هنالك فرق كبير بين معارضة الحكومة ومعارضة الوطن، فالأولى أمر مطلوب ولا تكتمل حلقات الدولة المدنية إلا به ولكن الأمر الثاني وهو تسخير النشاط السياسي والإعلامي والعمل الطوعي الإنساني لصالح الإعتداءات على الوطن ولصالح العدو المباشر الذي يقوم بإحتلال الأرض وتهديد الثروات وعينه تطمح لسقوط النظام في الخرطوم (النظام والإستقرار وليس الحكومة التنفيذية) .... يفعل ذلك ليس لصالحه ولا لصالح الاحزاب السودانية التي تورطت في التحالف معه في الماضي والحاضر وليس لصالح الصحافيين والكتاب الذين أخلصوا عشرين سنة لمشروع السودان الجديد ثم قبضوا الريح وعانقوا السراب ليتضح أنه مشروع لإقامة دولة محاربة لما تبقى من الوطن الجريح المكلوم .... دولة قضت خمس سنوات إنتقالية في تحويل أموال النفط لشراء دبابات وأسلحة وعتاد ... ثم أغلقت آبار النفط لتخنق الشمال إقتصاديا ثم تنقض عليه عسكريا ....! الحركة الشعبية حالفت بعض الأحزاب السودانية وسخرتها هي وصحافيوها وناشطوها من 1995 إلى 2005 وبعد عشر سنوات صالحت المؤتمر الوطني وتركتهم في (الصقيعة) ثم استخدمتهم مرة أخرى، وبعضهم إستسلم بكل غباء ليكون أدوات مجانية لتقسيم السودان ثم لتقطيع الشمال، ظنا منه أن ما يحدث (تغيير ديموقراطي) أو سيحفز الشعب لإسقاط النظام ... ومن أجل هذا التبرير السطحي قرر كتابة الخبر وتسريب المعلومات التي تضعف الحكومة والجيش والشرطة ... وكانت حجته دوما هي (النقد والحياد) ... أي حياد هذا يكون مؤسسا على مواقف حزبية وعناد أيدولوجي ومرارات الإنشقاق الكبير ... أي حياد وأية مهنية؟! الأمر الذي يعنينا كصحافيين هو المفاصلة الواضحة مع المعتدين على وطننا وأرضنا ... من السذاجة بمكان الحديث عن الحياد وتعدد المصادر ليكون هذا غطاء لتحويل صحف الخرطوم لصالح حملة الجيش الشعبي لإحتلال السودان وتعطيل إنتاج النفط وحرق آبار البترول ... وإذا كانت الفرقة التاسعة (الجيش الشعبي) حاولت إحتلال النيل الأزرق وفشلت وهاهي الفرقة العاشرة (الجيش الشعبي) تحاول إحتلال جنوب كردفان فمن الخطيئة بمكان أن ينضم الصحافيون طوعا للفرقة 11 وهي جنود الحملة الإعلامية والسياسية المتزامنة مع الإنقضاض على آبار نفط الشمال وتدمير إقتصاده ..! من السذاجة بمكان أن نوفر محاربين إعلاميين وناشطين سياسيين تسدد مرتباتهم من أموال ناشرين سودانيين يمتلكون شركات مسجلة في المسجل التجاري في الخرطوم وحائزة على ترخيصها المهني من المجلس القومي للصحافة بالخرطوم؟! (إذا كانوا خارج السودان ويعملون لصالح منظمات أجنبية فهذا إختيارهم ولكنني اتحدث عن صحافيين وناشطين ارجلهم مغروسة في تراب الوطن)! الصحافيون السودانيون لديهم سجل صحافي من الإتحاد العام للصحافيين السودانيين ولديهم عضوية في الإتحاد الوطني الخالص ... ومن هنا لا يمكن أن يتحولوا إلى صالح قسم التوجيه المعنوي في جيش جمهورية جنوب السودان ..! إنني أحبذ أن تخرج هذه النصيحة من إتحاد الصحفيين والمجلس ووزارة الإعلام قبل جهاز الأمن والجيش ... هل تذكرون عندما خرجت هذه النصيحة من رئيس المجلس الوطني وإنقسم الناس حولها بين مؤيد ومعارض وكتبت فيها مقالين ... الخلل الأساسي هو عدم تبني الأجسام الصحفية المدنية لموقف قطعي وترتيب إجراءات عليه ... ولكن جزءا من المسئولية يعود لوزير الإعلام بالذات ... عليه أن يدعو رؤساء التحرير والناشرين والمجلس والإتحاد لتحديد المواقف و(تأسيس آلية) مهنية أخلاقية بأيديهم لحراسة الحريات الصحفية من الإختطاف بايدي الفرقة 11 ثم تعود الرقابة القبلية والبعدية والإستثنائية ..!