أجمع كثير من التربويين على أن إلغاء السلم التعليمي السابق - نظام ثلاث مراحل واستبداله بسلم ثنائي من مرحلتين 3-8 تمخضت عنه سلبيات كثيرة وتداعيات كارثية حلت بالعملية التربوية، وسرت في جسم التعليم العام كسريان النار في الهشيم، من أخمص قدميه إلى قمة رأسه، ومن صور هذا التدني ما أشارت إليه الصحفية الفضلى هويدا مكي التحقيق الذي تم نشرة في جريدة الصحافة العدد 8686 بتاريخ 31/9 تحت عنوان (معلم بلا تأهيل أقم على التعليم ماتماً وعويلا) ويبدو أن ما شجع الصحفية على كتابة هذا التحقيق ما أعلنته من شفافية حديث السيد/ حاج آدم نائب رئيس الجمهورية في المنتدى العلمي الذي أقامته أمانة التعليم بالمؤتمر الوطني، فقابله التربويون بتأييد وإعجاب معتبرين الإعتراف بالقصور والسلبيات عندما تصدر من القيادات تعتبر خريطة طريق مثلى للاصلاح بالمراجعة وتلافي الفشل ، وبهذا المفهوم بسطت الصحفية على بسط البحث الأسئلة التالية: لماذا لم يعد المعلم مؤهلاً بل فاقد تربوي؟ ومن يتحمل المسؤولية؟ كيف السبيل إلى عودة المعلم السوداني لسيرته الأولى عندما كان متفوقاً في الداخل ومرغوباً خارجه. لا أظن أن أي مواطن حق يرى التعليم يترنح ويتهاوى ويقف موقف المتفرج مكتوف اليدين دون أن يمد يده لينهض التعليم قوياً كما كان من قبل بماله أو قلمه، وقد أخذت وزارة التربية توالي إعلان رغبتها لإعادة السلم التعليمي إلى ثلاث مراحل بعبارات واضحة لا لبس فيها ولا غموض مثل الخبر الذي ورد في صحيفة الصحافة العدد 3656 الموافق 2 نوفمبر 1102 اقترح فيه خبراء مختصصون في مجال التعليم تبني سلم تعليمي 4/4/4 ووافق السيد/ وكيل الوزارة د. معتصم عبد الرحيم واعتبر أن المتقرح بتبني سلم تعليمي يتألف من 4/4/4 هو الخيار العلمي المتاح ، وأحسب أن الموافقة على مثل هذا الاقتراح عندما يصدر من شخصية قيادية مؤهلة تأهيلاً عالياً في مجال عملها مثل الدكتور وكيل وزارة التربية والتعليم ، هذا يدخل بلا خلاف ضمن القول بان الإعتراف بالقصور والسلبيات عندما تصدر من القيادات العليا تعتبر خارطة طريق للمراجعة وتلافي الفشل وبهذا المفهوم فان تبني السيد وكيل وزارة التربية للسلم التعليمي يتألف من 4/4/4 كما صرح بذلك يعني الإعتراف الضمني بفشل السلم التعليمي الحالي، ويعزز القول بان تلك السلبيات والتداعيات الكارثية التي طفحت بعد الغاء السلم السابق هي المولود الشرعي للنظام التعليمي الحالي 8/3 نظام المرحلتين ويثبت القول بان نظام الثلاث مراحل الذي سارت عليه وزارة التربية عدة عقود ثم استبدلته بالسلم الحالي 8/3 ثم عادت تبشر باعادته على استحياء هو نتاج معاناة واكتساب خبرات أمدت طوال سنين التعليم النظامي في السودان حتى استقر التعليم على ثلاث مراحل ابتدائي متوسط ثانوي حسب التدرج الذي فطر عليه الخالق بني آدم من طفولة مبكرة إلى متأخرة إلى مراهقة وليس من الحكمة دمج هذه المراحل في مرحلة واحدة، أو دمج مرحلتين في مرحلة واحدة لان الثلاث مراحل تمثل ثلاث ركائز يقف عليها ويرتكز بنيان التعليم العام. فكل مرحلة لها سايكلوجيتها وأهدافها العامة و الخاصة وهيكلها الاداري ، وكل مرحلة تقوم بتأهيل وتدريب معلميها تأهيلاً وتدريباً مقدراً بالقدر الذي تناسب مع أعمارهم وقدراتهم، وتزيد عليه تجويداً للعمل وعينها مفتحة على الأخرى في تكامل وتنافس، وفي توادد وتراحم وتفاعل يجري في المسار الحراك التربوي العام، وهذا هو الذي جعل نظام التعليم القديم متفوقاً بالداخل ومرغوباً في الخارج وخلق تراثاً ثراً بوزارة التربية ومكاتب التعليم بالمدارس بمعلميها الذين جابوا البلاد طولاً وعرضاً وركبوا اللواري وركبوا القطارات والجمال والحمير والثيران ودخلوا الغابات وكراكير الجبال حاملين مشاعل النور التي على ضوئها يتعلم الأبناء وينشدون أناشيد الوحدة والحرية وحب الوطن. وموافقة السيد الوكيل بتبني سلم تعليمي من ثلاث مراحل وتزكيته له بقوله انه الخيار العلمي المتاح تستحق كل التقدير والتعضيد ويبقى السؤال متى تصبح الموافقة إلى قرار قابل للتنفيذ؟ والمشكلة دائما تكمن في التنفيذ! فكم من سنين مضت ووزارة التربية تعلن عن نيتها لتعديل السلم العالي؟ وكم مضى على آخر مؤتمر للتعليم عقد بقاعة الصداقة عقب نهاية المؤتمرات التي عقدت بالولايات وقيل فيها وقتها إن توصيات المؤتمر ستطرح على مجلس الوزراء كما تعرض على رئيس الجمهورية لاجازتها، ولما كانت مقولة (إن المرحلة المتوسطة لن ترجع إلا إذا رجع اللبن إلى الضرع) ما زالت تطل في آذاننا، والمرحلة المتوسطة رجوعها رهين بارجاع الثلاث مراحل فهل نقول عش يا حمار لمن يقوم البرسيم؟ لاسيما اننا قرأنا خبراً في جريدة الصحافة العدد رقم 5562 نوفمبر بالصيغة الآتية: اقترح خبراء ومختصصون في مجال التعليم إعادة النظر في السلم التعليمي الحالي بواقع 4/4/4 وتقسيم مرحلة الأساس إلى قسمين شريطة إلا يكون بينها امتحان بتحليل ذلك يتضح أن مرحلة الأساس ستبقى ثماني سنوات كما كانت بالسلم التعليمي الحالي بمرحلتين 8/3 وليس ثلاث مراحل 4/4/4 وهذا ضحك على الذقون واستخفاف بالعقول وبالدارجي استكباش غير مقبول، ومن منطلق المهنة وإيماننا الراسخ بأهمية عودة المرحلة المتوسطة لتكتمل المراحل الثلاث بعودتها وتعود للتعليم عافيته فنسأل الله أن يوجه السيد الوكيل لإتخاذ الإجراءات الاولية للبدء في إتخاذ القرار الكفيل بإعادة المراحل الثلاث سواء أكانت 4/4/4 أو 6/3/3 لأنه في الحالتين ستعود السنة التي انتقصها السلم الحالي فيصبح التعليم العام كما كان 21 سنه وتعود المرحلة المتوسطة لتلعب دورها الفاعل كاملاً بلا نقصان. وأخيراً نقول كما قال دكتور موسى محمد عبد الرحيم في مقالة له نشر بجريدة الصحافة أول يوليو 1102 قال إننا لن نكل ولن نمل من المطالبة لرجوع السلم التعليمي القديم نظام ثلاث مراحلا 4/4/4. وفي هذا الإصرار قناعة بأهمية المرحلة المتوسطة وعلى الله قصد السبيل.