[email protected] سفارات ومحليات! بينما تطلق وزارة الخارجية حملة دبلوماسية نشطة مستفيدة من الإدانة الدولية الواسعة لاحتلال جنوب السودان لمنطقة هجليج، تغرد بعض سفاراتنا خارج سرب هذه الحملة الدبلوماسية،وينصرف اهتمامها الى تعبئة لا تؤثر في الرأي العام. و معلوم أن الدبلوماسية خط الدفاع الأول عن مصالح البلد،والسفارات أذرع فعالة إذا تحركت بفكر وخطط مدروسة،وعرفت كيف تخاطب المجتمع الدولي بلغته،وأحسنت استخدام الإعلام للتأثير والإقناع،بينما تكثف الخارجية جهودها تجاه المنظمات الإقليمية والدولية والدول الصديقة والشقيقة لكسب التأييد وإصدار القرارات التي تدين العداون، تنشغل بعض سفاراتنا بحشد السودانيين، انطلاقاً من الحماسة، وتكوين لجان متعددة الأسماء،وتنظيم ليلة أناشيد كبرى،ينشط فيها «المؤتمرجية» وكأنه اختبار للوطنية ،ليبدو الأمر في نهايته «نفرة» في محلية، وهذا قد يكون مطلوباً محلياً أما خارجياً،فإن الوضع لمختلف جدا،وإذا كانت جهود وزارة الخارجية تركزعلى دعوة مجلس السلم التابع للاتحاد الأفريقي، وأيضاً مجلس وزراء الخارجية العرب لمناقشة العدوان على هجليج ،فحري بسفاراتنا، وخاصة التي توجد في عواصم تلك المنظمات الإقليمية والدولية،أن تعزز هذا الاتجاه،وتلعب دوراً،وتنخرط في مبادرات لشرح موقف السودان من هذا العدوان، ولا تنتظر التوجيهات. بعض هذه السفارات ومنذ اندلاع الحرب اكتفت ببيان سطوره قليلة،في وقت كان ينتظر ان تكون مصدراً لوسائل الإعلام العالمية تمدها بآخر المستجدات، فدبلوماسية الفضائيات هي الأكثر أثراً في التأثير وشرح المواقف،ولم يفتح على القائمين عليها أن يطلوا عبر شاشات العربية أو الجزيرة أو سي ان ان ،وهنا يبرز دور واهمية الملحقيات الإعلامية،أو عقد مؤتمرات صحفية، وأن تكون على اتصال مع مركز القرار في الخرطوم، للوقوف على آخر التطورات ،لعكسها وشرحها للمسئولين في الدولة المضيفة أو لنظرائهم وخاصة في المحيطين العربي والأفريقي، ويمكن التأثير من خلال هذه الجهد.ليس مطلوباً استنساخ «التعبئة الداخلية»،لأن المجتمع الدولي له لغته،ووسائل مخاطبته،نريد أن تكون سفاراتنا ذكية،وقدراتها عالية،القضية أكبر من الشعارات،أو حشد جمع من الناس للهتاف،أو تكوين اللجان،ونحتاج لجهد نوعي، دبلوماسي وقانوني وإعلامي. هناك ممثلون ورؤساء حكومات يلجأون إلى الإعلام للتأثير على الرأي العام،بكتابة المقالات، أو الحديث للفضائيات، وقد تكون القدرات والإمكانات محدودة ولذا يكون العجز في المبادرة. المغتربون جزء من الوطن،يتفاعلون مع قضاياه،لم تحسن السفارات والحكومات المتعاقبة التعامل معهم أو الاستفادة من قدراتهم وخبراتهم،ومن يتولون تنظيم شؤونهم، يتجاهلونهم، فهذه الشريحة بها عقول وخبرات يمكن أن تقدم ما يفيد ويضع الوطن في مصاف الأمم المتقدمة،وهم رصيد كامل الوطنية واذا وجدوا التقدير والاهتمام فهم سفراء يمثلون البلاد ،الولاء للوطن يجري في الدماء،وإظهار الوحدة والتكاتف والولاء يتم بالعمل كل في مجاله، وليس بالانتماء السياسي، والفرز الضار،فاذا خلصت النوايا تعافى الوطن.