الطرق الصوفية هي احدى وسائط دخول الاسلام السودان ثم انتشاره فيما بعد وهذه حقيقة تاريخية يعرفها الجميع ولقد كان لها الاثر الملموس في ذلك لكونها جابت البلاد طولا وعرضا. فما من مدينة او قرية الا وبها شيخ فقيه حيث اقاموا المساجد والزوايا والخلاوي يدعون الى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ويجادلون بالتي هي احسن وهذا ما أمر الله به حيث قال (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) الآية(125) سورة النحل، فكان نتاج ذلك ان هدى الله بهم الكثير فدخلوا في دين الله افواجا والصوفية هم الذين بدأ على يدهم التعليم الديني في السودان إذ انهم أسسوا الخلاوي حيث كانت الخلوة هي المدرسة والمعهد والكلية يدرس فيها كتاب الله حفظا وتجويدا وتدبيرا ويدرس فيها الفقه والتفسير والسيرة ويدرس فيها الحديث النبوي الشريف حفظا وفهما ويجدر ذكره في هذا الحديث أن كبار علمائنا من قبيل العلامة عبدالله الطيب كان قد بدأ تعليمه في الخلوة حيث حفظ القرآن في خلاوي أهله المجاذيب بالدامر بل ان الامام محمد احمد المهدي كان سماني الطريقة وحفظ القرآن على أيدي شيوخه السمانية وحتى إن الممالك الاسلامية التي شهدها السودان مثل مملكة الفونج وسلطنة الفور ومملكة تقلي كانت ذات طابع صوفي وخلاوي القرآن التي اسسها الصوفية ما زالت تحتل الصدارة في تجويد القرآن ومازالت قراءة القرآن السائدة في السودان هي قراءة الخلوة المتسقة مع قراءة الدوري عن ابي عمر وهذه الخلاوي يؤمها طلاب علم حتى من خارج السودان كما في خلاوي مبروكة بولاية سنار والصوفية افعالهم وأقوالهم كلها ذكر الله والصلاة على رسول الله ومدحه او كما قال الشيخ النيل ابوقرون في قصيدته (أهل السلسلة): افعالهم كلها لا اله إلا الله، والذين يرون ان مدح النبي بدعة ابتدعها الصوفية اقول لهم: ان قصائد المدح هذه تتضمن مواعظ وتذكير للنفس كما في قصيدة (يا نفسي توبي وأخير تصلي اذكري المولي قبال تولي) أما الذين يرون ان السبحة بدعة ابتدعها الصوفية فأقول لهؤلاء إن السبحة اداة ميسرة للعبادة فاذا أردت ان تستغفر الله أو تصلي على رسول الله عشرة آلاف مرة او حتى ألف مرة فانه يصعب عليك ذلك ما لم تستعمل سبحة، اما الذين يرون ان الاحتفال بالمولد النبوي بدعة ابتدعها الصوفية فاقول لهؤلاء: ان هذه الاحتفالات السنوية ان كانت عبارة عن حلقات ذكر وصلاة على النبي فاية بدعة في ذلك؟ اما الذين ذهبوا لتكفير من يشهد ان لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله فهؤلاء بهم سفاهة عقل والعياذ بالله. وعلى العموم استطيع القول: ان معظم اهل السودان ينتمون لبيوتات صوفية، فالذين يريدون جر الفتنة الطائفية الى السودان خيب الله مقصدهم. والتحدي الراهن الذي تواجهه البلاد هو العدوان الخارجي الذي يستهدف تبديل هويتها وعقيدتها وتدمير نهضتها وهذا يستوجب على أهل القبلة الواحدة وقف التناطح والتراشق والتلاسن والنفرة إلى ساحات الفداء دفاعا عن الوطن والعقيدة تلك هي استحقاقات الوطن علي المواطن. خالد محمد إسماعيل