الذي يحدث في مصر يهز كيان الأمة المسلمة كلها لأنه ليس المقصود من الإرباك السياسي والفرقة الفكرية والتناحر المجتمعي والغوغائية الفوضوية وشلل سوق العمل والتسكع في الحياة عامة، المقصود من كل ذلك إحداث مناخ ينمو فيه الفكر العلماني الحديث والقائم على عبادة الذات واستنهاض ملذاتها فحسب. وهي أمور متنوعة وعلى حسب هيئة الفرد الذي يمارسها وذات علاقة بقيمه وعمره وثقافته وتجاربه، وهي تخدم كل ذلك بجسارة وهو فكر يدعو لاطلاق النفس البشرية على سجيتها الفطرية فتغترف ما تريد بلا ضوابط ثقافية أو عرقية أو دينية.. ولننظر نتائجة في اوربا اليوم قلب موازين القيم حتى أباح الناس ما لم تفعله البهائم والسوائم، ولا يخشى الفكر العلماني ورعاته سوى الأديان وهم يعلمون أن الدين الاسلامي خلاصتها ومحصلتها وتبارك ربنا القائل (اليوم أكلمت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) سور ة المائدة الاية رقم ثلاثة وعلى ذلك استهدف علمانيو اوربا هذا الدين وشرعوا ليخلقوا من كيان معتنقيه خللا فكرياً، وذلك بقلب المفاهيم وبدأوا بالإجتماع كعلم حديث والسياسة لحساسيتها وأثرها في حياة الناس وعملوا على مزج مساليهما في أطروحات قدموها في صور بهية لبلاد المسلمين وأجلها الأمة العربية، وقد فتنا بها دون التقصي لندرك أهدافها التي تسعى لترسيخها في كيان الأمة العربية المسلمة، وأول تلك الأهداف صرف الفكر العام نحو إعتناق التوجه الغربي في كل جوانبه الثقافية بضروبها المختلفة الأدبية والفنية والعلمية، تم تأطير ذلك بالفكر السياسي القائم علي حرية الاختيار والتفكير المنطلق في إطار ما أسموه بالفعل الديمقراطي باسلوب المجتمع الذي يقوده ما يسمى بالفكر الجمعي، وذلك بإعتبارالفرد أي الانسان تابع للفكر العام مهما كان. وتم إدخال هذه الإتجاهات لشعوبنا المسلمة تحت غطاء الثورات الشبابية أو الربيع العربي ذلك الذي ساعد الحكام العرب على إنجازه تماماً لصنوف المعاناة التي يعيشها الشباب العربي والممثلة في اهماله وعطائه وفقدانه للأمل وكانت تلك سياسة خاطئة تماماً في اقطارنا العربية المسلمة وثاني أهداف العلمانية الغربية هو إظهار الدين الإسلامي في صور مخيفة أرعبت الشباب العربي لعرفها المحكم من الأعداء الغربيين ودعاة العلمانية وإنبرى للدفاع عن الدين رجال خلص وأمناء في العقيدة والأداء ولكنهم وقعوا في خطأ جسيم هو التقوقع والإنكفاء على الذات تماماً مما سهل تصنيفهم كالمنظمات السرية او الارهابية، وذلك كيد الفكر العلماني دعاته من البطش بهم وكما حدث في كثير من الدول العربية والإسلامية وكان أشده احكاماً وتنفيذاً ماحدث في مصر الشقيقة، ومع روعة ثورتها التي بدأت تأتي ثمارها بالإنجياز الشديد للوطن المصري وإرساء قواعد الشورى وتكوين مؤسساتها السياسة إلا أن التنظيم العلماني استطاع استثمار أخطاء الحكام الجدد وعظم شأنها فأثارالشعب المصري عليهم وجاءت النتائج أبشع ما تكون ونلخصها في الآتي: - استثمار حركات الشباب كحركة تمرد المتطلع شبابها للاهتمام به ولم يجده، وجعل منها دهاقنة العلمانيين وهم كثر إلى جانب فلول النظام السابق أن يكونوا فريقاً جارفاً ومعادياً للحكام الاسلاميين الجدد مع رفع شعار «أرحل لا نريد حكم المرشد» وبذلك تمكن العلمانيون القدماء من اظهار شعار معاداتهم للاسلام وهو المقصود لا الدكتور الكريم المظلوم محمد مرسي اطلاقاً. - تهيئ الموقف المصري ليكون حرباً أهلية بين اهلها الكرام وبين فصيلين منهم تجمعهم القربى وصلات الرحم والأصل والدم وهذا أبشع أسافين دعاة العلمانية في مصر وقادتها الذين أظهرتهم الأحداث. - استغلال حرية التظاهر والتعبير لخلق غوغائية أزعجت رجال الأمن وعلى رأسهم الجيش وأوقعهم في خطأ جسيم وهو وأد الشرعية والدستورية التي أتت برئيس ارتضاه الملايين في اختياره شهد له العالم بالنزاهة وان اسموه بالفعل المضاد للديمقراطية أقول انه تحطيم لشورى المسلمين وأمرهم شورى بينهم وهذا ما تسعى إليه العلمانية دائماً بضرب ثوابت دين الأمة. وأقول لاهلي في شمال وادي النيل الارض المحروسة بعناية الله سبحانه واني أذكرهم بعظمة مصر منذ الأذل وقد اختارها الله لبعض أنبيائه ورسله لإرساء قواعد الأديان والتي أتمها بالاسلام ولد بها موسى في عهد أعتى حكامها من الفراعنة، وقد دأب على قتل اطفال بني اسرائيل الذكور، وأنجاه الله على يديه وجاءه واخوه رسولا من رب العالمين وحين طغى وتجبر وأراد اهلاكه موسى واخيه وقومهما وهم يقفون على ساحل البحر الاحمر بمصر فلقه الله للمؤمنين فكان كل فرق كالطود العظيم كما شهدت مصر من قبله نبي الله يوسف وأسرته ومصر التي جاءها سيدنا عيسى عليه السلام وأمه بالدين المسيحي الكريم ومصر قد زخرت بالأولياء الأنقياء والصالحين الداعين التوحيد والذين رسخوا فيها قيم الأديان السماوية والتي جعلتها أمة ذات تراث عظيم ملئ بكل رصين وجميل، ومصر هي قلب الأمة العربية والاسلامية ولاحداثها اثارها على شعوبها ولذلك كان استهدافها أكثر من شعوب المنطقة وإن احداث الفتن فيها يسهل مهام النوايا العلمانية الغربية المتربصة بالمسلمين، ولذلك أصبح لزاماً أن يحسن المسلمون التفكير بعمق ونظر وكبيرين والإنتباه الشديد لعملاء ودهاقنة الفكر العلماني المدمر لكل قيم المسلمين، من الشباب الغض سلاحاً تدميرياً وباساليب عديدة واهماً اياهم بان دعاة الاسلام في أوطانهم هم من يحطمون أحلامهم ويقفون لتطورهم بالمرصاد، وابتدعوا لهم اسماً جديداً لدينهم (الاسلام السياسي) حتى يسهل تصنيف تلك الفئة التي تدعوا لقيم الأديان داخل المجتمع وسياسته وحلت بينهم الفرقة وتشابكت المصالح والأهواء والأيدي ووقعت الفتنة والتي يجب وأدها في مهدها بالتعجيل بالآتي: - لا تعزل أو تقصي فصائل المسلمين من حركة المجتمع ولا تستهدف ولا يزج بهم في السجون والمخابي والمعتقلات وتلك من نوايا أعداء الاسلام لاحداث الفتنة واثارة الأنفس التي تستشعر الظلم الإجتماعي. - ألا يرفع الاسلاميون شعار الدعوة للمعاداة والانتقام والمعاندة والعنف. - بسط الشورى والتحاور بين الفرقاء وخاصة شباب الفئات المختلفة، وذلك وصولا لصورة تعالجة هدفها وحدة الأمة المصرية والحفاظ عليها. - أن يكون الاعلام وطنياً وداعياً لإعلاء القيم الأصيلة في مصر لا بوقاً للحكام أياً كانوا وتمجيدهم وشجب الآخرين وإن أحسنوا. - أن يقوم الرئيس المكلف الجديد والجيش والازهر والكنيسة بتكريم الأستاذ الدكتور محمد مرسي والدكتور قنديل والوزراء لما بذلوه من جهود في الفترة السابقة، وذلك هو البلسم الشافي لصدور الفرقاء وعودتهم لدورهم واعمالهم وإنهاء الإحتقان السياسي الحالي ويتكرم عزيز قوم ذلة طمع الآخرين فظلم. - تم اخيراً التعجيل بالانتخابات للمؤسسات الدستورية واحترام من يختاره المصريون أياً كان اتجاهه الفكري ويتم ذلك تحت رعاية دولية وافريقية وعربية. وبهذا يفوت الشعب المصري النبيل الفرصة على احداث الفتن من الداخل والخارج وبقلب الصورة المتأججة والداعية للفتنة والإقتتال إلى حركة شعبية وثورية وعاجلة لبناء الأمة المصرية الرائدة، ومصر التي هي عنوان الخير والمعلم شعبها للآخرين كيف يبني الشرفاء أوطانهم لا يمكن أن يسفك أبنائهم دماء اولى القربى والأرحام، والدماء حرباً حفظها لبناء الأمة والزود عنها إن دعا لذلك داع ولا يمكن أن يريقها أبناء مصر في ميادين التحرير ورابعة العدوية والاسكندرية لان مصر هي ملاذ الآمنين من البشر. سادتي هذه صيحة حق ودعوة صفاء أرسلها لاهلنا في مصر الشقيقة ونقول لهم إن قلوبنا والله تتمزق كلما مس الشعب المصري اي ضرٍ كان فارعوا مصر واحفظوها من الضياع والذي يعده لها الأعداء من كل حامل فكر علماني لانها داعية لشعوب المنطقة العربية والأمة الإسلامية لكل خير وسؤدد وهي الرائدة لهم وفيما حدث في مصر أبلغ العظات لها في ليبيا والجزائر وتونس والسودان وفي أي بلد رفع راية الدعوة للنهوض الإسلامي الكبير ، لأن فيها من الداخل بعض المتربصين والمارقين وهم رؤوس حراب الغرب العلماني المسعور والذي يهمه زعزعت عقائدها وسحق طمأنينة شعوبها من أبرز أهدافه وعلى الذين رفعوا عالية الدعوة الإسلامية «الإسلاميون» وسط شعوب العرب أن يخرجوا بنيها من «التقوقع الذاتي» «والشخصنة الذاتية» ودعوة إن لم تكن منا فعدونا فهذه فرقت جموع المسلمين في كل بلد عربي ومنها السودان. فالنعف عنها فالوطن للجميع ويفديه بنوه بالمهج الغالية.. ودمتم