٭ جلسنا القرفصاء نحن رصفاء الحرف والكلمة في أحد دهاليز مكتبة بخت الرضا، يدفعنا الحس المهني ونحن نتناول القضايا التربوية المهمة نحللها ونبدي الرأى فيها، وقف مزهواً أحد مبدعي المعرفة وقال: العطلة الصيفية قد بدأت، وانتشر صغارنا في الشوارع بعضهم يلهو ويلعب، وآخرون طرقوا أبواب كسب العيش، وثلة أخرى أجبرت لتمضية العطلة في كورسات التقوية القسرية كما يطلقون عليها! وعلينا أن نستعيد الذاكرة لنتدبر المغزى والغرض التربوي الذي من أجله قرر خبراء التربية ببخت الرضا أن تكون هنالك عطلة صيفية في أعقاب كل عام دراسي، وتمتد لثلاثة شهور كاملة ولم يكن هذا القرار عشوائياً، يفقد المعنى إذن لماذا أتخذ هذا القرار التربوي؟ هبَّ أحدنا ليقول: حدد خبراء التربية وعلم النفس التربوي هذه العطلة بموقعها المقرر بشتى مراحل التعليم العام للأسباب الآتية: كثيراً ما يصاب تلميذنا في فصل الصيف (أبريل- مايو) بعناء وتوتر بل خمول ذهني يصعب معه على متلقي المعرفة الاستيعاب التدريجي، دعك عن هضم المادة! بسبب ارتفاع درجات الحرارة. ٭ لتجنيب تلميذنا التعرض للاصابة بأمراض فصل الصيف وعلى رأسها وباء السحائى الذي اصبح رفيقاً لهذا الفصل خصصت هذه العطلة لراحة وصفاء ذهن صغيرنا، بعد ما بذله من جهد مضن لعام بأكمله. فكان لابد من مساحة من الزمن حددها علماء النفس بثلاثة شهور، يتجدد فيها نشاطه الذهني والجسدي، وتصفو ذاكرته البكره، وهكذا يكتمل إستعداده لاستقبال عام دراسي جديد. ٭ نتاج الفرصة خلال العطلة الصيفية للتلميذ للمشاركة بجهده في ما يوكل اليه من مهام في محيط اسرته ومجتمعه الخارجي والقيام بعمل مثمر ومفيد في مشاريع التنمية بالحي، وحملات محو الامية، أو مساعدة ولي الامر في توفير سبل كسب العيش. فهذه المهام بمثابة جرعات ودروس تربوية تعين تلميذنا في مقبل ايامه وتنمي قدراته الذهنية والجسدية. ٭ في العطلة الصيفية تزدهر مهارة القراءة، فيداوم الصغير على الاطلاع ويغوص في الكتب، والصحف المسلية، ويشاهد الافلام المفيدة المبتغاة، كما يقوم بالرحلات الترفيهية التربوية التي تعلمه الاعتماد على الذات ومجابهة الحياة. ٭ العطلة فرصة للتلميذ لمزاولة عمل شريف يدر عليه بعض المال، يعينه في مشواره الاكاديمي القادم. وعلى ولي الامر مراقبة ومتابعة ما يقوم به ابنه خلال العطلة. لكل هذه الاسباب وغيرها تقرر منح صغارنا العطلة الصيفية، والتي نأمل ألا يعكر صفوها ما يسمى بدروس التقوية كما يدعونها، والتي تفرض قسراً واجباراً على التلميذ وربما لصاحبها تهديد من معلم هو الذي ارى ان تخصص له دروس لتأهيله وتدريبه أثناء العطلة الصيفية، لكي يلم بالاهداف العامة للتعليم وبتبصيره بما يجد في اصول ومباديء التربية. ودروس الجباية هذه تضعف حبل الود والثقة بين المعلم وتلميذه، فتهتز العملية التربوية، وربما ينهار البناء!!! لم يمسك قلمي ولسنوات مضت عن الكتابة في موضوع الزي المدرسي الذي يرتديه طلاب المرحلة الثانوية، فهو زي (مبرقع) قاتم ومفزع يدخل الرهبة والخوف في قلوب طلابنا المرهفة. كما وكانت صيحاتي داوية ومن هذه الزاوية لتغيير هذا الزي المرعب واظن الوزارة قد إستجابت، ونأمل ان تكون خطواتها جادة حتى تنقشع السحابة. لي عودة بإذن الله لمواضيع تربوية تضج بها الساحة. *خبير تربوي