماع معهم لبحث السبل الجيدة للتعامل مع هذه المواقف. ويقول عميد الطلاب ل(السوداني)، إنهم تفاهموا مع أولياء الأمور للوصول إلى نقطة مشتركة، وأشار إلى أن كلية الطب تخرج سنويَّاً 200 طالب منذ 15 سنة، وأن من انضم للتنظيم نسبة بسيطة، لكن رغم ذلك نبهتهم إلى أشياء كثيرة، وكشف عن اهتمام رسمي من الجهات المختصة، وتعاون تم فيما بينهم لرصد حالات مشتبه بها، وأماكن مشتبه بها أيضاً.