في وقت ارتفعت فيه حدة التوترات في انتظار قرار نهائي بشأن رفع الدعم عن المحروقات الذي قدمه وزير المالية علي محمود عبد الرسول وسط قطاعات المجتمع والشرائح الضعيفة التي وضعت أيديها على قلوبها خوف إجازة القرار الذي اعتبره البعض بمثابة الصدمة لما ينجم عنه من ارتفاع للأسعار وغلاء لايقتصر على الوقود والمحروقات مسار الجدل وإنما يتعداه إلى كل السلع الأخرى المرتبطة بصورة مباشرة وغير مباشرة بالوقود ،مما يثقل كاهل الشرائح الضعيفة التي ظلت تعاني من ارتفاع الأسعار منذ بداية رفع الدعم في العام قبل الماضي. ارهاصات ومصادر نقلت عن القطاع السياسي للمؤتمر الوطني في اجتماعه يوم الأحد دعوة أصوات إلى تأجيل قرار رفع الدعم إلى أجل غير مسمى؛ حتى يتم المزيد من التشاور مع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني وقطاعاته المختلفة، وهو ذات ماذهب إليه السيد رئيس الحمهورية في خطابه أمام مؤتمر الشباب، حيث قال إنهم لايتخذون قراراً يتعلق بمصير الشعب إلا بالتشاور مع كافة قطاعات المجتمع والقوى السياسية. ضغط سياسي وشعبي منذ أن بدأت تسريبات الحديث عن رفع الدعم عن المحروقات بدأت حالة من الإرتباك في الشارع والمشهد السياسي والاقتصادي ، حيث تخوفت قطاعات واسعة في الشارع من هذه الخطوة ووصفها بعضهم بالكارثية، ومانقل لقيادات المؤتمر الوطني عن رفض الشارع شكّل ضغطاً على صناع القرار في الحزب، إضافة إلى ضغط القوى السياسية الرافضة للقرار، وفي ذات الوقت تنتظر اجازته لإستغلال تذمر الشارع واخراجه في مظاهرات رافضة محاولة لإسقاط النظام الذي فشلت المعارضة في تحريك الشارع ضده طيلة العقدين الماضيين سوى بعض التظاهرات المحدودة التي أعقبت الزيادات الأولى، ولهذا فإن تيار التعقل والإنحناء للعاصفة سيعمل على تأجيل القرار إلى وقت آخر مواتٍ وتفويت الفرصة على المعارضة. امتصاص الصدمة الأستاذ عمر آدم رحمة رئيس لجنة الصناعة بالمجلس الوطني قلل من تخوف المواطنين من رفع الدعم عن السلع والمحروقات، وقال إنه ليس بالحجم الذي يروج له التجار وما تحمله الشائعات، معولاً على وعي المواطن في امتصاص الأمر، فرفع الدعم بحسب ما هو متفق عليه سيتم تدريجيا، وذلك في إطار حزمة من السياسات الاقتصادية التي تؤدي إلى ترشيد الإنفاق الحكومي، وزيادة الإيرادات، وتوسيع المظلة الضريبية وإحكامها منعاً للتهرب الضريبي، إلى جانب إعادة الهيكلة. وهناك تصريحات مشابهة لتصريحات رحمة من قادة في القطاع السياسي بالحزب والقطاع الإقتصادي أيضاً أكدت أن المواطن سيتقبل القرار بإعتباره جراحة لابد منها. تباين الرؤى الوضع في المؤتمر الوطني الحزب والحكومة حول قرار رفع الدعم عن المحروقات لايمكن أن يوصف بأنه يشهد إنقساماًَ ولكنه على أقل تقدير تباين في الرؤى ومطالبات من البعض بالتأجيل، وآخرون بسرعة تنفيذ القرار لإكمال حلقات سياسة التحرير الاقتصادي ومطلوبات المؤسسات الدولية البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، حيث تطالب هذه المؤسسات الدول التي ترغب في الإستفادة من دعمها بتحرير السوق وطرح السلع بأسعارها الحقيقية ورفع الدعم عن أي سلعة، ويعتبر الأستاذ عبد الرحيم حمدي وزيرالمالية السابق هو الأب الشرعي لهذه السياسة الاقتصادية وداعم لها الآن في القطاع الاقتصادي للمؤتمر الوطني، ويشاركه وزير المالية ودكتور صابر محمد الحسن ذات الفهم والرأي بضرورة رفع الدعم عن المحروقات ، فيما تطالب قيادات أخرى بضرورة إرجائه إلى وقت آخر. ارتياح التصريحات الأخيرة حول تأجيل قرار رفع الدعم قُوبلت بإرتياح مؤقت وسط الشارع بإعتبار أنها ازاحت هم الزيادات التي كانت ستصعِّب الوضع وتعقده أكثر من ما هو حادث، ليكون فوق طاقة الفئات ذات الدخل المحدود، وسيتعين على مجلس الوزراء والبرلمان دعم الإتجاه إلى التأجيل والبحث عن بدائل أخرى أوانتظار ماتحمله الظروف، ولكن تبقى كل الخيارات بالنسبة للحكومة والحزب في غاية الصعوبة.