بعد حديث السيد محمد عثمان الميرغني لصحيفة الشرق الأوسط والذي تناقلته على نطاق واسع صحفنا المحلية، حسم أمر المشاركة التي فيها تستفيان. أكد مولانا دعمه لقرار المشاركة في مؤسسات الدولة الدستورية والتنفيذية والولائية وقال إنه قرار "أملته اعتبارات المسؤولية الوطنية لمواجهة المهددات والمخاطر التي تحدق بالوطن، والتي تقتضي العمل على تنفيذ البرنامج المشترك (الاتحادي والوطني) الذي أعدته لجان الحزبين". بهذا الحديث يضع السيد الميرغني حزبه أمام اختبار كبير وجديد وهو أعزل من قوى التجمع الوطني الديمقراطي أو الحلفاء الآخرين، إزاء حزب المؤتمر الوطني المتمرّس والذي يتفوق على القوى السياسية الأخرى بأنه يعمل وفق رؤية وخطط بغض النظر عن صحة تلك الخطط أو مواءمتها لمقتضيات الصالح العام. بعد قرار المشاركة، كشف العديد من الكٌتّاب والمحللون السياسيون عن عدم معرفتهم بالحزب العريق وهم ينبرون لترشيح هذا الاسم أو ذاك لتولي هذه الحقيبة أو تلك. وصف صديق لي حزبه بأنه مثل (القنفذ) يحتفظ بأشيائه التي تنفعه في داخله بينما يقدم للخصوم والغرباء أشواكه. اتفقت مع الصديق وشخصي ممن يعرفون الكثير من العناصر التي تصلح للمناصب العامة داخل الحزب وهي زاهدة في الأمر كله لا تحفل بصحف ولا إعلام. في ذهني أيضاً الاختبار السابق للشراكة التي انبثقت عن اتفاق والتي فاجأ فيها الحزب جماهيره بوجوه لم تكن لهم سابق إلفة معها. وحين خلا مقعد النائب المستقيل الأستاذ علي محمود حسنين في المجلس الوطني فاجأ الاتحادي أنصاره قبل خصومه بترشيح شاب من جنوب السودان لشغله. حين حصل التجمع على وزارات التربية والعلوم والتكنولوجيا والدولة للزراعة استعدت أسماء معروفة لتولي تلك الوزارات التي قسمت بين القوى المؤسسة للتجمع فمنح د. حامد محمد ابراهيم نصيب الأحزاب السياسية، والفريق عبدالرحمن سعيد نصيب القوات المسلحة، فيما آلت وزارة الدولة للزراعة للنقابات وتولاها السيد/ عبدالرحيم علي حمد وقد كانوا كلهم بطبيعة الحال اتحاديين دون نشاط حزبي كثيف. الآن نتوقع أن يفاجىء الاتحادي الأصل أنصاره وخصومه بأسماء جديدة فيما اتفقت التحليلات على ضرورة أن ينجح الحزب بتقديم عناصر يتوفر فيها الإخلاص والاستقامة والصلابة إزاء إغراءات السلطة. آمل أن يلتفت السيد الميرغني حوله فيرشح الأستاذ محمد الحسن مساعد لتولي أحد المهام الكبيرة، فالرجل قريب من رئيس الحزب رافقه في معظم أسفاره ولقاءاته وكسب من ذلك خبرات كبيرة وعلاقات طيبة داخل وخارج السودان، إضافة إلى علاقاته الأسرية التي تربط بين ولايات الخرطوم، ونهر النيل، وشرق السودان وفوق ذلك فإنه رجل كتوم، قوي الشخصية، شديد الاستقامة، وجم التواضع، وهو بهذه الصفات أهل لتولي المناصب العامة. على الحزب الاتحادي الآن أن يقوم بتفعيل منهج تولية الأمانة لمن لا يطلبها أكثر من أي وقت مضى. محمد عثمان ابراهيم www.dabaiwa.com