مطرف صديق ..أصعب الاختبارات أعدته: لينا يعقوب الرأي الذي يجاهر به في العلن هو ذات الرأي الذي يقوله في الاجتماعات المغلقة، لا يتبدل ولا يتغير.. لا تنجرف مواقفه تبعا لمتغيرات الأحداث، ولعل البعض يتذكر حينما كان بعض المسئولين يرفعون راية الحرب أثناء احتلال هجليج، برز هو كصوت هادئ في إحدى الحلقات الحوارية يعدد مواقف الحكومة في دعم السلام ونبذ الحرب ويؤكد استمرارها في ذات النهج بعد أن تُحَرر منطقة هجليج من أيدي قوات الجيش الشعبي والجماعات المتمردة.. جلب عليه هذا الرأي العديد من إساءات المتشددين والمتطرفين الذين لا يرون أهمية تطبيع العلاقات مع دولة الجنوب، إلا أنه لم يكن يأبه للأمر كثيرا.. دكتور مطرف صديق، ابن جامعة الخرطوم، هو الطبيب والمتطوع، ورجل المخابرات والمستشار، وكذلك الوكيل والمفاوض والسفير.. تتعدد المناصب والرجل واحد.. ربما يدل الأمر على أن مطرف ينجح فيما يوكل إليه من مهام فينتقل إلى منصب آخر لا علاقة له بالأول.. وحسب مصدر حكومي فضل عدم ذكر اسمه ل(السوداني) أنه رجل ينجح فيما يوكل إليه من مهام كما أنه قيادي له كلمة وتُعمل (لكلمته ألف حساب) داخل المؤتمر الوطني وأيضا في الدولة. فور أن تخرج من كلية الطب، التحق مطرف، المنتمي للحركة الإسلامية، بوزارة الصحة الاتحادية عام 1980 وعمل فيها لأربع سنوات لينتقل بعدها للعمل بالمجال الطوعي الصحي في أفريقيا عام 1985 في فترة امتدت لست سنوات، بعدها قررت رئاسة الجمهورية تعيينه بجهاز الأمن الخارجي عام 1992 حتى 1996، ومن ثم صدرت توجيهات رئاسية بتعيينه نائبا لمدير جهاز الأمن لمدة عام واحد، وفي عام 1998 عين مستشار السلام برئاسة الجهورية، ثم انتقل لأروقة وزارة الخارجية وعين سفيرا لمدة عام، الأمر لم يستمر كثيرا حيث تم تعيينه وكيلا للوزارة، وفي منصبه هذا باشر عمله مع عدد من الوزراء من حزبه الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، ومن الحركة الشعبية الشريكة في الحكم في ذلك الوقت حيث عمل مع د.لام أكول ودينق ألور. وغير العمل التنفيذي كان مطرف يقوم بأعباء سياسية عديدة، فقد شارك في جولات التفاوض مع الحركة الشعبية منذ عام 1992 حتى اليوم حيث تواجد في (نيروبي، أديس أبابا، أبوجا، جنيف، نيفاشا)، وقاد وفد الحكومة في جولات الحوار السوداني الأوروبي ورأس اللجنة الثلاثية لمعالجة الأوضاع في دارفور ونشر القوات الهجين. يقول نائب والي ولاية نهر النيل ووزير الزراعة علي أحمد حامد الذي زامل مطرف في مفوضية السلام، إن مطرف رجل خلاق وله مبادرات عديدة كما أنه إنسان شوري بدرجة كبيرة "يأخذ ويعطي مع الآخر"، وأكد في حديثه ل(السوداني) أنه يتمتع بالتزام مؤسسي كبير جدا معتبرا أنه أنسب من يكون سفيرا لدى دولة الجنوب فحسب علي حامد لازالت دولة الجنوب تعتبر دولة إستراتيجية بالنسبة إلى السودان وهناك تاريخ وجغرافيا وحدود وأشياء أخرى كثيرة ستبقى موجودة مهما ساءت العلاقة في وقت من الأوقات مع جوبا، مضيفا أن مطرف يستطيع أن يتعامل مع هذه المعطيات المختلقة كما أن أهم ما يميزه اتصاله المباشر مع القيادات الحاكمة في الخرطوم. ويتفق الناطق باسم وزارة الخارجية العبيد أحمد مروح مع علي حامد في النقطة الأخيرة، حيث أكد ل(السوداني) في وقت سابق أن مطرف خبر شكل العلاقة مع دولة الجنوب وأفضل من أي سفير يمكن أن يُبعث سيبدأ بتعلم الملف من جديد، وأشار إلى أنه شخصية ذات وزن ويتمتع بمهارات أخرى وتربطه علاقة مباشرة مع القيادات العليا سواء كان الرئيس أو الوزير. رأي مطرف صديق حول أهمية أن تكون العلاقة مع دولة الجنوب جيدة لما للبلدين من مصالح مشتركة لم يتبدل رغم تبدل الأحداث، حينما تحدث قبل بضعة أيام عن قرار مجلس الأمن الدولي لم يكتف بأن يكيل الاتهامات للجنوب إنما تحدث أيضا عن أخطاء الحكومة، فهو يعتبر أنه من غير المنطق أن يتعامل السودان مع الجنوب بصورة متكافئة لأن الأخيرة لازالت في طور التأسيس. مطرف الذي انضم للحركة الإسلامية منذ أن كان طالبا في سبعينيات القرن الماضي أوكلت إليه مهمة كبيرة بأن يكون سفيرا لدى الجنوب، وهو تكليف بلا شك يقلقه، فقد أعرب لصحيفة "المجهر السياسي" أنه قارب على الستين ويخشى بعد أن اقترب من هذا العمر ألا ينجح في المهمة بالشكل المطلوب.