[email protected] في الترحال والتجوال العديد من الفوائد والمنافع ، والترحال داخل أو خارج الوطن أو النفس يعنى أن هناك مراحل جديدة للتأمل ومؤشرات كثيرة لإفادات وتساؤلات وإجابات قادمة تصب في مجرى السفر ، ذلك المكان البعيد أو الزمن الطويل الذي يشكل الغياب عن الأهل والعشيرة والأحباب ، ولقد عرف الإنسان منذ ميلاده التجوال بحثاً عن الرزق أو العلاج أو السياحة أو التعليم أو بحثاً عن أهل سافروا واستقروا ولم يعودوا إلى أصيل الأوطان ولعل الغناء السوداني والقصص والحكاوي والأحاجي والأحاديث تكتظ بالعديد من هذه النشاطات وهى إنفعالات طبيعية يرويها جيل اليوم إلى جيل الغد وتصبح تاريخاً وذكرى وسلوى لأيام قادمات ، ويصعب على المسافر أو الراحل إلى اقاصى الدنيا أن يترك دياره وأهله وعشيرته وأحبائه لولا ظروف فرضتها الحياة بكل قساوتها وقوانينها التي قد تكون خارج عن إرادة المهاجر ، وكم من الدول فر أبنائها المهاجرون وتشبعوا بتقاليد وعادات وسلوك وصارت تلك البلدان الجديدة أوطاناً لهم ولكن الحنين يراودهم دوماً إلى مسقط الرأس وأرض الجدود حتى وإن لم تسمع بها تلك الأجيال التي استوطنت تلك البلدان وتغيرت عاداتهم وأنماط حياتهم نتيجة لهذا المناخ الجديد ، والناظر إلى المدن والدول التي تكونت يلحظ بعين فاحصه تلك التغيرات والتقارب الشديد بين الوطن الأصلي الأم وتلك الديار التي تربو فيها وصارت لهم بلدان ثانية ، والفضاء الواسع يشهد كل يوم جديد استقبال العديد من البشر هجروا الديار وعانقوا تلك لأسباب مختلفة ويظل الوطن دوماً في حدقات العيون وفى حالة تذكر لا تمحوه المتغيرات مهما كانت المغريات والحنين يسوق إلى التشوق وعربدة الذكريات التي .لم تنفك في الخواطر ، الشعراء والمرهفين والأدباء أكثر الناس إحساساً بذلك الانفعال وعلى مر العصور وفى الهجرات المختلفة تراهم قد ترنموا (نقل فؤادك حيث شئت من الهوى وما الحب إلا للحبيب الأول ) والحبيب الأول هو الوطن أو البكاء على أطلاله بعد أن عملت الطبيعة أعمالاً وصارت تلك البلدان أطلالاً تستدعى الذكرى المسورة بالحنين والشوق والرفاق ،( قفا نبكى من ذكرى حبيب ومنزلٍ) والعديد من الشواهد التي تخلد عظمة المكان والزمان في نفوس المرهفين . عرفنا كلنا معنى الترحال من موقع إلى أخر وتكبدنا في سبيل ذلك العديد من الصعوبات وهى تغيرات الأحوال من حال إلى حال ومهما استعصمنا بالبعد فلا محال إلا بالرجوع إلى الأوطان وهى واجب يظل يدغدغ فينا دوماً إحساس العودة ، والطيور المهاجرة تعود إلى أوطانها في رحلات قارية وما بالك بالإنسان الذي وطن لنفسه على التوادد ووثق لحياته بالعديد من المشاريع الوجدانية والهجرة مهما كانت فهي مرحلة مؤقتة وحينها يعود الجميع إلى دفء الأوطان وحضن الأرض التي خرجوا منها وكم من الذين توفوا خارج أوطانهم وكانت أخر وصاياهم أن يدفنوا على ثرى هذا الوطن الحبيب ونردد دوماً بأنه لا بديل للوطن مهما كانت المتغيرات والصعوبات التي تواجهنا يومياً ، فلأوطان دين فوق الجميع رايات وأعلام ولا ملجأ منه إلا إليه ، بالعزيمة والإصرار نبنى الأوطان وبالأخلاق والتفاني نبذر بذرة الوطنية في أبنائنا وجيل الغد وتلك مسؤولية لا يتحملها أحد بل الجميع وذلك واجب لا مناص منه وللأوطان دين وواجب مستحق على الرقاب . سطر أخير :- شكراً جدا (للرائع مدني النخلي ) والذي عرف مرارة الاغتراب والهجرة ( بهاجر إليك وراجع ليك وما قايل يجينى زمن حكاياتي مع الحنين بتطول بهاجر ليك عشان ألقاك في لون الصباح وأرتاح ) إلي أن نلتقي .... يبقي الود بيننا