للمرة الثالثة نعيد الطرفة التي تقول القصة الطريفة أن رجلاً بخيلا جداً ذهب إلى السوق ليشتري بعض الأشياء ومن بينها اللحم.. ولأنه كان يحتاج إلى أن يتحرك داخل السوق كثيراً فقد اضطر بعد أن اشترى كيلو اللحمة أن يقوم بوضعه أمانة عند الإسكافي الذي كان يتخذ من أحد الأركان موقعاً لعمله.. وفي نهاية يوم العمل جاء الرجل البخيل ليجمع أشياءه التي اشتراها ولكنه لم يجد كيلو اللحمة ووجد بدلاً عنه (كديساً) نائماً قرب الكيس الممزق. وبالطبع فإن البخيل (إنقرن) في الاسكافي وأصرَّ عليه أن يرجع اللحمة.. والإسكافي قال إن الكديس هو الذي أكل اللحمة، وبالتالي فإن على الرجل أن (يتعوض) الله في هذه الخسارة.. والرجل أصرّ وألح على مسؤولية الاسكافي عن هذا الضياع.. بل ذهب أكثر من ذلك بأن أحضر ميزاناً ووزن الكديس فوجد وزنه يعادل بالضبط واحد كيلو جرام. وعند ذلك قال للاسكافي.. إذا كان هذا هو الكديس فأين اللحمة؟.. وإذا كانت هذه هي اللحمة فأين الكديس؟.. واستمر في المطالبة. وقصة الكديس واللحمة تذكرنا بأهلنا في (الاتصالات) فهؤلاء الناس يأكلون (قروشنا) بمختلف الطرق ومختلف المغريات مرة خدمات، ومرة نغمات، ومرة ما عارف شنو؟! حتى أن عدد المشتركين قد صاروا أكثر من عشرين مليون مشترك. ولم نستفد منهم شيئاً كثيراً. ونحن نعلم أن المشترك الواحد قد يكون لديه أكثر من جهاز واحد.. ودعنا نقول إن كل ثلاثة مواطنين يمكن أن يشتركوا في الجهاز الإضافي يعني لكل مشترك جهاز واحد وثلث.. وهذا يعني أن عدد الأجهزة التي في أيدي الناس لا تقل عن ثلاثين مليون جهاز.. وبالطبع يتم تجديد هذه الأجهزة سنوياً يعني نحن يا جماعة نشتري أكثر من ثلاثين مليون جهاز موبايل في العام الواحد.. وإذا كان سعر الجهاز في المتوسط فقد مائتي ألف جنيه بالقديم.. فهذا يعني أننا ندفع للأجهزة فقط مبلغ ستة ترليون جنيه بالقديم في كل سنة، وهذا مبلغ يقارب أضعاف إجمالي صادرات البلاد البترولية وغير البترولية.. أما الكلام الذي نتحدثه في هذه الأجهزة في حده الأدنى يعادل خمسة جنيهات لكل جهاز ولكل مواطن يومياً. وهذا يعني أننا نتحدث يومياً بمبلغ هو حصيلة ضرب ثلاثين مليون جهاز في خمسة آلاف جنيه بالقديم وهي تعادل مائة وخمسين مليار جنيه في اليوم الواحد.. أما الشهر فهو يعادل مائة وخمسين مليار مضروباً في ثلاثين يوماً. وتكلفة الكلام في العام الواحد تعادل مائة وخمسين مليار مضروباً في ثلاثين يوماً مضروباً في اثني عشر شهراً. وهذا بالطبع مبلغ ضخم جداً يحتاج إلى (الحسَّابة) ويكاد أن يكون أكبر من الدخل القومي. ورجوعاً إلى موضوع الكديس واللحمة فإن كانت الخدمات التي تقدمها لنا شركات الاتصالات سواء كانت خدمات اجتماعية أو تبرعات لا تعادل عشر المعشار مما ندفعه لها، فأين العائد من هذه الخدمات؟ وإن كانت شركات الاتصال لا تقدم للمواطنين أي خدمات.. فأين وكم هي الضرائب والرسوم التي تدفعها للحكومة؟ وإن كانت هذه هي اللحمة فأين الكديس وإن كان هذا هو الكديس فأين اللحمة؟.. عليكم اللحمة...