ما يلفت نظر الزائر للمنزل الرئاسي بالفاشر «منزل والي شمال دارفور عثمان محمد يوسف كبر» كما كتب على مدخله إلى جانب المباني والقصور الجميلة والخضرة التي تغطي معظم جوانب المنزل الوجود الكبير للغزلان التي يبدو انها عشقت حركة الناس والوفود لا سيما الزائرة، تتحرك هذه الغزلان يمنة ويسرى غير عابهة بتعقيدات دارفور، ولا إجتماعات الزوار مع صاحب المنزل الرئاسي ، ولكنها تجيد الوقوف أمام الكاميرات مع محبي أخذ لقطات تذكارية معها، وقل ما تهرب من الناس وكأنها تدري أن أصحاب الكدمولات «عمامات المحاربين الدارفوريين»، الذين يجوبون الفاشر وصحارى الإقليم على متن العربات الحكومية ذات الدفع الرباعي الحاملة للدوشكات وصناديق الذخيرة يوفرون لها حياة آمنة تبعد عنها تأثيرات عشاق الصحراء من أصحاب الكدمولات الأخرى،(المتمردين) الذين يتخذون من شرق الجبل حصناً وشنقلي طوباية والأراديب العشرة مكاناً للتحرك، فغزلان كبر كما يحلو للبعض أن يسميها تنام آمنة وسط 005 الف نسمة من الآدميين القاطنين بفاشر السلطان، فلم تكن هذه الغزلان يوماً شريكاً في السلطة ولا عضواً بحزب حاكم أو محكوم، بيد أن جنسيتها سودانية بالميلاد، فقط قدرها الجميل جعلها تدخل المنزل الرئاسي بدون إنتخابات ولا إنقلاب عسكري، فحب الناس لها وحبها للناس حظاها بعدم معرفة ما دار من حرب في جبل عامر محل التنقيب الأهلي عن الذهب الذي ملأ الدنيا ضجيجاً ولم يقعدها حتى اليوم، فروائح باروده بين المتصارعين حوله وتضاريسه الوعرة التي حجبت المعلومات عن الناس إلا بما جادت به قريحة رواتها للمخبرين ايضاً جعلت الغزلان تنأى بنفسها عن ميدان يكلفها حياتها ، ولكن الذي لا يشك فيه الجميع انها تأثرت سلباً بأحداث جبل عامر ، محظوظة هذه الغزلان التي شهدت صعود فريق مريخ الفاشر للدوري الممتاز وفريق البرج للدوري الممتاز وتمثيل السودان في الكرة الطائرة في البطولة العربية بلبنان.. وتعمقت فرحة فاشر أبو زكريا المحتفية بتطور ونمو فرقها بالتكريم الكبير والحضور الكثيف من نجوم الرياضة والمهتمين بالخرطوم لاستاد الفاشر، حيث المهرجان الضخم الذي تغنى فيه الفنان النور الجيلاني والفنانة أفراح عصام، ولعب فيه فريقي الخرطوم الوطني وفريق المريخ المحتفى به مباراة خرجت بالتعادل السلبي نامت على إثرها المدينة هادئة وهانئة، وتوزع الضيوف «522» ضيف على غرف المنزل الرئاسي الذي تتخذ الغزلان منه مقراً دائماً ، ولا تذهب منه إلى مقر يوناميد البعثة الأممية الأفريقية المشتركة ولا إلى مقر السلطة الإقليمية لدارفور الجميل الصغير الذي لا يضاهي حجم اسمها بقدر ما انه مركزها الرئاسي الذي هو ضمن أصول حكومة ولاية شمال دارفور التي تدير جغرافية ولاية مساحتها 292 الف كيلو متر أي ما يعادل 75% من مساحة ولايات دارفور الأربع، فالفاشر محل استراحة غزلان كبر تبعدها الحدود مع ليبيا 0002 كيلو متر شمالاً و604 كيلو مع منطقة الطينة غرباً و203 كيلو مع اللعيت جار النبي شرقاً و012 كيلو من جبل عامر الواقع غربها فهذا الحجم المترامي الأطراف للولاية يجعل الإستقرار الأمني تحدياً كبيراً أمام حكومة ولاية شمال دارفور. ٭ الحركات المسلحة فبرغم حديثه عن تحسن الأوضاع الأمنية والإنسانية بالولاية لم يخفي كبر الوجود لكل حركات دارفور في ولايته، فيقول ل (الوطن) انها تتواجد بشرق جبل مرة وفي الاراديب العشرة وشنقلي طوباية لكنه يرى أن الحركات المسلحة في أضعف حالاتها. وأن نشاطها ينحصر في قطع الطرق ونهب المسافرين والإعتداء على الدوانكي «آبار مياه الشرب» والإختطاف وانها لم تشكل تهديداً للأمن. ٭ جبل عامر جبل عامر يقع على بعد 012 كيلو غرب الفاشر يتبع لمحلية السريف يمثل ثاني أكبر تجمع سكاني بعد الفاشر 06 الف نسمة يعملون على ظهر الأرض في التعدين وآخرين تحت الأرض ، طول الجبل من الجنوب إلى الشمال 01 كيلو متر وعرضه 3 كيلو متر ، تضاريسه تظهر في شكل تباب أشبه بشكل جبل عرفات بخيامه المنصوبة حسب وصف أهل البلد لجبل الذهب والنار، وتتضارب الروايات حول أسباب إندلاع الحرب القبلية تحت سفح الجبل، لكن الراجح أن هناك روايتان الأولى تقول إن هناك من جاءوا من خارج الولاية، وبدأوا ينقبون عن الذهب ويتوزعون المساحة بينهم كأهل، ورأى سكان المنطقة أن هذه الأرض تتبع لهم فوقعت المشكلة، اما الرواية الأخرى فتشير إلى أن مجموعة من السكان جاءت لمنطقة التعدين وأبلغت الناظر بخطوتها لأنها لا تريد أن تقع في صدام مع مجموعة أخرى ترى انها متفلتة ووعد الناظر المجموعة بالحضور، ولكن وقعت الحرب قبل وصول الناظر ويقول والي شمال دارفور إن هذا الصدام بدأ بالعكاكيز ثم تحول إلى حرب بالسلاح ويرى انها حصدت نحو 002 قتيل لكن استطاعت السلطات فك الإشتباك، وأن التحدي أمام الولاية تنفيذ مطالب أهل المنطقة بإيقاف التعدين في الجبل الذي تحول لسوق رابحة تعج بالبقالات والحلاقين ومدارس قيادة السيارات، فالجبل بحسب التقديرات ينتج ما لا يقل عن 01 كيلو ذهب يومياً. ورفض كبر اتهام الحكومة بانها وضعت يدها على جبل الذهب وأبعدت المواطنين ، مشيراً إلى أن التعدين حق اتحادي ولكنهم لا يمنعون المواطنين ، كما لا يرى كبر صحة في إتهام مسؤولين بالتدخل في التعدين لإدخال شركات محسوبة على مسؤولين حكوميين بديلاً للمواطن، ويلاحظ أن مشكلة جبل عامر هي امتداداً للصراع القبلي الذي بدأ في الولاية منذ اغسطس المنصرم بأحداث كتم المشهورة «التي راح ضحيتها المعتمد وحصدت الحرب القبلية وقتها 22 نفساً وتلتها احداث مليط التي فقدت فيها ولاية شمال دارفور 21 من مواطنيها. ورغم عظم ووفرة المعلومات التي رشحت عن ما دار في جبل عامر إلا أن معلومات جمة يعتقد أن تكون غائبة عن أذهان حتى الذين شاركوا في حرب السفح القبلية. ٭ خلافات كبر والسيسي لا يرى كبر ما يراه الآخرون حول علاقته بالسلطة الإقليمية لدارفور فهو يرسم للعلاقات صورة طبيعية فيما يرى أن الآخرين الذين يتحدثون عن سوء علاقته مع سلطة دارفور الإقليمية التي يقودها د. التجاني السيسي يضخمون الأمر وأن حديثهم لا يعدو أن يكون ظنوناً لجهة أن مرجعية العلاقة بينه والسلطة الإقليمية الدستور واتفاقية الدوحة ، بيد انه أقرّ بأن هناك معالجات محتاجة لتفاهم للتنفيذ على الأرض كوجود وزارة تربية هنا وهناك، ويقول انه غير قلق لأنه يستمد قوته بالسلطة من موقعه كنائب لرئيس السلطة الإقليمية، وأن حزبه صاحب وزن أكبر في حصة اتفاق الدوحة من حركة التحرير والعدالة التي يقودها د. التجاني السيسي، ويحاول كبر النأي بنفسه عن الأحاديث التي تطلق حول خلافات مع السيسي، ويقول إنه شبع من كرسي السلطة التي حكم فيها 01 سنوات كوالي شمال دارفور فهذا يغنيه عن المناكفة، ورغم حديثه الذي يبدو فيه زاهداً عن التشبث بكرسي السلطة إلا انه لم يقفل الباب أمام الظفر بمقعد والي ولاية شمال دارفور لاحقاً إذا ما جرت انتخابات لانه يرى انه مقيد بمطلوبات حزبه المؤتمر الوطني فهو الذي يحدد له أن يكون وزيراً أو خفيراً ٭ بعثة يوناميد تبدو العلاقة بين كبر وبعثة اليوناميد موصولة بحبل متين أساسه التعاون والتنسيق ولا يشوبها شائب على النقيض من الغبار الكثيف الذي يلف حول علاقة كبر بسلطة دارفور الإقليمية ، فيرى كبر أن هذه البعثة الدولية مهمة للغاية فهي التي تقدم الدعم اللوجستي من طيران وعربات وغيره لحكومة الولاية. ويعتقد كبر أن البروفيسور ابراهيم قمباري الرئيس السابق لليوناميد نموذج في التعاون ويتطلع والي شمال دارفور لأن يلقى ذات التعاون مع د. محمد بن شمباس الخليفة الجديد لقمباري في رئاسة البعثة ، كما أن بن شمباس يرى حتمية التعاون واحكام التنسيق، فنفس الهم المتعلق بكبر يتعلق بدكتور محمد فكلاهما يريد أن يشهد استقراراً وتحسناً في الأوضاع الأمنية والإنسانية بولاية شهدت مقتل العشرات من جنود قوات اليوناميد التي رفض كبر وصفها بالضعيفة، ففي أول إجتماع لرئيس البعثة الدولية القادم من بروكسل مع كبر قال بالفم «المليان» إن دارفور شهدت تحسناً في الأوضاع الأمنية إلا في المناطق النائية، وكان حديثه استباقاً لنتائج عمله التي ينتظر أن تنبني على التعاون اللصيق مع السلطات الحكومية. ٭ سياسة في رياضة نعم أفلح مريخ الفاشر في الصعود للدوري الممتاز وكذا فريق البرج الذي سيمثل السودان في البطولة العربية للكرة الطائرة بلبنان واستحقا التكريم، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما المغذى من دعوة نحو 522 شخصية لها اهتمام بالرياضة لحضور مهرجان التكريم للفريقين، هل فقط للفت النظر والتعبير عن الفرحة على شاشات التلفزة ومايكرفونات الإذاعات القومية والمحلية وصفحات الصحف الرياضية، أعتقد أن الأمر تعدى هذا الجانب الإحتفالي بتقديم رسائل سياسية عبر الرياضية مفادها أن دارفور مستقرة وآمنة وفرقها تتقدم الصفوف، وهو إهتمام رياضي يعني أن المواطن متفرغ لحياته العادية لا يعرف الحرب بل يتقاسم الآخرين الآمنين كل شىء، وشخصت هذه الرسائل عبارات كبر أمام الإحتفال والتي قال فيها إن البعض ظن أن المعاناة التي عشناها في دارفور هي ضباباً وشقاءً، ولكن تحت الضباب كان فجراً نقياً وولدت هذه الإنجازات من رحم المعاناة. ٭ شية قندهار في الخرطوم هناك منطقة للحوم المشوية على الطراز السوداني تسمى قندهار لكن يبدو أن اسم قندهار الفاشر صيته ذائع لأن شواه مذاقها خاص للقاصي والداني وللزائر والمواطن، فقطع شك أن هذه الشية في قندهار يتسلل من أجلها المتمردين خلسة تاركين كدمولاتهم ودوشاكتهم وعرباتهم ذات الدفع الرباعي ليستطعموا منها وشأنها في ذلك شأن مياه «حجر قدو» التي يقول اهل الفاشر من شرب منها سيعود للفاشر طال زمنه أم قصر ، فثروة الفاشر الحيوانية بالأخص الضأن الذي يشكل المادة الرئيسية للمائدة المقدمة يتغذى على مائدة عشبية لا تعرف للسماد والمخصبات مكاناً.