تكفل الدولة لمواطنيها حرية الحركة عبر وطنهم ولكن بقاؤهم في المدن الكبرى لابد له من ضوابط يفرضها عملهم وسكنهم، فلا يسمح بالتعطل أو التسول أوالتكدس بلا هوية ولا السكن العشوائي خارج تلك المدن، وتميزت ولاية الخرطوم باتجاه الهجرة الداخلية من كل ولايات السودان إلى مدنها الرئيسية الثلاث حتى امتدت أريافها لمئات الأميال وطفحت بالمنازل العديدة العشوائية وخارج نطاق التخطيط وكأن الدولة تنتظرهم أن يخططوا ثم تعاقبهم بالهدم وإزالة مساكنهم وتركهم في العراء أو عرضة لغضب الطبيعة المنفذة لأقدار السماء وهيهات لهم من مطر هتون ساقه الرحمن ليروي أرضاً يباباً اعتدى على مسالكها الإنسان المهاجر والذي اعترض مسيرة السيل الجارف كما فعل في شرق النيل، والسؤال الكبير والذي يبرز دائماً عند كل مأساة تصيب الناس كمحنة سيول شرق النيل هذه وقد قتلت وشردت ومزقت كيان آلاف الأسر فأين كان كل مسؤول عن هذه الهجرات إلى هذه المنطقة من في الرعاية الاجتماعية والعمل والداخلية فأن تستباح المدن عامة والعاصمة القومية خاصة لا علم واحصاءات الرعاية الاجتماعية والشرطة وأن ينكدس القادمون العاملون في مقاهي الأسواق والموصلات والميادين العامة والمنتزهات وليلاً وسط المساكن بلا علم وزارة العمل ثم يبنون ويسكنون في منازل ويكونون أحياءً كبيرة وممتدة المساكن ويعيشون خارج نطاق التخطيط العمراني وتطوير القرى فكل هذا يشكل مأساة لعدم وجود فعالية أجهزة عظيمة الأهمية الرقابية كالرعاية الاجتماعية والعمل و الاسكان والداخلية والتخطيط والمحليات المنوطة بها في ولاية الخرطوم بحمد الله أجهزة كثيرة ومتميزة ومنطوط بها القيام بما أسلفته حول الهجرة الداخلية نحوها ثم البقاء عشوائياً بها ولديها من الوسائل والسلطات وما يمكنها من تقنين تلك الهجرة الداخلية وضبطها تماماً وتفعيل البطاقة الشخصية وبطاقة العمل. بصراحة لأنها الضابط الأساسي لمعرفة هوية الفرد ومن أين أتى وماذا يعمل وأين يسكن وذلك درءاً للجريمة وتأميناً للقاطنين وتنظمياً لتلك الهجرات ويأتي في أعقابها السكن العشوائي والذي سوف ينحسر حين يعلم المسئولون من الذي يشيده أوسوف يسكن وبذلك تحصي المدن وتضبط تماماً. ثم نجيء لحكومة ولاية الخرطوم وإلى وزارة التخطيط العمراني فيها ونسأل إلى أي مدى مهد مهندسوها استراتيجيات خططها العمرانية وما سيناله ريفها من ذلك التخطيط مستقبال؟ وسؤال ملح لماذا يعتدي الناس على أراضيها دائماً بالسكن والاستثمار بعيداً عن رقابتهم، لابد أن يعلم أي قادم للولاية وغيرها ما له وما عليه، ولكل أمر حدود وضوابط.. وأقول ذلك وأنا على يقين أن القوانين واللوائح والضوابط التي تضع الأمور في نصابها موجودة فعلاً وبحاجة للتفعيل لا غير. ما حدث في ولاية الخرطوم أمر محزن للغاية ويقف كدليل على عنصرالمفاجأة لجميع فقد جاءت السيول والسكان يعلمون أن مساكنهم مشيدة في الخيران التي تجري فيها وفاجات رجال المحليات على مختلف درجات مسئوولياتهم لأنهم تركوا الناس يفعلون ما يريدون من المباني العشوائية، وأما في داخل المدن فحدث ولاحرج فلا مجاري للمياه الناتجة عن الأمطار ولا تجديد لمسارتها وحتى المشيد من الصارف فلا يعمل كما ينبغي له أن يعمل لإهماله أو سوء تصرف المواطنين حياله بوضع النفايات. الأمر برمته بحاجة إلى وقفة مع النفس، فماذا دهانا كسودانين، فقد غدونا إتكاليين نعجز عن أي أداء جماعي مثلاً كتصريف مياه الأمطار أمام منازلنا أونغيث ضعيفا أوملهوفا في أحيائنا فماذا دهانا أيها الناس فقد كانت روح البذل كالنفير بلا استنفار من موروثاتنا وتقريبا تخلينا عنها وعلى مجموعات الشباب خاصة مراجعة أنفسها كثيراً ونذكر ماذا كانت تفعله أجيال الآباء وكافة كبارأسرهم لأن هذا الوطن عزيز علينا جداً وأمر آخر مذهل وعيب كبير ألا تكون هناك قواعد المعلومات مع توفر المتخصصين في مجالات البرمجة وهو أمر عام فلا توجد في دور الحكومة كالمحليات أو الوزارات الخدمية والله ؤنها لمفخرة أن تنبري مجموعة من الشباب وتعد موقعاً في عمارات الخرطوم لإعداد قاعدة للمعلومات تنير الطريق لمنكوبي الأمطار في شرق النيل وبها تظهر جليا المطلوبات والاحتياجات وكيفية تفعليها وأنها مجموعة طوعية ونقول لهم نضر الله سواعدكم وزاد همتكم ورعاكم يا خيرة الشباب الكريم وهذا لعمري يبعث الأمل فينا لنقول إن أولادنا مازالوا خير كبيراً إن شاء الله طالما بينهم أمثال هؤلاء.