رئيس المجلس الاستشاري لوزير التعليم بالخرطوم أعجبتني الرؤى الصائبة وتلك المقترحات التربوية البناءة التي طوتها المادة الدسمة والتي دونها قلم الأستاذة إنعام محمد الطيب في زاويتها الإنسانية "تواصل" عن قضاء العطلة الصيفية المرتقبة، دفعتني كلمات "إنعام" الهادفة دفعاً لابداء الرأى حول هذا الشأن التربوي المهم "العطلة الصيفية" جلسنا قبل أيام معدودات نحن رصفاء الحرف والكلمة عند ركن قصي في أحد دهاليز مكتبة بخت الرضا ونحن نتناول أهم القضايا التربوية نقاشاً مثمراً وجدلاً مفيداً، نخلص فيه دائماً لرأي تربوي نأمل أن ير النور، وعندما نستعيد الذاكرة لنتدبر المغذى والغرض التربوي الذي ألزم خبراء التربية وعلم النفس التربوي ببخت الرضا من أن تمتد العطلة الصيفية، والتي يتمتع بها ابناؤنا عقب عام دراسي مرهق لثلاثة شهور كاملة، لم يكن هذا القرار عشوائياً أو مرتجلاً، ولكن سبقته دراسة علمية فاحصة فجاء قرار هؤلاء العلماء للأسباب الآتية: أولاً: كثيراً ما يصاب تلميذنا بمرحلة التعليم العام "أساس وثانوي" في فصل الصيف "إبريل- مايو- يونيو" بعناء وتوتر ذهني وخمول جسدي يصعب خلاله تلقى المعرفة واستيعابها التدريجي ناهيك عن هضمها بسبب ارتفاع درجات الحرارة. ثانياً: لنجنب أطفالنا التعرض للإصابة بالأمراض التي تصحب فصل الصيف، وفي مقدمتها وباء السحائي. ثالثاً: خلال هذه العطلة يهيأ التلميذ لاستقبال العام الدراسي القادم بذهن قد تجدد نشاطه، وجسد زال عنه الإرهاق والتعب، وذاكرة صافية نقية وقد اكتمل استعدادها لتلقي المزيد من العلم والمعرفة. رابعاً: تتاح الفرصة خلال هذه العطلة للتلميذ للمشاركة بجهده في ما يوكل إليه من مهام، وواجبات في دائرة أسرته ومجتمعه المحيط به، والقيام بإنجاز عمل مثمر مفيد، كما يمكن أن يشارك في حملات محو الأمية كما يجد فرصة للمشاركة في العديد من المشاريع الإنسانية، ويسهم مع ولي أمره في توفير سبل كسب العيش، فكل هذه المساهمات بمثابة جرعات دروس تربوية تعين تلميذنا في مقبل أيامه، وتنمي قدراته الذهنية الجسدية. خامساً: في العطلة الصيفية تنمو وتزدهر مهارة القراءة، عندما يقوم صغارنا بالاطلاع، والغوص في أمهات الكتب والأسفار والمجلات المسلية والمفيدة ونأمل من المعلمين بكل مدرسة مد تلاميذهم بقوائم من الكتب والمجلات ذات الفائدة المرجوة، ويمكن للتلاميذ مشاهدة الأفلام المفيدة المنتقاة، كما نحث التلاميذ للقيام بالرحلات الترفيهية التربوية التي تغرس في نفوسهم صفات قويمة كالعمل الجماعي والاعتماد على النفس. سادساً: تهيئ العطلة الصيفية لصغيرنا مزاولة العمل الشريف الذي يدر عليه بعض المال الذي يعينه في مشواره التعليمي القادم، إن للأسرة دور رائد ومهم في مراقبة ومتابعة كل جهد يبذله الابن خلال العطلة الصيفية بالذات، فهي الشريك الأول في صنع وصقل الصغير، على الأسرة، ونعني الأب والأم والكبار من الإخوان عليهم جميعاً إسداء النصح والارشاد لصغارهم ومنعهم المتواصل لمصاحبة رفقاء السوء الذين تعج بهم الشوارع والأزقة وأن يحثوا فلذات أكبادهم الحرص على مشاهدة البرامج والأفلام عبر الفضائيات والتي تتناسب وأعمارهم وأن يبتعدوا عن مشاهدة الأفلام الفاضجة والمثيرة لكل هذه الأسباب قررنا يومذاك منح هذه العطلة الصيفية التربوية التي نأمل ألا تعكر صفوها ما يسمى بدروس التقوية المزعومة والتي تفرض قسراً وإجباراً على التلميذ وتأخذ جل وقته خلال العطلة فتفسد ما نرمي إليه، وأرى منع مثل هذه الممارسات غير اللائقة والتي يعرف أن الغرض منها وبكل أسف هو مادي بحت لا يليق بمكانة المعلم وربما تضعف حبل الود بينه وتلميذه وآمل أن يجد المسؤولون لمنع أي ممارسة تعيق أهداف العطلة الصيفية التي أوضحناها سلفاً.. ووزارة التربية والتعليم تقدم خلال العطلة برامج وأنشطة حيوية تربوية، تطرق أبواب عديدة تهتم ببناء البدن وإثراء الذخيرة اللغوية للتلميذ فتنمي عقله لاستقبال حصيلة عام جديد مشرق، وليس غير ذلك، أملي أن نعيد النظر في عطلة السبت بالنسبة لمدارس التعليم العام وبالدراسة العلمية الواقعية علينا أن نقرر بصددها ولكن أقولها صادقاً إن هذه العطلة القسرية قد أضعفت مسيرة العملية التربوية لسلبياتها العديدة وأذكر منها: أولاً: قللت من أيام الدراسة المقررة والمتناقضة مع المنهج الدراسي ليوضع المنهج والمقرر لدراسة تستمر "220" يوماً في العام، وليس أقل من ذلك، هذه الفجوة والعجز دفع بالمعلم أن يسرع الخطى في إكمال المقرر فتهتز المقدرة الاستيعابية للتلميذ، ويتدنى تحصيله. ثانياً: هذه العطلة المفروضة تجعل التلميذ في خمول ووهن ذهني ليومين في الأسبوع مما يدفعه يتفرغ للهو واللعب في قارعة الطريق وربما سهل له الأمر للاستحمام في النهر فيحدث ما لا تحمد عقباه. ثالثاً: تزيد العطلة هذه العبء على الأسرة في مراقبة ومتابعة ابنها فتتفرق همومها بعض الشيء عن الشؤون المنزلية المعيشية. رابعاً: تؤثر هذه العطلة القسرية على وضعية جدول حصص التلميذ اليومي وربما يقل زمن الحصة. كما رأيت بأم العين في كثير من مدارسنا فتجعل بعض التلاميذ يصلون منازلهم عند المساء، لهذه الأسباب التربوية وغيرها أرى أن نجلس سوياً لنتدارس هذا الشأن المهم قبل بدء العام الدراسي القادم لنبت فيه. آمل أن نعد العدة لعامنا الدراسي القادم منذ هذه اللحظة حتى لا تتعثر خطاه، وأن نضع الضوابط والنظم التربوية التي تخص كل الأنشطة نصب العين، ومتابعة تنفيذها بعين يقظة ساهرة، وعلى الدولة أن تسعى بطرح برامج ومناشط تربوية مستقبلاً تناسب أعمار صغارنا. وأنا على ثقة تامة بأن الأخ دكتور يحيى صالح مكوار وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم والذي عرف بصدقة وأمانته وشجاعته عند اتخاذ القرار وانصاته لكل رأي سديد يرتقي بالعملية التربوية وسيضع الأمور في نصابها تقييماً وتقويماً حسين الخليفة الحسن رئيس المجلس الاستشاري لوزير التعليم بالخرطوم